عاجل
الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
نصر العاشر من رمضان وجمهوريتنا الجديدة

نصر العاشر من رمضان وجمهوريتنا الجديدة

لا شك أن انتصارات العاشر من رمضان، السادس من أكتوبر عام ألف وتسعمائة وثلاثة وسبعين، نقلة حضارية شهدتها لا أقول مصرنا الحبيبة وحسب ولا أقول وطننا وأمتنا العربية فقط، بل إن جاز لي القول، نقلة حضارية للعالم بأسره، سلبًا وإيجابًا، إيجابًا بالنسبة لمصرنا الغالية وأمتنا العربية، وسلبًا بالنسبة لمعظم دول العالم، خصوصًا الدول التي كانت تدعم المغتصب المحتل، لأن كل حضارة لها جوانب إيجابية بمقومات ترتكز عليها وتدفعها دفعًا إلى التقدم وإلى التشييد والبناء، وسلبيًا بمقومات تدفعها دفعًا إلى التقهقر والعود إلى الوراء بمحاولات يائسة بائسة تبوء بالفشل، وهذا ما حدث للمحتل المعتدي ومن شايعه فقد أحدثت هذه الحرب الفارقة بين الحق والباطل والتي ذهبت بأحلام الطغاة ومشروعهم الذين كانوا يطلقون عليه "المشروع الحضاري" دولة من المحيط إلى الفرات مدعومًا بلوبي صهيوأمريكي، أحدثت زلزالًا مدمرًا يجنون ثماره حسرة وندامة وألمًا إلى الآن، نعم ولا أبالغ في ذلك، ولم لا؟ زلزالًا أفقد العدو توازنه وقضى على غطرسته، وقضى على حلمه وصيره أطغاث أحلام، بل وأربك كل مخططاتهم، ما جعلهم ينعقون بما لا يسمعون، ولماذا لا يسمعون؟ لأنهم صموا آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارًا، فظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من جند الله الهادرة، وظنوا ظن السوء أن برليف حصن حصين، لكن هيهات هيهات يا برليف، فأنت لا تدري من هم جند الله، وأن جندنا لهم الغالبون.



رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، رجال الواحد منهم يزن ألفًا، قلوبهم نابضة بذكر الله، ألسنتهم لاهجة بحب الوطن، دماؤهم التي تجري في شرايينهم مختلطة بحب بلدهم، اسألوها طواعية في حرب مقدسة، وكتبوا بها على أعلامنا، الله أكبر، تحيا مصر.

روت دماؤهم أرض سيناء، فشهد لهم أهل الأرض جميعا وأيدتهم عناية السماء، نعم الله أكبر فوق كيد المعتدين، الله أكبر فوق غدر الغادرين، الله أكبر فوق مكر الماكرين، قاتلي الأطفال، وبحر البقر شاهدة وأطفالها شهود عليكم، لكنهم سيأتون يوم القيامة فرحين بما آتاهم الله من فضله، فرحين وهم يرون أبطالنا ممسكين بأكاليل الغار وورود النصر، نعم يا جند الله لم تخذلوهم وأخذتم بثأرهم، نعم فلله دركم وسلام عليكما في الأولين وفي الآخرين.

حرب التحرير، أربكت العدو وأفقدته توازنه وبعثت فينا الأمل من جديد، بعد أن بات اليأس يخيم علينا، وبعد أن زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر، وبعد أن كثر الحديث عن متى هو، قل عسى أن يكون قريبًا، نعم تحقق وعد الله تعالى ونصر عباده المجاهدين في سبيله فالدفاع عن الأرض والعرض جهاد في سبيل الله، ليس هذا وحسب بل وهداهم سبلهم وبدل خوفهم وقلقهم وانتظارهم أمنًا وسلامًا، وألقى في قلوبهم محبة للنصر ومحبة للشهادة، وأفرغ عليهم صبرًا جميلًا إلى أن جاءت اللحظة المنتظرة، واللحظة الفارقة التي فرقت بين الحق ونحن على الحق ومعنا الحق، وأتت التعليمات للجيوش والوحدات بالعبور الأعظم، وها هو العاشر من رمضان وجند الله صيام، صيحاتهم تزلزل أركان الطغاة وتهدم أوكارهم فوق رؤوسهم، ويحطم برليف وخطه، والعالم كله يستغيث: أنقذوهم من أيدي المصريين، أنقذوهم، وإلا فلن تقوم لكم قائمة، لكن نحيب وعويل وصراخ، لن يهمنا، ودعوا لوقف إطلاق النار فوافقنا بشروطنا، ودعوا إلى السلام وقبلنا بشروطنا، لماذا؟ لأننا أصحاب حقوق، لله در الزعماء، لله در القادة الذين حوت عقولهم فكرًا استراتيجيًا عسكريًا وفقهًا سياسيًا، الأرض مقابل السلام، ردوا إلينا حقوقنا تنعموا بالسلام، وهذا هو البناء الحضاري، فإعادة الثقة في النفوس، وحلحلت اليأس الذي خيم فوق الرؤوس، وإعادة بناء الوعي المصري والعربي، جد بناء حضاري.

ومن روح أكتوبر بدأنا البناء من خلال قادة في كل الميادين حملوا على عواتقهم بناء الأمة وإحداث نهضة تنموية مستدامة تواكب العصر، وتواكب التقدم العلمي والتقني، ووضعت الخطط الاستراتيجية، لتنفيذ ذلك، لا تهاون مع مقصر، لا مهادنة، لا تكاسل، الكل نسيج واحد، الكل على قلب رجل واحد، الجميع ملتفٌ حول الكل، حول قادتنا، لتحقيق ما نصبو إليه، لتحقيق حلمنا، بناء دولة مدنية معاصرة، جمهورية جديدة ينعم فيها الجميع بالأمن والاستقرار، جمهورية جديدة تتحقق فيها قيم العدل والمساواة، تتحقق بها قيم الحق والخير والجمال.

فيا أيها المصريون شمروا سواعد الجد واجتهدوا وكافحوا وقفوا صفًا واحدًا مع قيادتكم الرشيدة من أجل استكمال المشوار، وهذا ليس جديدًا عليكم، استحضروا أرواح شهدائنا في أكتوبر واجعلوها وقودًا لكم ولا تعطوا فرصة للمثبطين أن يفتوا من عضدكم، أو يثبطوا هممكم، بات الحلم أن يصبح حقيقة، ويقولون متى هو؟ قل عسى أن يكون قريبًا.

نعم هو قريب وقريب جدًا بأمر الله تعالى.

تحيا أرواح شهدائنا في جنات النعيم، تحيا جهودنا وقادتنا، تحيا مصر.

 

أستاذ الفلسفة الإسلامية

رئيس قسم الفلسفة السابق – آداب حلوان

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز