عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
ستون عامًا من العمل الوحدوي.. ودور مصر المتميز

ستون عامًا من العمل الوحدوي.. ودور مصر المتميز

تحتفل الدول الإفريقية هذه الأيام بمرور 60 عامًا على تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية، بعد مسيرة طويلة من العمل المشترك والنضال، حيث وافقت 32 دولة إفريقية مستقلة في 25 مايو عام 1963 على تأسيس المنظمة، التي تهدف إلى تعزيز الوحدة بين الدول الإفريقية وتكثيف الجهود لتحقيق حياة أفضل للشعوب، والحفاظ على السيادة والسلامة الإقليمية للدول الأعضاء وتخليص القارة من الاستعمار والتمييز العنصري وتعزيز التعاون الدولي في إطار الأمم المتحدة.  وتجسيدًا لرغبة حقيقية لدى الآباء المؤسسين للمنظمة في تحقيق الوحدة والتكامل الإفريقيين قولاً وفعلاً، وبعد تحديات جمة واجهت منظمة الوحدة الإفريقية التي تحولت عام 2002 إلى الاتحاد الإفريقي، وذلك لتعديل هياكل المنظمة وتسريع عملية التكامل وتمكين الدول الإفريقية في الاقتصاد العالمي ومعالجة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تواجه القارة.   وعلى مدار تاريخها الطويل كانت القارة الإفريقية تعطي بلا مقابل فقد استنزفها المستعمر بلا رحمة، واستولى على خيراتها لفترات طويلة من الزمن، وحتى بعد أن نالت استقلالها فى ستينيات القرن العشرين استمرت الدول الغربية فى فرض إرادتها على الدول الإفريقية واستعمرتها اقتصادياً واستمرت في استنزاف خيراتها.



 وتتعرض القارة لتحديات كبيرة ليست متسببة فيها بل هي المتأثرة بما يفعله الغرب، ومن هذه التحديات من هو طبيعي ومن هو بشري. فقد تعرضت بعض مناطق القارة فى السنوات الأخيرة لعدد من موجات الجفاف الحادة مثل إقليم الساحل والقرن الإفريقي والتي أودت بحياة الآلاف من السكان. وتعرضت مناطق أخرى لموجات من الفيضانات مثل السودان وموزمبيق، وهذه الكوارث ناتجة عن ظاهرة التغير المناخي التي تسبب فيها الدول الغربية، وتدفع القارة فاتورة التكيف مع الظاهرة دون أن يكون لها يد فيها. 

وتشير التقديرات إلى أن المخاطر المرتبطة بالجفاف فقط فى دول القارة الإفريقية أدت إلى خسائر تجاوزت قيمتها 70 مليار دولار، فضلاً عن تسببها فى خفض نمو الإنتاجية الزراعية للقارة.

أما التحديات البشرية فأهمها تحديات اقتصادية وسياسية وصحية وأمنية وثقافية، فالقارة على سبيل المثال ليست منبعاً للإرهاب، ولكن انتشرت فيها الجماعات الإرهابية بعد طردها من منابعها وأصبحت معوقاً رئيسياً للتنمية التي تنشدها القارة.  كما أن انتشار الأمراض في القارة دون أن تكون مصدرها مثل الإيدز وكورونا وغيرهما، والتي لم تستطع القارة وحدها أن تقاومها فانتشرت سريعاً وأثرت تأثيراً بالغاً على السكان وكان لها تأثير مباشر على اقتصاديات القارة مما أعاق عملية التنمية.  وما أن أفاقت القارة من تبعات كوفيد 19 حتى بدأت الحرب الروسية- الأوكرانية والتي كان لها التأثير الأكبر على القارة الإفريقية من حيث توافر الغذاء والتجارة الخارجية. لذا كان لابد من العمل الوحدوى الجاد لمواجهة التحديات المختلفة وهذا ماظهر فى أجندة الاتحاد الإفريقي 2063. وكان لمصر دورها الواضح والمتميز في مساعدة القارة في مقاومة التحديات المختلفة منذ تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية.  وقد شهدت العلاقات المصرية - الإفريقية عهوداً من الازدهار والقوة وفترات أخرى من التراجع والضعف تسببت فيها العديد من العوامل، بيد أنه يمكننا القول إن العلاقات المصرية- الإفريقية قد شهدت عهدًا جديدًا بعد الثلاثين من يونيو 2013، حيث اعتمدت السياسات والتفاعلات المصرية مع دول وشعوب القارة على إدراك واقعي لطبيعة العلاقات والمصالح التي تجمع بين مصر وشقيقاتها الإفريقيات، وأهمية التقارب بين شعوب القارة سعياً لتحقيق التعاون والتكامل المنشودين، لاسيما في ظل المستجدات والتطورات المتلاحقة التي تشهدها القارة بل والعالم بأسره. ناهيك عن التنافس الشرس بين القوى العظمى على إفريقيا طمعاً في منافع أو تأميناً لمصالح أو كلاهما معاً.  ولقد تجسدت حكمة القيادة السياسية المصرية في تحركاتها خلال السنوات الأخيرة في معظم الدول الإفريقية، تلك التحركات الرامية إلى تدعيم العلاقات مع إفريقيا دولاً وشعوباً، وإعلاء المصالح المشتركة فوق المصالح الخاصة.  وكانت أداة الزيارات والاجتماعات المشتركة من أهم أدوات التفاعل بين الجانبين، حيث حرص الرئيس عبدالفتاح السيسي على القيام بزيارات مختلفة لدول القارة وحضور الفعاليات التي تجمع القادة الأفارقة، والمشاركة في إيجاد حلول للعديد من الأزمات والمشكلات الإفريقية بعقول وأيادٍ إفريقية.  كما استقبلت القاهرة خلال السنوات الماضية العديد من القادة والمسؤولين الأفارقة. كما عملت مصر على تقديم كل أوجه الدعم إلى الدول الإفريقية في العديد من المجالات التي يأتي في مقدمتها المجال الاقتصادي، حيث اتفاقية التجارة الحرة والمجال الصحي والبيئي والثقافي والأمني، حيث تم إنشاء منظمة لمكافحة الإرهاب في دول تجمع الساحل والصحراء مقرها القاهرة، كما سعت مصر إلى تطوير بنية السلم الأمن الإفريقي، ودعمت مبادرة "إسكات البنادق"، التي تعد جزءاً مهماً من أجندة الاتحاد الإفريقي 2063 الرامية لتطوير القارة وتحقيق التنمية المستدامة في كل دولها.  كما أولت مصر أهمية كبرى لإنشاء القوة الإفريقية واقترحت إنشاء وحدة خاصة لمكافحة الإرهاب تحت مظلة القوة الإفريقية الجاهزة. وآخر ما فعلته مصر للقارة الإفريقية افتتاح عبد الفتاح السيسي الاجتماعات السنوية لبنك التنمية الإفريقى تحت شعار: تعبئة تمويل القطاع الخاص من أجل المناخ والنمو الأخضر في إفريقيا، وكان في مقدمة توصيات قمة الأمم المتحدة للمناخ "COP-27" التي ترأستها مصر العام الماضي إنشاء صندوق مخصص لتوفير التمويل اللازم لتعويض الخسائر والأضرار للدول المتضررة من الفيضانات والجفاف والكوارث المناخية الأخرى.  كل هذه الجهود وغيرها تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن مصر الإفريقية في عصر الجمهورية الجديدة باتت – بالأفعال وليس الأقوال- على الطريق الصحيح نحو استعادة مكانتها وريادتها في القارة الإفريقية، آخذة على عاتقها مساعدة دول القارة في طموحات أجندة 2063 كي تصبح إفريقيا كما يريدها الأفارقة، إفريقيا الآمنة المستقرة المتقدمة المؤثرة عالمياً.

وخلاصة القول، إن الاستعمار والصراعات القبلية وجائحة كورونا والحرب في أوكرانيا وتغير المناخ أدت إلى إعاقة تقدم إفريقيا نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما جاء بأجندة الاتحاد الإفريقى 2063.  ومع بقاء أقل من ثماني سنوات على عام 2030، تكافح معظم البلدان الإفريقية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. 

وبدون بذل جهود كبيرة ومبتكرة سيجد ما يقرب من ثلث سكان القارة أنفسهم في وهدة الفقر المدقع مع بقاء حوالي 300 مليون على الأقل في هذه الحالة بحلول عام 2050.

لذا لم يعد بإمكان القارة الانتظار، ويجب إعادة رسم مسارها التنموي.

 

*عميد كلية الدراسات الإفريقية العليا- جامعة القاهرة

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز