عاجل
الأحد 6 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
فيمَ يُفكر الدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف؟

فيمَ يُفكر الدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف؟

تواجه حصون الوعى الدينى تحديات وتهديدات غير مسبوقة فى ظل ضعف بنيانها لدى قطاع كبير من الشباب فى مصر والوطن العربى وقوة قذائف التطرف الدينى واللادينى الموجهة إلى الجماجم، حيث يسكن العقل المُستهدف تغييبه.



أحد أهم عوامل الضعف تراجع الاهتمام بإتقان النشء للغتنا العربية، وما ترتب عليه من ضعف فرص التلقى الفعال للنص الدينى، فبدون امتلاك أسرار اللغة تتضاءل القدرة على الفهم الصحيح، ويقع المتلقى محدود القدرات اللغوية أسير ما يقدمه الآخر من تفسيرات للنصوص الدينية والخطر إذا كان المُرسل هنا مُتطرفًا دينيًا أو ملحدًا.

 

فيما يزيد من قوة تدمير القذائف التضليلية الموجهة إلى عقول الشباب، التطور التكنولوجى وثورة وسائل التواصل الاجتماعى الإلكترونية.. وضعف البنية المعرفية بصحيح الدين.

 

تضاف للتحديات مستجدات قضايا العصر ومدى قدرة المؤسسة الدينية على استنباط إجابات تعبر عن صحيح الدين تشفى صدور المتسائلين وتهدى الحائرين.

 

مع التسليم بالمسؤولية المُشتركة لجميع مؤسسات الدولة التي تسهم فى تكوين النشء وبناء الوعى العام والدينى، فإن المؤسستين الدينيتين- إسلامية ومسيحية- يقع على كاهلهما العبء الأكبر.

 

وقد تطرقت فى مقال الأسبوع الماضى إلى الرؤية الشاملة لبناء إنسان جديد قادر على ملاحقة المتغيرات ومجابهة التحديات، مقدمًا نماذج لتكامل عمل الحكومة، واليوم نبحر فى عقل فضيلة الدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف.

 

من خلال مشاهدات ولقاءات الدكتور أسامة، أهمها الحوار المفتوح الذي دعا إليه رؤساء تحرير الصحف وشرفت بتلبية دعوته، يمكن الوقوف على ثوابت رؤيته وخطواته لتنفيذها.

 

فضيلة الدكتور أسامة الأزهرى عقلية مستنيرة واسع الاطلاع يمتلك بنية معرفية مُتشعبة وخبرات حياتية عززتها زياراته لمعظم دول العالم فى مهام دعوية، يعتمد على منهجية عمل التصدى للمُشكلات بحلول جذرية لا مسكنات ولا علاجات قشرية.

 

أولًا -المؤسسة الدينية:

 

يرى الدكتور أسامة الأزهرى أن توحيد جهود المؤسسة الدينية ركيزة أساسية لنجاح بناء الوعى الدينى “مؤسسة دينية متماسكة بينها الود والتعاون والخلق الرفيع، على قلب رجل واحد”.

 

يحمل فضيلة الدكتور الأزهرى حبًا وتقديرًا لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، فهو ابن بار للأزهر أنفق من عمره ٦ سنوات فى إعداد موسوعته “جمهرة أعلام الأزهر الشريف” التي تطلبت سباحة فى أعماق السيّر الذاتية لنحو 3 آلاف من أعلام الأزهر على مر العصور.

 

“نصطف خلف الأزهر الشريف لا نتقدم عليه خطوة”، والوعى العام المصري قادر على النفاذ لما وراء الصور للوقوف على صدق المحبة والتقدير، والخارج الإسلامى يثمن العلاقة الطيبة بين الأوقاف والأزهر الشريف.

 

لم تمر أسابيع حتى شاهدنا الدكتور الأزهرى يقدم تطبيقًا عمليًا للخلق الرفيع مسرعًا بحمل كلمة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر خلال صعوده المنصة لإلقاء كلمته فى احتفال الوزارة بالمولد النبوى الشريف بتشريف الرئيس عبدالفتاح السيسي.

 

لاحظته يستأذن الرئيس فيرحب، فيسرع لاصطحاب الإمام الأكبر فى عودته لمقعده متأخرًا عليه خطوة، نموذج عملى للخلق الرفيع.

 

المؤسسة الدينية كما يراها الأزهري: “الأزهر الشريف فى المقدمة ووزارة الأوقاف، ودار الإفتاء ومشيخة الطرق الصوفية، ونقابة الأشراف”، تنسق الحملات والجهود فيما بينها.

 

ثانيًا- الخطاب الدينى ومنبر العصر: 

 

“لا نجاح للخطاب الدينى بدون اختراق عالم السوشيال ميديا، لجاذبيتها للملايين من الفئات المختلفة».

 

“التيارات المتطرفة التي وجدت من المستحيل عليها ترويج خطابها على الأرض وجدت فى منصات “السوشيال ميديا”، بديلًا لإشاعة روح اليأس والإحباط ولا بد من مواجهتها دعويًا وفكريًا على تلك المنصات”.

 

بدأ الدكتور أسامة إجراءات عملية بتأسيس منصة رقمية لوزارة الأوقاف بالتعاون مع الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات، تتضمن أربع بوابات تختص كل منها بمحور من محاور استراتيجية بناء الوعى الدينى ومواجهة التطرف الدينى والإرهاب بجميع صوره والتطرف اللادينى وتراجع القيم الأخلاقية وتعزيز عمليتى بناء الإنسان وصناعة الحضارة.

 

والاستعداد لوجود كثيف لدعاة الوزارة بخطاب دينى إلكترونى شديد الجاذبية والذكاء على تطبيقات التواصل الاجتماعى يراعى خصائص الجمهور المستهدف وفئاته العمرية، وفى القلب من دائرة الاهتمام بالشباب والأطفال للتعريف بصحيح الدين وقيم الرحمة وإعمال العقل والإبداع.

 

متى ينجح الخطاب الديني؟ يجيب الدكتور أسامة :”عندما نستطيع الاشتباك مع قضايا العصر واستخراج أجوبة من معين الشريعة عن أسئلة العصر فهذا هو النجاح فى تحديد الخطاب الديني”، الهدف ليس مجرد الوجود على المنصات الرقمية بل تسويق خطاب دينى مستنير بكثافة وإلحاح.

 

ثالثًا- الأئمة والمؤذنون:

 

يُولى الدكتور أسامة اهتمامًا بالغًا بالأئمة لتحسين أوضاعهم المعيشية والإدارية وتطوير القدرات واكتشاف المواهب والكفاءات لتوظيفها بالشكل الأمثل مع التدريب لتعزيز القدرات. 

 

١- يوم مع الوزير:

 

يستضيف الوزير يوم الجمعة من كل أسبوع 27 إمام مسجد من كل محافظة واحد، يبيتون بأكاديمية الدعاة ليبدأ معهم يومه بصلاة فجر السبت ويعرض عليهم رؤيته ويناقشهم فى قضاياهم واقتراحاتهم حتى صلاة العشاء.

 

وفى السبت التالى يكون هناك آخرون، يقول الوزير عن التجربة: “نعرض الرؤية ونستمع، وأجرى حصرًا كاملًا للأئمة وقدرات كل من الشعراء والحاصلين على دراسات عليا، ومن لهم إنتاج فكرى ممثل فى مؤلفات لتوظيف قدرات المتميزين فى المساجد الكبرى وقيادتهم للتطوير فى نطاقاتهم الجغرافية”.

 

٢- المؤذنون:

 

من خلال مطالعته لتجارب دولية وتمصيرها من تجاربنا التراثية يسعى الوزير لإنشاء معهد لإعداد المؤذن، يبدأ بمسابقات اكتشاف الأصوات الحسنة، وتدريبها ودراسة المقامات الموسيقية، ويشترط فيه أن يكون المتقدم حافظًا لثلاثة أجزاء على الأقل من القرآن الكريم ليستطيع إقامة الشعائر حال غياب الإمام.

 

يستحضر الوزير تجربتين الأولى التركية، والثانية ما ذكره الأديب الراحل عبدالعزيز البشرى فى مؤلفه قطوف عن تجربة الملك فاروق الذي أحب صوت مؤذن مسجد صالح أبو حديد، وأمر بأن يضبط كل مؤذن نغمة أذانه عليه، فينصت مؤذن المسجد الذي يليه وما إن يرصد النغمة يسير على خطاها المؤذن الذي يليه وهكذا تصدح القاهرة بنغمة واحدة.

 

الوزير هنا يطرح حلولًا جذرية لمشكلة وجود بعص الأصوات المنفرة، بإعداد مؤذن حسن الصوت مدرك لعلم المقامات.

 

يريد الوزير أن يكون الأذان محركًا للوجدان المصري، تدوى مساجد مصر بمقام واحد فى كل أذان، يدخل على النفس السكينة ويبعث الطمأنينة.

 

يقول الوزير: “اختيار مقام الأذان لكل صلاة مدروس وليس عشوائيًا فمثلًا الفجر مقام الصبا ليبعث النشاط ونهاوند فى أذان الظهر لأنه سريع يحرك الهمة لاستكمال العمل، وبياتى فى أذان المغرب ليناسب غروب الشمس، والعشاء ما يبعث على السكينة والهدوء وهكذا..”.

 

رابعًا- الخطاب الدينى والعلاقة مع النخبة الثقافية: 

 

يسعى الوزير لتعزيز بناء عقد اجتماعى جديد يصحح علاقة علماء المؤسسة الدينية والنخبة الثقافية لتكون قائمة على الحوار التكاملى لا الصراع وتبادل مسبق للاتهامات.

 

 ولتحقيق ذلك يؤسس الدكتور أسامة صالونًا ثقافيًا يجمع فى حلقاته علماء ومثقفين لمناقشة قضايا من وجهة النظر الدينية والنخبة الثقافية والفكرية، يستهدف حلولًا عملية تعالج حالة الاحتقان، حوار يجمع جميع مكونات المجتمع.

 

خامسًا- فوضى الفتاوى:

 

يتبنى الدكتور أسامة فكرة تشريع ينظم حق إصدار الفتوى لتكون مقتصرة على المختصين المؤهلين علميًا، لحماية الوعى الدينى للمواطنين من مطلقى الفتاوى الشاذة بغير علم ولا دراسة.

 

سادسًا- إدارة أموال الوقف: 

 

تملك وزارة الأوقاف ثروة ضخمة ممثلة فى الوقف الخيرى ويستهدف الوزير إزالة التعديات عليه وتعظيم الإيرادات بحشد الطاقات الاستثمارية عبر الاستعانة بخبراء متخصصين وهذا الملف قيد الدراسة.

 

هذا بعض لكثير من الملفات التي تشغل عقل فضيلة الدكتور أسامة الأزهرى وفقه الله.

 

الحقيقة أن هناك تغييرًا حقيقيًا وتكاملًا بين وزارات الدولة ومؤسساتها المختلفة لتحقيق تنمية شاملة وبناء إنسان جديد فكريًا وجسديًا وعلميًا ووعيًا معرفيًا ودينيًا يحصنه من التطرف والإلحاد، إنسان قادر على ملاحقة المتغيرات ومجابهة التحديات.  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز