عاجل
الإثنين 9 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
باقي علي افتتاح المتحف الكبير
  • يوم
  • ساعة
  • دقيقة
  • ثانية
البنك الاهلي

عاجل| تصريح 28 فبراير 1922.. وبداية طريق طويل نحو الاستقلال الوطني الحقيقي

أرشيفية
أرشيفية

يصادف اليوم الذكرى الـ100 على إصدار المملكة المتحدة تصريح 28 فبراير عام 1922، الذي يمثل خطوة مفصلية في تاريخ مصر السياسي، بموجبه أعلنت بريطانيا في 28 فبراير 1922 من طرف واحد إنهاء الحماية البريطانية المفروضة منذ عام 1914، وأعلنت مصر "دولة مستقلة ذات سيادة"، ولكنها لم تنل الاستقلال الحقيقي إلا بجلاء آخر جندي بريطاني عام 1956، بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952، وإرغام بريطانيا على توقيع معاهدة جلاء قوات الاحتلال عام 1956.



غير أن هذا الاستقلال جاء مشروطًا بعدة تحفظات احتفظت بها بريطانيا لضمان سيطرتها على بعض الجوانب الاستراتيجية داخل البلاد، مما جعل استقلال مصر فعليًا غير مكتمل.

خلفية تاريخية.. من السلطنة إلى المملكة 

لم يكن الاستقلال عن الدولة العثمانية هدفًا رئيسيًا للحركة الوطنية في البداية، حيث كان المصريون يعتقدون أن هذا من شأنه إضعاف وحدة العالم الإسلامي. إلا أن الأوضاع تغيرت تمامًا مع اندلاع الحرب العالمية الأولى “1914-1918”، حيث وجدت بريطانيا الفرصة سانحة لإنهاء السيادة العثمانية وفرض الحماية على مصر رسميًا في 18 ديسمبر 1914.

بعد انتهاء الحرب، وفي ظل دعوات الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون لمبدأ حق تقرير المصير أدرك المصريون أن الارتباط بالدولة العثمانية لم يعد ضروريًا، وبرزت فكرة الجامعة المصرية التي ترتكز على القومية المصرية والاستقلال التام عن بريطانيا.

تطلعت الحركة الوطنية إلى مؤتمر الصلح في باريس عام 1919 لطرح القضية المصرية، إلا أن السلطات البريطانية رفضت السماح لزعيم الحركة سعد زغلول وأعضاء الوفد المصري بالمشاركة، مدعية أنهم لا يمثلون الشعب المصري. وردًا على هذا التعنت، تم تشكيل حزب الوفد المصري برئاسة سعد زغلول، الذي سرعان ما أصبح رمزًا للمطالبة بالاستقلال.

وعندما علمت بريطانيا بتزايد شعبية الوفد، قامت بنفي سعد زغلول إلى جزيرة مالطا، مما أشعل فتيل ثورة 1919، وهي أول ثورة شعبية شاملة في تاريخ مصر الحديث، شارك فيها جميع فئات الشعب المصري.

لم تستطع بريطانيا قمع الثورة بالكامل، فاضطرت إلى تقديم بعض التنازلات، تمثلت في:

1. الإفراج عن سعد زغلول والسماح له بالسفر إلى باريس.

2. محاولة سد الطريق أمام الوفد المصري بإقناع الدول الكبرى في مؤتمر الصلح بالاعتراف بالحماية البريطانية.

3. إرسال لجنة ملنر للتفاوض مع المصريين وإقناعهم بقبول الحماية.

إلا أن الوفد المصري، بقيادة سعد زغلول، استطاع إفشال جهود اللجنة من خلال تنظيم حملة مقاطعة شعبية، مما أجبر اللورد ملنر على التفاوض المباشر مع سعد زغلول، لكن المحادثات فشلت بسبب تمسك بريطانيا بإبقاء استقلال مصر شكليًا.

بنود التصريح: استقلال نظري وتحفظات بريطانية

 بعد فشل المفاوضات، قامت بريطانيا بنفي سعد زغلول مجددًا، هذه المرة إلى جزيرة سيشل، تمهيدًا لإصدار تصريح 28 فبراير 1922، الذي نص على:

1. إنهاء الحماية البريطانية على مصر وإعلانها دولة مستقلة ذات سيادة.

2. إلغاء الأحكام العرفية التي فرضت منذ 24 نوفمبر 1914.

3. احتفاظ بريطانيا بعدة تحفظات رئيسية إلى حين الاتفاق النهائي بين البلدين، وهي: –

-تأمين مواصلات الإمبراطورية البريطانية في مصر.

- الحق في الدفاع عن مصر ضد أي اعتداء أجنبي.

- الحق في حماية المصالح الأجنبية والأقليات داخل مصر.

- الحق في التصرف في شؤون السودان.

ورغم إعلان الاستقلال، فإن هذه التحفظات عمقت الهيمنة البريطانية على مصر، حيث:

- استمر وجود الجيش البريطاني على الأراضي المصرية، مما منع مصر من تكوين جيش وطني قوي.

- استمرت بريطانيا في التدخل في الشؤون الداخلية لمصر بحجة حماية المصالح الأجنبية.

- تم فصل مصر عن السودان، وهو ما أثار اعتراضات واسعة داخل الأوساط الوطنية المصرية.

 

 ردود الفعل الشعبية والنتائج 

رفضت الحركة الوطنية هذا التصريح، واعتبرته استقلالًا شكليًا لا يلبي تطلعات المصريين، لكن رغم ذلك، كان التصريح نقطة تحول مهمة، حيث أدى إلى دخول مصر ما يُعرف بـالمرحلة الليبرالية، التي شهدت مشاركة سياسية واسعة، وصياغة دستور 1923، الذي نص على أن الأمة المصرية هي مصدر السلطات.

إلا أن الملك فؤاد الأول استغل الدستور ليمنح نفسه صلاحيات واسعة، مثل حق حل البرلمان وإقالة الحكومات دون قيد أو شرط، مما أدى إلى تصاعد المعارضة الشعبية، وظهور حركات سياسية ثورية، واغتيالات استهدفت المسؤولين البريطانيين والمتعاونين معهم، في ظل استمرار المطالبة بالاستقلال الكامل.

 رغم أن تصريح 28 فبراير 1922 شكل خطوة نحو الاستقلال، إلا أنه لم يحقق الهدف الرئيسي للحركة الوطنية، وهو إنهاء الاحتلال البريطاني بشكل كامل.

استمرت المقاومة السياسية والشعبية حتى توقيع معاهدة 1936، التي منحت مصر استقلالًا أكثر واقعية، لكنها أبقت على الوجود العسكري البريطاني في منطقة قناة السويس، وهو ما أدى إلى استمرار النضال حتى جلاء القوات البريطانية عن مصر بالكامل في عام 1956، بعد ثورة 23 يوليو 1952 بقيادة الضباط الأحرار.

وهكذا، كان تصريح 28 فبراير مجرد بداية لطريق طويل نحو الاستقلال الحقيقي.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز