
والدة الشهيد نقيب محمد أحمد عبده: أصر على استكمال المعركة رغم إصابته فى ذراعه
إفطار على مائدة أسرة شهيد

إعداد ـ سلوى عثمان
ضحوا بدمائهم وأرواحهم من أجل الوطن والحفاظ على ترابه وحماية مواطنيه دون انتظار مقابل، فقط لأنهم تربوا على الانتماء والولاء لهذا البلد كى يعيش الجميع فى سلام وأمان مصداقًا لقوله: ﴿ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ﴾، وقول الرسول ﷺ «إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندًا كثيفًا فذلك الجند خير أجناد الأرض»، فقال أبوبكر: ولم يا رسول الله قال لأنهم وأزواجهم فى رباط إلى يوم القيامة».
فكانت رسالتهم التي تركوها إرثًا لأسرهم وأبنائهم من بعدهم، لذا فإن «روزاليوسف» فى هذا الشهر الكريم لم تنس تضحيات الأبطال وما بذلوه من دماء، فكانت حاضرة وسط ذويهم والتقت أسر الشهداء على مائدة إفطار رمضانية..
أكدت أمل محمد المغربى، والدة الشهيد نقيب محمد أحمد عبده، أن مصر ستظل شامخة بفضل جنودها البواسل، مؤكدة أن ابنها قام بالدفاع عن أرض الوطن لآخر نفس على الرغم من إصابته فى ذراعه، إذ أصر على مقاتلة العدو وجهًا لوجه، وأنه كان دائمًا يتمنى الشهادة، منوهة إلى أن تكريم الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، أهالى وأمهات الشهداء، بمثابة تاج على الرؤوس.
وقالت المغربى: رزقنى الله بابنى محمد بعد 5 سنوات من الزواج، وكان يمتاز بالذكاء والشقاوة فى آن واحد، وحصل على شهادات تقدير فى مختلف المراحل التعليمية سواء من الناحية العلمية أو الأخلاقية، وحصل فى الثانوية العامة على مجموع ٩٤% علمى رياضة، وكنت أتمنى أن يلتحق بكلية الهندسة، لكنه أصر على الكلية الحربية، خاصة أن والده كان يروى له قصص جنودنا البواسل والتضحيات التي قاموا بها فى حرب الاستنزاف و١٩٧٣، ما جعله يعشق الحربية.
وتابعت: بالفعل اجتاز الاختبارات وتم قبوله، ثم تخرج في الكلية الحربية بكالوريوس العلوم العسكرية عام ٢٠١٠ ثم تم تكليفه عقب تخرجه مباشرة فى سيناء لمدة عام ونصف العام، ثم اجتاز اختبار قوات حفظ السلام للسفر إلى الكونغو فى ٢٠١٣، وكان سعيدا للغاية لقبوله، ثم عاد والتحق بالعمل فى محافظة الإسماعيلية سلاح المدرعات، وفى بداية ٢٠١٥ كانت هناك أزمة التكفيريين فى عهد المعزول محمد مرسى.
وأضافت: ازدادت التخوفات خاصة بعد استشهاد البطل محمد أبوشقرة، فكنت دائمًا أبكى بكاء شديدًا وأتساءل ما حالة أمه التي فقدت فلذة كبدها، فكان ابنى يرد: «يا أمى كلنا أرواحنا فى أيدينا فداء لتراب مصر، وهو حد يطول يبقى شهيد، وبعدين لو مقدمناش الغالى والنفيس للوطن هنلاقى الإرهابيين تحت بيوتنا»، منوهة إلى أنه من المواقف التي أثرت فى ابنها هو وفاة العريف محمد شتا، حيث كان يحبه حبًا شديدًا، ما جعله يقرر الانتقال إلى سيناء.
وأشارت إلى أنها كان تنتظر محمد على أحر من الجمر، خاصة أن اليوم الذي استشهد فيه كان بداية إجازته ومن المقرر أن يصل قبيل الظهر، لكن وجدنا تليفوناته كلها مغلقة ولَم نستطع الوصول إليه فجاء مازن مهرولًا ويبكى بحرقة، قائلًا: «ماما أخويا استشهد كل مواقع التواصل الاجتماعى منزله صورته، فكانت صدمة بالنسبة لى وظللت أصرخ ابنى ابنى».
وأكدت أنه كان شجاعًا مقدامًا على الرغم من وجوده ٤ أشهر بسيناء، إلا أنه صنع مجدًا، حيث داهم مقر الإرهابيين يوم ١-٧ وهو اليوم الذي كان مقررًا أن يعلن فيه التكفيريون سيناء ولاية لهم، فروى لى قائده أن محمد قام بالفعل بتجهيز نفسه من حيث الطهارة والوضوء وتحضير حقيبته، فما أن هم بالرحيل هو وأصدقاؤه لقضاء إجازتهم، إلا وجاءت إشارة استغاثة بأن الكمين به مداهمات من قبل التكفيريين وجنودنا يحتاجون المدد والدعم، فبدون تفكير قرر أن يستقل دبابته بالملابس الملكى وأن يلحق بالجنود على الرغم من تحذيره بأنه غير مكلف وأنه فى إجازة، إلا أنه لم يصغ وكان نداء الواجب أهم وأولى.
واختتمت: نجح فى تفجير ٢٠ سيارة دفع رباعى بالمتفجرات وصارت جثث التكفيريين أشلاء، وأثناء المداهمة أصيب بطلق ناري فى ذراعه، إلا أنه أصر على استكمال العملية لنهايتها، ثم حدثت مناورات وجهًا لوجه فأصيب ابنى بشظايا صدرت من طلقة آر بى جى ثم توفى فى الحال بعد أن نطق الشهادة.
أم الشهيد عقيد أركان حرب محمد سمير إدريس:
كان مواظبًا على الصلاة ويتمنى الشهادة منذ صغره
قالت أميمة محمود عبدالحميد، أم الشهيد عقيد أركان حرب محمد سمير إدريس: إن غرس القيم والأخلاق والانتماء وحب الوطن منذ الصغر من أهم أساسيات التربية حتى يخرج لنا جيل يقود قاطرة الإصلاح الاقتصادى والسياسى، مدللة على ذلك بتربيتها لأولادها، إذ كان والد الشهيد حريصًا على سرد القصص وإبراز البطولات لجنودنا البواسل، فضلًا عن أنه اصطحبه فى زيارة ميدانية إلى تبة الشجرة بسيناء التي تعد من أقوى الحصون الإسرائيلية التي تمت إقامتها على طول خط قناة السويس كخط دفاع لها، تستطيع من خلاله مراقبة الضفة الغربية للقناة والتمكن من قصف مواقع الجيش المصري، إلا أن الجيش المصري استطاع إسقاطها، فى هذه اللحظات شرد ذهن ابنى وانبهر بالجيش وأبطاله البواسل فملأ يديه بتراب أرض الفيروز ودعا أن يكون ضابطًا فى الحربية ويخدم بسيناء ويستشهد على أرضها.
وبالفعل تحقق حلم ابنى الذي أخذ بالأسباب وبرع فى الألعاب القتالية والسباحة للتأهيل للكلية الحربية، وحصل فى الثانوية العامة على مجموع 96% وأصر على التقديم للحربية حلم حياته وتم قبوله يوم 1 نوفمبر 1997 وكان طالبًا متفوقًا، منوهة إلى أن من أهم الصفات التي كان يتميز بها الشهيد هى صفاء النفس، والصدق والكرم، وأنه كان بارًا بكل أسرته ومحبوبًا من الجميع، ومواظبًا على الصلوات فى وقتها، ومتفوقا فى دراسته وأقصى أمنياته الشهادة فى سبيل الله.
وأضافت الأم المكلومة: ابنى أراد أن يحقق باقى أمله هو أن يلتحق ويخدم بأرض الفيروز، وبالفعل تم قبول طلبه عام 2013، مشيرة إلى أنه شارك فى العديد من المداهمات والتمشيطات والعمليات التي كان لها دور فى القضاء على البؤر الإرهابية، ونظرًا لكفاءته وأعماله تم تكريمه خلال 6 أشهر 3 مرات من القائد العام ووزير الدفاع والإنتاج الحربى.

وتتذكر الأم الأيام التي سبقت استشهاده، فقد كان فى إجازة وعندما سمع بضرب كمين الغاز فى سيناء انتفض وأصر على قطع إجازته لمساعدة زملائه وقبل سفره ودع الأهل والأقارب وزار قبر والده، واحتضننى أكثر من مرة، وقال لى: «عاوز اخدك فى حضنى وأشبع منك وماتزعليش منى كلها أيام وهرجعلك»، وبالفعل رجع يوم 11 ديسمبر 2016 متأثرًا بجروح إثر انفجار غرب مدينة الشيخ زويد بسيناء دخل على إثره فى غيبوبة واستشهد بعدها بأيام قليلة.
وأكدت «أم البطل» أن مصر ستظل شامخة ولن تتأثر، مطالبة الشباب بضرورة الجد والعمل وأن ينظروا إلى إخوانهم الذين يقدمون أرواحهم فداء للوطن، مثمنة تكريم الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية أمهات الشهداء، وأنه دليل على أن مصر لن تنسى أبطالها البواسل، لذا قد تم تكريمها كأم مثالية.

أم الشهيد المقدم شريف محمد عمر:
ضحّى بـ«عشقه للرياضة» من أجل خدمة تراب الوطن
الشهيد المقدم شريف محمد عمر، كان يعشق لعب كرة القدم فى نادى الاتحاد السكندرى، أسوة بوالده الكابتن محمد عمر، كذا خاله الكابتن شوقى غريب، فهو من عائلة كروية بامتياز وتعشق الرياضة ووصل فيها إلى مراحل متقدمة، إلا أنه منذ صغره كان يتمنى أن يلتحق بالكلية الحربية للدفاع عن الوطن، وبعد تخرجه تم تعيينه فى سلاح المظلات وخدم فيه عامين ثم انتقل إلى المنطقة الغربية فى السلوم وعمل بها ٥ سنوات.
قالت والدة الشهيد إنه تم انتدابه لكلية الضباط الاحتياط بفايد لمدة 5 سنوات، وتدرج من معلم إلى مدير أمن الكلية، وعند تجديد السنة السادسة رفض لأنه أصر على أن يكون وسط الجموع فى سيناء لمحاربة الاٍرهاب، وبالفعل انتقل إلى هناك ليحقق حلمه وهو الدفاع عن الوطن.
وتتذكر أم الشهيد آخر مكالمة كانت قبل عيد الأم بأيام، إذ كانت معايدة بمناسبة عيد الأم وتوصيات لمراعاة أسرته وابنتيه فريدة ٧ سنوات، وفرح ٥ سنوات ونصف السنة، ويوصينى بشقيقه كريم، الذي يعمل ضابط شرطة، ووالده كابتن الاتحاد السكندري، وفِى نهاية المكالمة قال لى: «يا أمى هتزعلى لو أصبحتى أم شهيد قلتله بتقول كده ليه يا بنى قالى أنا هكون شهيد وأجيلك ملفوف بعلم مصر».

وتابعت: أوصانى بعدم الحزن فظللت أمزح فى المكالمة معه وأقول له قول يا شهيد وأصر فى نهاية المكالمة أن أدعو له دعوة فقلت له يا رب اشوفك زى الرئيس السيسي فى مكانته وحب الناس ليه، قالى يا ماما ادعيلى دعوة تانية الرئيس السيسي الله يكون فى عونه عنده مسؤوليات وهموم كتيرة وبيحمل أعباء وهموم الوطن الله يحميه ويحفظه لمصر، فدعيتله وقولتله يا رب أشوفك فى أعلى درجات عليين، وفى اليوم التالى جاءنى نبأ استشهاده يوم ١٦ مارس ٢٠١٦.