الخميس 18 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

د. حسام الإمام يكتب: العيد قادم ومعه فرحة.. فاغتنموها

د. حسام الإمام
د. حسام الإمام

اقترب الشهر الكريم على الرحيل تاركًا في قلوبنا غصة الفراق وحرارة الشوق وانتظار عودة اللقاء، لكنه كعادته كريم مضياف، يأبى أن يرحل إلا تاركًا خلفه السعادة والابتسام رغم أي شيء، أيام العيد التي نتلهف إليها بمنتهى الفرحة أملًا في الحصول على جرعة من السعادة والضحك والابتسام. 

 

بتلك المناسبة دعوني أذكركم للمرة المليون في تلك الأيام المفترجة، عسى أن توافق كلماتي ساعة استجابة في قلوبكم الرحيمة، أيها الناس، أعلم أن هذا الرجل يثير حيرتكم وقلقكم، فمن هو وما سره الذي يخفيه؟ هل هو جاسوس يخفي خلفها أسراره أم مجنون وعبيط يطلقها وقتما يشاء دون أن يحسب لها حسابًا؟ الأمر بسيط يا سادة، إن كانت ابتسامته هي سر حيرتكم وأردتم أن تتخلصوا منه وتريحوا أنفسكم من وجود هذا الشخص المبتسم بينكم، فأبشروا أنتم لستم بحاجة إلى سلاح، كل ما عليكم أن تمنعوا عنه ابتسامته وضحكته!

 

نعم كما سمعتم، الأمر بسيط للغاية وبدون أي تعقيدات.. ليس هناك سر عظيم خلف تلك الوصفة، ببساطة لأن خلف تلك الابتسامة هموم كفيلة بأن تدمره في لحظات أمام عيونكم.. نعم سوف يتحقق هدفكم السامي دون أن تسيل نقطة دماء واحدة على أيديكم.

هل رأيتم؟ كما أخبرتكم.. الأمر في غاية البساطة

لكن سؤالًا يحيرني: ما مشكلتكم معه ومع أمثاله؟ هل مشكلتكم أنكم ترونه مبتسمًا طول الوقت؟ ضاحكًا على أي شيء وكل شيء! هل مشكلتكم أنه لا تفسير لديكم لهذا الشخص العجيب الغريب المريب إلا أنه شخص محظوظ لا هموم لديه، أو أنه إنسان "عبيط" لا يفهم ولا يعي شيئًا مما يحدث حوله. هل هي حيرتكم لانشغالكم عن حالكم بحاله والتساؤل في كل وقت وحين عن سبب ابتسامته ومن أين جاء بوقت لها؟ هل هي نظرتكم للحياة التي ترونها بلا أي مبهجات قد تثير شهيتكم للابتسام؟ هل هو تعجبكم الدائم من هذا المجذوب الذي يبدو وكأنه قد توصل إلى السر المقدس للابتسام وفاز به وتمتع به وحده؟ هل هو أملكم في أن يدلكم عليه ويفشى إليكم به؟ أن يأخذ بأيديكم لتبتسموا مثله؟ 

يا له من أناني إن كان قد عرف السر ويبخل علينا به؟ يستحق الموت وقتها بلا شك.

عجبًا لكم، آه لو اطلعتم على البركان الذي يغلي ويفور بداخله، لكنه يحرص كل الحرص مجاهدًا على إخفائه وعدم إظهاره لكم، يخفيه عنكم دائمًا خلف ابتسامته! يأبى أن يشرككم في همومه، يرى ألا ذنب لكم فيها.

آه لو تعرفون السر وراء ابتسامته؟ بالطبع لا تدركون أنها وصفته الطبية التي أكد عليها كل الأطباء لكي يعيش قلبه في سلام ما تبقى له من أيام، لا تفهمون أنه قد تقبل الأمر وسار في الحياة محاولًا أن يرسل تلك الابتسامة للجميع في كل مكان، ربما نجح في المساعدة على أن تمر أيامهم أيضًا بسلام.

بداخل كل منا من الهموم ما يكفي لنشر طاقة سلبية مدمرة في هذا العالم، وهو أمر بلا شك لا طاقة لنا به، ولا سبيل للمرور منه على خير إلا بالتجاهل أو بالبحث عن وسيلة للتخفيف والتمرير وتوجيه الهموم نحو اقرب بحر لترمي بنفسها في أحضانه دون أن تقتل بداخلنا كل شيء جميل. نعم لو تركنا أنفسنا لها سوف تقتلنا. 

هذا هو السر المقدس الذي توصل إليه! 

هي الابتسامة، أدرك قوة تأثيرها وقدرتها الخارقة على دفعه للأمام ومساندته والوقوف خلفه لمواجهة الحياة بكل منغصاتها. 

لكن الأزمة والمصيبة والكارثة أن يوجد حوله من يعيبون ذلك عليه دائمًا! 

عيب عليك، احفظ هيبتك فلكل مقام مقال! 

أيها الناس، أيها العقلاء، أيها الراقدون تحت التراب اهدأوا، فلكل شخص أدواته التي يسرها الله له، وطالما عرف الإنسان أدواته وأجاد في استخدامها وتوظيفها بما لا يضر أحد فلا شأن لأحد به. إن كنتم لا تستطيعون أن تفعلوا مثله فلا تجنوا عليه وتحاولوا تدميره وتدمير أدواته، إن حيرتكم بساطته وتجاوب الناس مع ابتسامته فابحثوا عما يميزكم ربما توصلتم إليه وارتحتم. 

 

تذكروا أنه لم يطلب منكم يومًا أن تكونوا مثله، بل طلب منكم أن تكونوا أنفسكم فقط، أن تتركوه وشأنه يفعل ما يشاء، يعيش الحياة بابتسامته كما يحلو له دون تدخل أو انتقاد في كل لحظة، عيشوها بطريقتكم المثلى واتركوه يعيشها بطريقته العبيطة البلهاء، لكن لا تجعلوا كل همكم وغايتكم أن تقتلوا ابتسامته، صدقوني سوف يموت.. أقسم لكم أنه سوف يموت.. ها أنتم ترونه يذبل أمامكم في كل لحظة يتخلى فيها عن ابتسامته.

هيا جربوا أن تبتسموا مثله 

ابتسموا ولا تفكروا في شيء سوى الابتسام

العيد قادم ومعه فرحة.. فاغتنموها     

مدير المركز الإقليمي لأخلاقيات المياه[email protected]

 

تم نسخ الرابط