عاجل
الجمعة 2 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
مُخطط المعتقل الكبير في غزة

مُخطط المعتقل الكبير في غزة

للأسف، إن ما تقوم به إسرائيل في غزة لا يهدف لإعادة السيطرة على كامل القطاع، والقضاء على حماس وتدمير قدراتها العسكرية فحسب، بل تمهيد لمخطط أكبر يهدف تشكيل واقع جغرافي وإنساني يحول غزة إلى معسكر اعتقال جماعي، أكدته تصريحات رسمية وغير رسمية وخطط مسرّبة نشرتها وسائل إعلام أمريكية وعبرية، وعززها كتاب وباحثون إسرائيليون.



فمنذ أيام، نشر الصحفي الإسرائيلي اليميني "ينون ماجال" المعروف بعلاقاته الوثيقة مع دوائر صنع القرار العسكري في تل أبيب، تغريدة على موقع "إكس" كشف خلالها عن ملامح خطة إسرائيلية، تهدف لتحويل غزة إلى منطقة تشبه المعتقل المغلق، والخاضعة للفحص الأمني، وقال بوضوح: "لن يُسمح هذه المرة لأي سكان مارقين برفض الإجلاء، وأن الخطة تحظى بدعم أمريكي".

غير أن اللافت، أن تغريدة الصحفي الإسرائيلي لم تكن من وحي الخيال، حيث عزز وزير الدفاع الإسرائيلي الحديث عن الخطة الصهيونية، قائلًا في بيان مصوّر: "إن المرحلة المقبلة ستكون أشد قسوة، وأن البديل عن تسليم المحتجزين وطرد حماس هو الدمار الشامل والخراب".

ذات التوجه الصهيوني الكارثي، عززه للأسف تحليل نشرته مجلة "+972" الإسرائيلية، استعرضت خلاله أبعاد الخطة الإسرائيلية، مؤكدة أنها ليست أمنية يمينية متطرفة فحسب، بل عقيدة فعلية ترعاها المؤسسة الأمنية، بدأت مع تولي إيال زامير رئاسة أركان الجيش، حيث أمر بتطبيق خطة تبدأ بهجوم موسع، يتزامن مع قصف واسع النطاق، وتهجير جماعي إلى "معسكر اعتقال" محاط بأسوار شائكة، يحشر فيه نحو مليوني فلسطيني، تحت المراقبة والقيود، يتم قتل كل من يتجاوزه.

المخطط الصهيوني غير الإنساني يقوم باختصار على دفع الفلسطينيين تحت ضغط الجوع والقتل إلى اليأس، والاقتناع بأن لا مستقبل في غزة، والبدء في موجات هجرة جماعية طوعية، طبقًا لما أكده الباحث الإسرائيلي دوتان هاليفي القريب من صناعة القرار العسكري في تل أبيب لوسائل إعلام عبرية قائلًا: "إن ما يُسمى بالخروج الطوعي مجرد وهم، فلن يكون هناك طوعية، وستكون الخيارات الأخرى أسوأ من الموت، لتحقيق الهدف النهائي لإسرائيل بجعل ضمّ غزة أمرًا واقعيًا".

مجلة "+972" الإسرائيلية قالت في تحليلها الكارثي عن المخطط الصهيوني أيضًا، إنه حتى أكتوبر 2023، كانت السياسة الإسرائيلية تقوم على الاحتواء، والإبقاء على الفلسطينيين داخل غزة تحت الحصار والمراقبة دون محاولة إفراغها، لكن بعد بداية الحرب الأخيرة انقلبت هذه الرؤية رأسًا على عقب، حيث لم يعد الهدف الإسرائيلي مجرد إضعاف حماس، بل تفكيك غزة ديموغرافيًا وتفريغها من سكانها.

ولأن مخطط التهجير بات بمثابة عقيدة لدى قطاع هائل من العسكريين والسياسيين والباحثين الإسرائيليين، فقد لخصه الباحث الإسرائيلي عمري شافر رافيف لوسائل إعلام عبرية أيضًا قائلًا: إن فكرته تبدأ من خلال حشر سكان غزة في جيب مغلق، ثم تُسوّى غزة بالأرض، بعدها، يكتشف المحاصرون أنهم بلا حاضر أو مستقبل، هنا يصبح التهجير خيارًا طوعيًا مقبولًا بالنسبة لهم.

للأسف هذا ما تهدف إسرائيل إلى تحقيقه في غزة، وهذا ينتظر الغزاويين العزل، فهل سينتصر لهم الضمير الإنساني العالمي، ومعه القوانين الدولية، والمؤسسات الأممية، أم ستموت الضمائر، وتخرس المؤسسات، وتدفن القانون، وتذهب غزة بمن عليها؟.. "وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ".

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز