
يوم الوفاء.. إهداء "نبيل" لروح الشرشابي

كتبت وتصوير: سماح زيدان
في زحام الحياة وضغوطها المتلاحقة، كثيرًا ما تهرب من ذاكرتنا تفاصيل اللحظات الإنسانية التي عشناها وتأثرنا بها، لكننا نحاول أن نتوقف قليلًا ونسترجع هذه الذكريات، وفاءً لأصحابها.
وهذا ما فعله المصور الصحفي الكبير عمرو نبيل، حين قرر عبر منشور على صفحته بموقع فيسبوك أن يجمع محبي الفنان المصور مصطفى الشرشابي- رحمه الله- لتنظيم شيء كان يحبه، وإهداء أجره لروحه الطيبة.
على خُطى الشرشابي، وفي لحظات تأمل لمسيرته وعطائه، جاءت فكرة "يوم الوفاء"؛ لإحياء ذكراه العطرة، بإقامة نفس الحفل الذي طالما نظمه لما يزيد على عشر سنوات، قبل وفاته، في قلب حي الدرب الأحمر بعطفة أبو شوشة في درب شٌغلان، وبمشاركة الكثير من أصدقائه ومحبيه الذين رافقوه مشوار الصورة والإنسانية.
بدأت المبادرة من خلال تفكير نبيل في وفاة هذا الرجل، وانقطاع العادة التي كان يستمر عليها لإدخال السعادة في قلوب أهالي الحي وأطفاله، بينما سارع محبي الشرشابي بمشاركة الأفكار لجعل اليوم سعيدًا للأطفال؛ فقررت إحداهن إحضار الكٌشري كوجبة يحبها الجميع، وقرر الآخر إحضار البالونات، وأحدهم شارك بالحلوى، وغيرهم بالتقاط الصور وتوثيق الفرحة.
وكان نبيل حريصًا على تواجد الأراجوز والدي جي والتنورة، فكان اليوم سعيدًا للأهالي والأطفال بمشاركة الكثيرين من محبي الشرشابي منهم محمد بوتا واحمد ناصر وخالد عبد الغني واحمد الباشا وأسما حلمي ورحمة ابراهيم واحمد نصر واحمد شناوي ومحمد عادل وعبد الله بوتا وغيرهم.
لم يكن الشرشابي مجرد حامل كاميرا، بل كان صاحب رسالة نبيلة: أن يجعل الصورة جسرًا للتقارب، وأداة لنشر الفرح وكسر الحواجز الاجتماعية، خاصة في الأحياء الشعبية التي كان جزءًا أصيلًا من ناسها وروحها.
كان يؤمن بأن الصورة ليست مجرد توثيق للحظات، بل وسيلة لبناء ثقافة احترام ومحبة، لهذا لم يتردد يومًا في تنظيم حفلات وفعاليات للأطفال بدرب شُغلان، مع كل مناسبة أو عيد، ساعيًا لزرع الفرحة في قلوبهم وتغيير نظرتهم إلى التصوير، بعدما كان البعض يخشى الكاميرا أو يخاف أن تظهره بصورة ذهنية غير عادلة.
وكان الشرشابي من خلال مبادرته "في حب الفوتوغرافيا"، صانعًا لمساحة حرة تجمع عشاق الصورة، لتبادل المعرفة، ونشر الشغف، مؤمنًا بأن التصوير هو فن يحمل بداخله رسالة إنسانية عظيمة، وقيمة تعبيرية راقية قادرة على التأثير والتغيير.بابتسامته الهادئة، وعدسته المخلصة، ترك لنا إرثًا صادقًا، وسيرةً طيبة، وصورًا ستبقى شاهدة على وفائه للناس والحياة.