
عاجل| الأيام الأخيرة للأسد في سوريا.. وكيف تم تهريب ثروته؟

عادل عبدالمحسن
في السادس من ديسمبر الماضي، وبينما كان مقاتلو المعارضة يتقدمون نحو العاصمة السورية، اقتربت طائرة إمبراير تتسع لـ13 مقعدًا من مطار دمشق الدولي.
وبحسب ستة مصادر مطلعة على العملية، كان أكثر من اثني عشر شخصا يرتدون زيا مموها من مخابرات القوات الجوية السورية، وقوة مسؤولة عن مكافحة الإرهاب في عهد الأسد، حاضرين لحراسة صالة كبار الشخصيات والممر المؤدي إليها.
وأفاد بذلك أربعة من هذه المصادر أنها كانت موجودة في الموقع في ذلك الوقت.
وقال ثلاثة أشخاص كانوا في مكان الحادث إن عدة سيارات مدنية بنوافذ ملونة اقتربت من المنطقة.
وأوضح شخصان كانا في مكان الحادث، وهما ضابط استخبارات سابق ومسؤول كبير في المطار، أن المركبات تابعة للحرس الجمهوري، وهي قوة النخبة المكلفة بحماية الأسد والقصر الرئاسي.
وأشار قائد كبير سابق في الحرس الجمهوري إلى أن مشاركة الحرس تعني أن "بشار الأسد أصدر الأوامر" للعملية.
وأضاف أن الحراس كانوا مسؤولين فقط أمام قائدهم اللواء طلال مخلوف ابن خال الأسد، أو أمام الأسد نفسه.
وقال مدير أمن المطار جادر علي موظفي المطار إن عناصر من المخابرات الجوية سيتعاملون مع الطائرة، بحسب ما أفاد محمد قيروط، رئيس العمليات الأرضية في الخطوط الجوية السورية.
يقول قيروط إن علي قال له: "هذه الطائرة ستهبط وسنتولى أمرها، لم نقترب من هذه الطائرة".
وبحسب ثلاثة مصادر سورية في المطار وضابط مخابرات سابق، فإن علي، وهو ضابط كبير في مخابرات القوات الجوية، كان يتلقى أوامر مباشرة من القصر الرئاسي.
ولم تتمكن رويترز من الوصول إلى علي للتعليق.
وأظهرت بيانات Flightradar24 أن الطائرة سافرت في كل مرة إلى مطار في دولة خليجية، والذي يستخدمه كبار الشخصيات والمعروف بممارساته الصارمة فيما يتعلق بالخصوصية.
وكانت الطائرة قد غادرت دبي في بادئ الأمر يوم 6 ديسمبر الماضي، وهبطت في دمشق حوالي الساعة الثانية عشرة ظهرا بالتوقيت المحلي '0900 بتوقيت جرينتش".
ثم توجهت الطائرة إلى مطار الدولة الخليجية وعادت إلى دمشق بعد قليل من الساعة العاشرة ليلاً.
وقال أحد المصادر الخمسة بالمطار: "كانت السيارات تتجه نحو الطائرة في كل مرة تهبط فيها، وتبقى هناك لفترة قصيرة ثم تغادر قبل أن تقلع مرة أخرى".
وقال علي لمسؤولين كبار في استخبارات القوات الجوية إن موظفي القصر الرئاسي وأقارب الأسد، بما في ذلك الشباب، كان من المقرر أن يستقلوا أول رحلتين من دمشق في السادس من ديسمبر الماضي، والتي كانت تحمل أيضاً أموالاً نقدية، وفقاً لضابط الاستخبارات السابق الذي كان في مكان الحادث.
ولم تتمكن "رويترز" من الوصول إلى قوائم ركاب الرحلات الأربع للتأكد من هويات ركاب الطائرة أو حمولتها.
وأضاف المصدر أن الرحلة الثانية من دمشق حملت أيضاً لوحات فنية وعدداً من المنحوتات الصغيرة.
وفي السابع من ديسمبر، عادت الطائرة إلى دمشق حوالي الساعة الرابعة عصراً. وغادر إلى الدولة الخليجية للمرة الثالثة بعد أكثر من ساعة، وهذه المرة يحمل أكياساً من النقود بالإضافة إلى أقراص صلبة وأجهزة إلكترونية تحتوي على معلومات عن شبكة أعمال الأسد، بحسب ضابط الاستخبارات والمصدر في شبكة أعمال الأسد.
وأضاف المصدر أن المعلومات المخزنة تضمنت السجلات المالية ومحاضر الاجتماعات وملكية الشركات والأصول والشراكات، بالإضافة إلى تفاصيل التحويلات النقدية والشركات والحسابات الخارجية.
وهذه المرة، اقتربت سيارات تابعة لسفارة دولة خليجية في دمشق من منطقة كبار الشخصيات في المطار قبل إقلاع الطائرة، بحسب ضابط الاستخبارات السابق، ما يوحي بأن الدولة الخليجية كانت على علم بالعملية.
التحويل إلى القاعدة الروسية
وفي وقت مبكر من يوم 8 ديسمبر الماضي، وصل مقاتلو المعارضة إلى دمشق، مما أجبر الأسد على الفرار إلى معقله الساحلي، اللاذقية، بالتنسيق مع القوات الروسية، وتوقف مطار دمشق عن العمل.
وبعد منتصف ليل ذلك اليوم بقليل، غادرت الطائرة مطار الدولة الخليجية للمرة الأخيرة. وبعد مرورها فوق مدينة حمص شمال دمشق حوالي الساعة الثالثة فجرا بالتوقيت المحلي، اختفت الطائرة عن رصد الطيران لنحو ست ساعات قبل أن تظهر مرة أخرى فوق حمص وتعود إلى عاصمة الدولة الخليجية، بحسب بيانات Flightradar24.
وقال ضابط الاستخبارات السابق إن الطائرة هبطت خلال تلك الفترة في قاعدة حميميم في محافظة اللاذقية.
وأظهرت صورة عبر الأقمار الصناعية التقطتها شركة Planet Labs في الساعة 9:11 صباحًا، الطائرة على المدرج في مطار حميميم.
وتمكنت رويترز من التأكد من أن طائرة إمبراير التي تظهر في الصورة هي طائرة C5-SKY استنادا إلى حجمها وشكلها وبيانات تتبع رحلاتها.
وتُظهر بيانات تتبع الرحلات الجوية أن هذه كانت الطائرة الخاصة الوحيدة التي حلقت من وإلى سوريا في الفترة من 6 إلى 8 ديسمبر الماضي.
وكان على متن الطائرة التي غادرت حميميم أحمد خليل، المساعد المقرب لإبراهيم وأحد عناصر شبكة الأسد، بحسب ضابط استخبارات القوات الجوية، والمصدر في شبكة إمبراطورية الأسد التجارية، والمحادثة عبر تطبيق واتساب.
ويخضع خليل لعقوبات غربية بسبب دعمه للنظام المخلوع من خلال إدارته وقيادته لعدد من الشركات في سوريا.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن خليل سحب المبلغ قبل يومين من حسابه في بنك سورية الدولي الإسلامي.
وقال مصدر في شبكة أعمال الأسد إن الحساب يعود لشركة البرج للاستثمار ومقرها دمشق.
وبحسب "سوريا"، وهي منصة إلكترونية تحتوي على قاعدة بيانات للشركات جمعها خبراء في الشؤون السورية وتستشهد بسجلات سورية رسمية من عام 2018، فإن إبراهيم يمتلك 50% من الشركة.
ولم يستجب خليل لطلب التعليق الذي أرسل له عبر حسابه على فيسبوك.
ولم يستجب البنك الإسلامي الدولي في سورية وشركة البرج لرسائل البريد الإلكتروني التي تطلب التعليق.
وقال مصدر في شبكة أعمال الأسد ومسؤول كبير سابق في هيئة النقل الجوي السورية إن طائرة إمبراير تعمل بموجب اتفاقية "إيجار جاف"، والتي بموجبها يوفر المالك الطائرة لكنه لا يوفر الطاقم أو الطيار أو الصيانة أو العمليات الأرضية أو التأمين.
ولم تتمكن رويترز من تحديد الجهة التي كانت تدير الرحلات الجوية.
وأضاف هذا الشخص أن إبراهيم وصل إلى عاصمة الدولة الخليجية في 11 ديسمبر الماضي.
ورفض الرئيس السوري أحمد الشرع التعليق على الطائرة في مقابلة مع رويترز.