
دينا توفيق تكتب: يا حواء.. شكرًا على الخذلان!

تبدو "حواء" مثل طائر النورس ناصع البياض، والنوارس عالمها الفضاء الفسيح.. ظلت تكافح بالرغم من أنها مرهقة الجناحين، فقد أصيبت أثناء هبوطها على شاطئ كانت تظنه هادئا ومياهه صافية.. لكنها فوجئت بموج عال وبمنظر البحر وهو يثور غاضبا ليكشف لها عن وجه آخر مخيف لم تكن تراه من بعد.. أخذ طائر النورس يقاوم بقوة حتى لا يجذبه البحر بأمواجه العاتية الى الأسفل.. هكذا هم بعض البشر الذين قد نراهم من بعيد بشكل جميل ومضيء حتى اذا اقتربنا منهم، وجدنا نفوسا قاسية، بدلا من أن نشعر بالأمان بصحبتهم، نشعر بالقلق وعدم الارتياح.. اعتادت "حواء" على أن تثق فى كل من حولها، كان قلبها المعطاء دائما هو سبب الارهاق الذي أصاب "جناحيها"، فلم تعد تستطيع أن تحلق عاليا كما كانت تفعل من قبل... مازالت تحاول حتى لا تفقد شغفها.. قد تصفعها الحياة بقوة، لكنها تعلمت أن تتصالح مع ابتلاءاتها التي لا تستطيع تغييرها.. أدركت "حواء" أنها ربما لم تكن الأفضل فى حياة الآخرين لكنها بلا شك كانت الأصدق والأكثر تحملا.
والمؤسف أن الحياة عندما تكشف لنا أقنعة الناس، تكشفها بقسوة لدرجة اننا تحتاج وقتا طويلا لنستوعب بشاعة الوجه الحقيقي الذي تقاسمنا معه ذكرياتنا... أيقنت "حواء" مع مرور الوقت ألا تجعل نفسها كتابا مفتوحا حتى لا يمزقها من لا يعرف القراءة.. فبعض البشر قلوبهم كأوراق الخريف جافة، مهما رويناها لن تخضر أبدا والأفضل أن نتركها للرياح تحملها بعيدا عنا.. انى لا أعرف حقا كيف ينام البعض وفى رقابهم قلوب حزينة!
إن قلبك يا عزيزتى ثمين ويجب أن تمنحيه لمن يستحق.. أرجوك توقفي عن إعطاء جرعة كبيرة من الثقة واترك دائما مكانا للخيبة.. ومكانا لاستيعابها.. لا أحد يعرف يا "حواء" كم مرة بكيت ليلا وتألمت وخذلت ثم بذلت مجهودا كبيرا من أجل الوصول لهذا الحد من اللاشعور.. أراك تعاملين الآن هذا الحنين للماضي كذنب يستوجب الاستغفار.. أعلم كم كان مؤلما أن تقوم الأكتاف - التي ظننتها تساندك- بطرحك أرضا، لكنك دعوت الله كثيرا أن يعيد إليك قلبك القديم المطمئن لا تسوءه الكلمات ولا تربكه المواقف.. وتأكدي يا عزيزتي أن الله سيرزقك بأشخاص يقومون بجمع قطع قلبك المكسور ويبنون بها شيئا أجمل مما تتمنى..
فلا تلومي قلبك على طيبته وطهارته بسبب خذلان أحدهم لك، فهو من خسر قلبا لا يعوض أبدا.