

جمال عبدالصمد
الإنترنت جلاب المصائب
يُعد الإنترنت من أهم نتاج التكنولوجيا الحديثة، حيث إنه أحدث ثورة تكنولوجية غيرت الكثير من نواحي الحياة الشخصية والعملية، كما أنه أحدث ثورة كبيرة في عالم الاتصالات والمعلومات، كونه وسيلة اتصال سريعة وسهلة ولا تتأثر بالبعد المكاني أو الزماني، بالإضافة إلى أنه قرّب المسافات وسهّل الوصول إلى المعرفة، في عصر التكنولوجيا الرقميّة الذي يعيشه العالم بصفة عامة، ونعيشه نحن بصفة خاصة الآن، فقد أصبح التواصل الاجتماعي، عبر الوسائل الإلكترونيّة المتعددة والتطبيقات المختلفة جزءًا لا يتجزأ عن حياة الكثير من مستخدمي الإنترنت، الأمر الذي أتاح لهم التعرّف على العديد من الثقافات والأفكار الجديدة من خلال الانفتاح على ثقافات العالم الخارجي.
رغم أن فوائد الإنترنت عديدة ولا حصر لها، خاصة بعد ما حققه من طفرة تكنولوجية هائلة أسهمت بشكل واضح ومباشر ومؤثر بمختلف مناحي الحياة والمجالات، فإنه يُعد سلاحا ذا حدين، فهو صاحب الحلول السريعة والإنجاز المتميز، وفي نفس الوقت يحمل في طياته مخاطر وتحديات كثيرة يجب أن نكون على دراية بها، وأن نتعامل معها بحذر. فمن لا يجيد استخدام الإنترنت وأدواته بالطريقة المثلى قد يكتشف هذه المخاطر في أموره الحياتية والعملية، حيث يأخذك إلى جزيرة منعزلة يحكمها عادات وتقاليد لا تتناسب مع مجتمعنا الشرقي، وربما يصاب من خلالها بأمراض عديدة أهمها الاكتئاب.
يعيش الشارع المصري الآن حالة من الحراك السياسي، حيث توالي انطلاق الانتخابات البرلمانية، الأمر الذي تم من خلاله استغلال الإنترنت وخاصة منصات التواصل الاجتماعي في عملية التسويق والدعاية لانتخابات المجالس النيابية عبر استراتيجيات مختلفة، فمنهم من استفاد من هذه الأدوات التكنولوجية المهمة في تحقيق الانتشار الواسع، ودعم المرشحين وعرض برامجهم الانتخابية، وتقريب المسافات بينهم وبين الناخبين، وخلق نوع من الثقة والمصداقية، بينما هناك من تفنن في محاربة المرشحين المنافسين له، عن طريق ممارسات غير أخلاقية أو قانونية، بواسطة عمليات التشويه ونشر الشائعات والفتن والأخبار المضللة، ونشر الأخبار المغلوطة، بهدف التأثير سلباً على سمعة وصورة بعض المرشحين، من أجل زعزعة العلاقة الطيبة بين المرشح والمواطنين من أبناء دائرته الانتخابية.
في النهاية.. عدم التوازن والإفراط في استخدام الإنترنت، أسفر عن مشاكل أسرية كثيرة ومتنوعة، منها على سبيل المثال لا الحصر، التفكك الأسري، حيث يقضي أفراد الأُسرة ساعات طويلة منعزلين عن بعضهم البعض أمام شاشات هواتفهم، مما قلل من التواصل والتفاعل المباشر بينهم، وأصاب العلاقات الأسرية بالجمود والتصدع، وما يسفر عن ذلك من خلافات ومشاكل وفتور في العلاقات الزوجية، التي قد تصل إلى حد الخيانة أو الطلاق. لذا يجب على الشباب والأطفال تحقيق التوازن بين حياتهم على الإنترنت وحياتهم الطبيعية الواقعية، وتجنب إدمان وسائل التواصل الاجتماعي التي ستحولك إلى آلة متحركة تتنقل بكل حواسها دون الانتباه أو التركيز في كيفية التعامل مع البيئة المحيطة بك بصورة طبيعية.
ختاماً.. بعد استعراض بعض التحديات الناتجة عن الاستخدام الخاطئ للإنترنت، وما يترتب عليه من سلبيات ومخاطر حياتية ومجتمعية، يجب علينا أن نكون واعين بهذه المخاطر وأن نعمل على مواجهتها من خلال التوعية بعدم الإفراط في استخدام الإنترنت وكل الوسائل التكنولوجية، وكيفية الاستفادة منه والتعامل معه على النحو الأمثل.
أخيراً.. بيدك أن تجعل الإنترنت نعمة أو أن تجعله نقمة، أنت صاحب الاختيار الأول والأخير، وعليك أن تتحمل نتائج اختياراتك، فالاستخدام المفرط لأي شيء في حد ذاته يعتبر خطأ كبيرا، سواء كان ذلك استخدامًا مفرطًا للهواتف الذكية، أو الإنترنت، أو الكمبيوتر، أو في الموارد الطبيعية، فإن الإفراط يؤدي إلى آثار سلبية "صحية، اجتماعية، نفسية"، فعليك أن تنجو من هذه المخاطر المحتملة بالاستخدام الرشيد للإنترنت بطريقة مسؤولة ومفيدة.. حتى لا يصبح الإنترنت جلابا للمصائب.