

عصام عبد الجواد
فقدان الإنسانية
أصبحنا نعيش في عصر صعب جدًا بعد أن تحولت فيه مشاعر بعض الناس إلى مشاعر متحجرة، بل إن هناك بعض البشر أصبحوا لا يحملون مشاعر إنسانية على الإطلاق، وزادت غلوًا في قسوتها من مشاعر الحيوانات في الغابات، خاصة إذا علمنا أنه من المستحيل أن تقضي أنثى الأسد على أشبال صغار لأنثى أخرى من أسد آخر، وكذلك النمور والضباع والذئاب وغيرها من الحيوانات المفترسة، لم نشاهد أو نسمع على الإطلاق أن أنثى حيوان مفترس قضت أو قتلت صغار أنثى أخرى من بني جلدتها بل يتعاملون بالرحمة بين صغار القطيع ككل ولا يفرقون بين صغارهم وصغار الآخرين على عكس بني البشر ممن لا يحملون مشاعر إنسانية على الإطلاق.
وقد أثبتت حادثة دير مواس محافظة المنيا أن هناك صنفًا من البشر ليسوا بشرًا ولا يحملون هذه الصفة غير في الأوراق الرسمية فقط، لكن هؤلاء يجب وضعهم في أماكن منعزلة لأنهم ليسوا خطرًا على البشر فقط، بل هم خطر على كوكب الأرض بأكمله، فلم يكن أبدًا من المتوقع أن تقوم امرأة بوضع السم لأسرة زوجها فتقتل أطفاله الخمسة ثم تقتله هو بطريقة جهنمية بوضع مبيد زراعي فتاك في الخبز يستطيع أن يقتل ويقضي على حياة الأسرة دون أن تظهر أي أعراض للسم عليهم لولا جهود القائمين على الطب الشرعي الذين استطاعوا كشف هذه الخطة الخبيثة بعد ما يزيد على شهر من تسلسل عملية القتل للأطفال الصغار الذين يبلغ أكبرهم 13 عامًا وأصغرهم أربع سنوات.
في كل لحظة أتذكر فيها هذه الواقعة بعد الكشف عن امرأة الأب المتسببة فيها أحاول أن أستجمع قواي لمحاولة أن أتخيل شعورها وهي ترى الأطفال الصغار يموتون واحدًا بعد الآخر، حتى قضت على الأسرة بأكملها، ثم يموت الأب، وهو زوجها أيضًا، وكانت في يوم من الأيام تعيش معه لحظات سعادة لكنها انقلبت عليه بهذه الطريقة، وحاولت أن أتخيل ضميرها وهي تشاهد أم الأطفال الذين فقدوا وقد أصابها الجنون من هول فقد أسرتها بالكامل، هل كان شعورها الداخلي الفرح والسرور للتخلص منهم، أم الندم والحسرة على فقدانهم، أم أنها من نوع جديد من البشر فقد الإحساس وفقد المشاعر وفقد الإنسانية وفقد صفات الحيوانات والوحوش في الغابات.
حكم الإعدام قليل جدًا على هذه المرأة، فهي من النوع الذي أفسد في الأرض، ومن أفسد في الأرض لا بد أن يقتل أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض حتى تكون عبرة لغيرها.
هذه الواقعة البعض يحاول أن يعطي من خلالها دروسًا وعبرًا، والواقع يقول: إنها ليس بها أي عبر أو دروس بل بها مشاعر متبلدة وصفات غير صفات البشر، وليس بها أي شيء غير التخلص من مثل هذه المرأة بإعدامها على وجه السرعة بعد الانتهاء من تحقيقات النيابة، لأن الغيرة بين المرأة وضرتها لا تؤدي على الإطلاق إلى كمية الحقد والكراهية والقتل بهذا الشكل، وإلا سوف نعطي فرصة لكل كاره لشخص بقتل أطفاله.
حفظ الله مصر قيادة وشعبًا وجيشًا.