عاجل
الثلاثاء 16 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
مختارات من الاصدارات
البنك الاهلي
هل مات الضمير الإنسانى فى غزة؟!

هل مات الضمير الإنسانى فى غزة؟!

على مرأى ومسمع من العالم، يقتل الأطفال فى غزة بلا ذنب، ترمل النساء ويسقط العجائز جراء افتقاد الدواء والعلاج، وترتكب الجرائم والمذابح وتهدم البيوت فوق رءوس ساكنيها، يبحث أب عن وليده المفقود، وأم تبحث عن ابنها بين الركام، وتجويع ليس له من مثيل حتى ولو فى زمن النازى (هتلر)، ومستشفيات تقصف بمن فيها من مرضى وأطقم طبية، ويدفن الأبرياء تحت التراب، ودور عبادة لم تسلم من الأذى.. وسط كل هذا الخراب والدمار يقف العالم يشاهد صامتًا، مكتفيًا ببيانات الشجب والإدانة، بل يتعامى عن قصد وتعمد مما يحدث فى قطاع غزة، فى الوقت ذاته الذي تستنفر فيه القوى الكبرى لأجل شعوب أخرى مثل أوكرانيا، بينما تترك نفس القوى الشعب الفلسطينى لمصيره المحتوم، لندرك حينها أن هناك ازدواجية مؤكدة عندما نتحدث عن الضمير الإنسانى الذي يتشدقون به ليل نهار فى اجتماعاتهم ومؤتمراتهم. والتي غالبًا ما يصدر عنها بيانات لا تساوى حتى ثمن الحبر الذي كتبت بشأنه.



هنا فقط نتأكد أن ضمير العالم والإنسانية والدفاع عن حقوق الإنسان والطفولة قد (ماتت) وذهبت مع الريح ولا سبيل لعودتها مرة أخرى، سوى فى الحالات التي تراها القوى الكبرى مناسبة لها وتحقق مصالحها. وبالتالى يصبح الحديث عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن هما والعدم سواء بعد تحول وبقدرة قادر إلى شاهد زور، ويماثلهم فى ذلك منظمات حقوق إنسان وأطفال ومحاكم عدل دولية وجنائية، جميعهم لا وجود لها على أرض الواقع، بعد أن اقتصر دور النظام الدولى العالمى على خدمة الأقوياء فقط لا الضعفاء من أبناء شعبنا الشقيق فى غزة. مشاركة منه ومن خلال ضميره الميت فى إبادة شعب بأكمله، لمجرد أنه تجرأ يومًا مطالبًا بحقه فى العيش الكريم فوق أرضه المغتصبة.

فما يجرى الآن فى غزة ليس قدرًا، بل قرار سياسى اتخذته بعض القوى بينها وبين نفسها لتنفيذ ما يمكن وأن نطلق عليه (ريفيرا) فى الشرق الأوسط يدفع كلفتها الشعب الفلسطينى وحده.

ما يحدث فى غزة لم يعد مجرد حرب إبادة فقط، بل فضيحة أخلاقية مكتملة الأركان، شارك فيها هذا النظام العالمى المتواطئ، الذي يدعى الإنسانية والحياد (حال تواجده والعمل به). ويراعى حقوق الإنسان (وحقوق الحيوان لو أحببت) وقاحة وإجرام منقطع النظير تفتح له الخزائن، ويمد بالسلاح والعتاد والدعم والتأييد، مقترن بصمت الحملان (واللى مش عاجبه يضرب راسه فى أقرب حائط)، المؤسف أن كل هذا يحدث، بينما تفرض العقوبات والملاحقات على دول أخرى، تحقيقًا لأهداف ومصالح خاصة، بينما تظل جرائم عصابة آل صهيون بمنأى عن المحاسبة والعقاب، رغم أن جميع جرائمها موثقة صوت وصورة.

ورغم كل هذه الجرائم والمذابح والقتل والإبادة وصمت الحكومات وعجز المؤسسات الدولية، وفشلها، متمثل فى شعوب العالم التي كسرت جدار الصمت والخوف الذي اعترى حكوماتها، فخرجت متظاهرة ومساندة وداعمة لأهل غزة، معلنة استياءها ورفضها لصور الأطفال التي تبكى وتصرخ من الجوع حتى تصل لمرحلة الموت، رافعة العلم الفلسطينى فى الشوارع والملاعب وجميع المحافل، بعد أن أدركوا أن ما يحدث فى غزة لم يعد شأنًا خاصًا أو محليًا، بل هو قضية إنسانية تخص كل من يؤمن بالعدل والحرية، معلنة خذلانها وتبرؤها من صمت حكوماتها وتواطؤ الأقوياء، الذي فرضه عليهم بعض الساسة الخائنين لقيم الحق والعدالة.

 

وهنا يتبقى سؤال، بالتأكيد سوف يجيب عنه التاريخ حتى ولو بعد حين: هل وقت قتل أطفال والنساء والمدنيين من أهلنا فى فلسطين، كان يوجد ضمير عالمى يدين مثل هذه الجرائم؟ خاصة أن الصمت حينها لن يكون عذرًا، والتبرير وبيانات الشجب والإدانة لن تفيد، حتى ولو انتهت هذه الحرب.

 

نقلًا من مجلة روزاليوسف

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز