عاجل
الإثنين 20 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي

ضياء الميرغني لـ"بوابة روزاليوسف": تكريمي مستحق.. وتأخر كثيرًا

بعد مسيرة طويلة في المسرح والسينما والدراما، حافلة بالأعمال، تم تكريم الفنان القدير ضياء الميرغني ضمن فعاليات مهرجان نقابة المهن التمثيلية للمسرح المصري. لقاء عاطفي مؤثر شهد بكاءه وتصفيقا من الجمهور وتفاعلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي.



وفي هذا الحوار الخاص مع بوابة روزاليوسف، فتح الفنان القدير ضياء الميرغني قلبه للحديث عن مشواره الطويل، وتأخر التكريم، وعتابه للوسط الفني، وسر الكيمياء الفنية بينه وبين الزعيم عادل إمام.

- بداية.. نبارك لك هذا التكريم المستحق.. كيف استقبلته؟ أولا، هذا التكريم أسعدني، هذا التكريم مستحق، لكنه في الوقت نفسه جاء متأخرا جدا. لست فنان "ابن النهارده" أو صاحب عمل واحد، بل بدأت منذ سبعينيات القرن الماضي. حصلت على أول جائزة كممثل أول في الثقافة الجماهيرية عام 1970، عندما كنت ضمن فرقة المنيا المسرحية، قبل حتى تخرجي في معهد الفنون المسرحية عام 1976.

قدمت خلال مسيرتي أعمالا كثيرة في المسرح والسينما والتليفزيون، لكن للأسف لم يتم الالتفات لتلك المساهمات إلا الآن، بعد أن أصبحت مريضا وغير قادر على العمل. ومع ذلك، كان اللقاء بالجمهور وتفاعلهم خلال التكريم لحظة غالية جدا. مشاعرهم وحبهم كانت مهمة.

ولكن هناك العديد من الذي يتم تكريمهم "ليس لهم أهمية" في الفن والتمثيل، وهناك أيضا العديد من الفنانين تم تكريمهم مبكرا جدا بإنجازات وأعمال قليلة للغاية، وأنا علاقتي بالجمهور علاقة كبيرة جدا ومحبتهم كبيرة ترشحني أن أكون ضمن الذين منحوا مهنة التمثيل العديد من الأعمال الجيدة، وبالتالي التكريم جاء متأخرا ولكني كنت سعيدا بمقابلة الجمهور وتقدير الناس، والقائمون على المهرجان شاهدوا بأنفسهم كيف يحبني الجمهور، وكم أنا محبوب والجمهور تعاطف معي وتعجب الجمهور من تأخر تكريمي.

- هل شعرت خلال مشوارك الفني بالتقدير الكافي من الوسط؟

بصراحة، لا. لأن كثيرا من الذين يحتلون مناصب أو مسؤوليات في الوسط الفني، لا يملكون الأدوات الحقيقية لتقييم الفنانين، ولا يعرفون تاريخ من يكرمون. وغالبا ما تبنى التكريمات على المجاملات أو العلاقات، لا على معايير فنية أو جماهيرية حقيقية.

لكن رغم ذلك، ظل الجمهور هو المعيار الحقيقي بالنسبة لي، وهم من أنصفوني أخيرا. وهم من ضغطوا معنويا لرد اعتباري وتكريمي بعد كل هذه السنوات.

- كيف رأيت التفاعل الكبير من الجمهور على وسائل التواصل الاجتماعي بعد التكريم؟

كنت مندهشا.. ما حدث على فيسبوك ومواقع التواصل كان أشبه بعاصفة من الحب. وصلتني آلاف الرسائل والتعليقات من الناس يقولون إن التكريم تأخر كثيرا، وأنني كنت أستحقه منذ سنوات طويلة. هذا التفاعل الصادق لا يمكن أن يصطنع.

- هل توقعت هذا التكريم في هذا التوقيت؟

بكل صراحة، لا. كنت أمر بظروف صحية صعبة، أجريت عملية جراحية لم تكلل بالنجاح، وغبت عن الساحة الفنية منذ ثلاث سنوات. لم يسأل عني أحد. وكأن الفنان لا يكرم إلا إذا غاب أو مات. وهناك العديد من الأسباب تجعلني أستحق التكريم في وقت مبكرا. 

التكريم الحقيقي ليس لحظة احتفاء، بل هو تقدير لمسيرة وعطاء حقيقي. وأنا لم أطلبه يوما، ولم أشتك وأنا في حالة مرضي، ولا في عدم تقديري، ولم أستخدم علاقاتي لتحقيقه. حتى شقيقي الراحل رجائي الميرغني، وكان وكيل نقابة الصحفيين، لم أستغل وجوده في الصحافة للحديث عني أو تسليط الضوء على أعمالي.

- رأيناك تبكي خلال لحظة التكريم.. ما الذي جال في خاطرك وقتها؟

بكيت لأنني قلت أخيرا.. تبكي عندما تستحق شيئا ويأتي وأنت في آخر العمر. أخيرا انتبه أحد لما قدمته. شعرت أن هذه اللحظة جاءت في نهاية المشوار، لا في ذروته. التمثيل ليس مجرد مهنة بالنسبة لي، بل هو رزقي وإيماني، لم أمتلك مشروعا تجاريا أو مطعما، فقط الفن.

كانت دموعي تعبيرا عن تراكمات سنوات طويلة من العمل دون تقدير. التمثيل بالنسبة لي رسالة، والبلدان التي لا تحترم الفن لا تنهض، لأنه مرآة المجتمع وصوته. وأي بلد من غير فن لا تكون بلد.

- كيف تصف رحلتك الفنية التي امتدت لعقود في المسرح والدراما والسينما؟

أنا مجرد مواطن أحب مهنته، ويدافع عنها بكل ما أوتي من طاقة. لم أساوم يومًا على قناعاتي، ولم أقل إن الفن حرام، بل على العكس، آمنت دومًا بدوره في بناء الوعي. الفن ضرورة حضارية، ولهذا كنت دائما حريصا على تقديم أعمال تترك أثرا، ولو بسيطا.

لدي إيمان مطلق منذ صغري بأن الفن له دور في الحياة أكبر من دور أي مجال آخر، هو المنارة مثلما يقال، منارة للشعوب لكي تفهم وتؤمن بدور الفن والأدب والثقافة فهو كفاح من نوع آخر، ليس المادي وإنما المعنوي، النوع الذي يبني شعوب، وحتى الآن الجمهور يتحدث عن نجيب الريحاني وعلي الكسار.. الفنانون القدامى قبل معاهد الفنون، كانوا يحفرون بأيديهم في الصخر.

- شكلت ثنائيًا ناجحًا مع الزعيم عادل إمام.. ما سر هذا التفاهم بينكما؟

عادل إمام فنان ذكي جدا، يراقب ويتابع كل جديد في الساحة، ويعرف كيف يختار من يشاركه أعماله. وكان دائما يراقب الحركة الفنية والفنانين الصاعدين لأنه نجم وهذا سر نجوميته. و"شاور عليّ" وهو من طلبني وقال عني إنني أقدم أدوارا مختلفة بأداء مميز، وإنني أضيف للعمل مهما كانت مساحة دوري.

قدمت معه أدوارا متعددة، من بينها شخصية “الإرهابي، والمظلوم”، وغيرهما، وكانت مساحة للتعبير الفني الصادق، لا مجرد أداء كوميدي أو سطحي.

- مشهدك الشهير في فيلم "السفارة في العمارة" مع عادل إمام حين قلت: (أنت مكانك مش هنا).. لا يزال حديث الجمهور.. ما تفسيرك لهذا الصدى المتواصل؟

هذا مجرد مشهد واحد في فيلم، شاهد كيف حجم تأثيره، وشاهد كمية الصدق في هذا المشهد، كنت أقول الكلام الذي يرددونه دائما، والصراع الذي كان بين أن تكون إنسانا مؤمنا وغيره، لأن الإيمان ليس إرهابا، هنا دور الفنان لكي يمنح الجمهور التنوير، لذلك الفن يعيش والجمهور حتى الآن يظل يتذكر هذا المشهد.

هذا المشهد دليل على أن الصدق في الأداء لا ينسى. الجملة البسيطة "إنت مكانك مش هنا.. إنت مكانك فوق" بقيت لأنها خرجت من القلب، ولأنها تحمل أبعادا إنسانية حقيقية.

هذا هو دور الفن، أن يسلط الضوء على قضايا الناس، وعلى الصراعات الأخلاقية في المجتمع. الأمر ذاته حدث مع دوري في فيلم "بوبوس"، حيث جسدت العامل البسيط المظلوم، وهذه النماذج موجودة حولنا، والفن يعيد تقديمها بوعي.

 

 

 
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز