نحو إعلان دولي يعزز التضامن وحماية التراث
مصر تشارك في اجتماعات مجموعة العشرين الثقافية بديربن
محمد خضير
في مشهد يعكس الحضور الفاعل للدبلوماسية الثقافية المصرية على الساحة الدولية، شاركت جمهورية مصر العربية في اجتماعات مجموعة العمل الثقافية لمجموعة العشرين "G20"، التي انعقدت بمدينة ديربن بجنوب أفريقيا خلال يومي 27 و28 أكتوبر 2025، تمهيدًا لعقد الاجتماع الوزاري غدًا الأربعاء الموافق 29 أكتوبر، لإقرار “إعلان كوادوكوزا – 2025” (KwaDukuza Declaration – G20 Ministers of Culture 2025).
ومثّل مصر في الاجتماعات السفير عمر سليم، مستشار وزير الثقافة للعلاقات الخارجية، نائبًا عن الدكتور أحمد فؤاد هَنو وزير الثقافة، حيث جاءت المشاركة المصرية لتؤكد التزام الدولة بدورها الحضاري في صياغة الرؤى الثقافية العالمية، ودعم الجهود المشتركة لحماية التراث الإنساني وتعزيز التعاون الدولي في المجال الثقافي.
شهدت الاجتماعات مشاركة مكثفة من الدول الأعضاء في المجموعة، إلى جانب عدد من الدول والمنظمات الدولية المدعوة من الرئاسة الجنوب أفريقية، من بينها مصر وعدد من الشركاء الفاعلين في مجالات الثقافة والتراث والتنمية المستدامة. وقد توصل المشاركون إلى توافق شامل بشأن مسودة الإعلان المزمع اعتماده، والذي يتضمن جملة من الأولويات الثقافية العالمية التي تمثل خارطة طريق للتعاون الدولي خلال المرحلة المقبلة.
وأكدت مسودة الإعلان على تعزيز التضامن الثقافي والتعاون العابر للحدود، وبناء شراكات فاعلة بين الدول تسهم في دعم التنوع الثقافي والتقارب بين الشعوب، باعتبار الثقافة جسرًا إنسانيًا يربط الأمم ويعمق قيم التفاهم والسلام.
كما شدد الإعلان على ضرورة الحفاظ على التراث الثقافي واسترداده، ومكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، وإعادتها إلى موطنها الأصلي، تأكيدًا على حق الشعوب في حماية تراثها وهويتها باعتباره ذاكرة الأمة وركيزة وجودها الثقافي.
وفي محور آخر، دعا الإعلان إلى دمج الثقافة في السياسات الاقتصادية والاجتماعية، بوصفها أحد روافد التنمية المستدامة ومحركًا للإبداع وفرص العمل في الصناعات الثقافية والإبداعية، مؤكدًا أن الثقافة ليست ترفًا، بل هي قوة إنتاج ومعرفة وتأثير.
كما تناول الإعلان محور التحول الرقمي والابتكار الثقافي، مشددًا على أهمية توظيف التقنيات الحديثة في حفظ التراث وصونه وإتاحته للأجيال القادمة بطرق مبتكرة ومستدامة، تعزز من فرص المشاركة الثقافية وتقلص الفجوة الرقمية بين الشعوب.
وأولى الإعلان اهتمامًا خاصًا بقضية الثقافة والتغير المناخي، مبرزًا دور الثقافة في رفع الوعي البيئي وتعزيز قدرة المجتمعات على التكيف مع التحديات المناخية من منظور إنساني وثقافي يوازن بين الإنسان والبيئة.
واختُتمت الاجتماعات بالتأكيد على الالتزامات الدولية وخطة العمل المستقبلية للتعاون الثقافي بين دول المجموعة، بما يسهم في توحيد الجهود العالمية لحماية التراث ودعم الابتكار الثقافي، ويعزز حضور الثقافة كركيزة للتنمية والسلام العالمي.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور أحمد فؤاد هَنو وزير الثقافة أن مشاركة مصر في اجتماعات مجموعة العشرين الثقافية تأتي في إطار حرص الدولة المصرية على تعزيز حضورها الدولي في المحافل الثقافية الكبرى، ودعم الجهود الرامية إلى دمج الثقافة في مسارات التنمية المستدامة.
وقال الوزير إن إعلان كوادوكوزا 2025 يمثل خطوة مهمة نحو بناء رؤية عالمية مشتركة ترتكز على التنوع الثقافي وحماية التراث وتعزيز العدالة الثقافية الرقمية، مشيرًا إلى أن مصر تولي اهتمامًا خاصًا بتعزيز الشراكات الثقافية الدولية وتبادل الخبرات في مجالات التراث والابتكار الثقافي والتحول الرقمي.
واختتم الوزير تصريحاته مؤكدًا أن الثقافة المصرية باتت أحد أهم عناصر القوة الناعمة للدولة، ومكونًا أساسيًا في استراتيجية التنمية الوطنية التي تضع الإنسان في قلب أولوياتها، لتظل مصر كما كانت دائمًا منارة للثقافة والفكر والإبداع في محيطها العربي والعالمي.
















