د. عبدالله زلطة
كيف أسهمت "روزاليوسف" في إحباط مؤامرة مد امتياز قناة السويس لعام 2028؟
في شهر فبراير عام 1933 فوجئت حكومة إسماعيل صدقي باشا بمجلة "روزاليوسف" تباع في الأسواق وبها وثيقة على درجة كبيرة من الأهمية حول اتفاق مد امتياز قناة السويس، وقعته شركة القناة مع الحكومة المصرية، وينص على أن تنتهي مدة الامتياز في عام 2028 بدلا من عام 1968!! فما قصة تلك الوثيقة؟ وما أهميتها؟
صدر عدد "روزاليوسف" بتاريخ 13 فبراير 1933 يحوي مشروع اتفاق بين وزارة إسماعيل صدقي باشا وشركة قناة السويس، وكان وراء الحصول على تلك الوثيقة الصحفي الشاب مصطفى أمين، الذي تمكن من الحصول عليها من خلال علاقة عاطفية ربطته بابنة أحد الوزراء، فسلمها، بعد أن حصل عليها، لأستاذه محمد التابعي، رئيس تحرير "روزاليوسف"، الذي نشرها على صفحة كاملة بالمجلة تحت عنوان (مشروع اتفاق خطير بين الوزارة الحاضرة وشركة قناه السويس).
وحوى نص تلك الاتفاقية تسع مواد على النحو التالي:
المادة الأولى: يمد امتياز شركة قناة السويس الذي ينتهي في ١٧ نوفمبر ١٩٦٨ إلى ١٨ نوفمبر سنة ٢٠٢٨.
المادة الثانية: تقتسم الحكومة المصرية والشركة صافي الأرباح مناصفة، ابتداء من أول يناير سنة ١٩٦٩ مهما قل إيراد الشركة.
المادة الثالثة: تدفع الشركة للحكومة ستة ملايين جنيه ذهب فورًا وستة ملايين ذهب أخرى على ثلاثة أقساط متساوية. الأول في أول يناير سنة ١٩٣٤ والثاني في أول يناير ١٩٣٨ والثالث في أول يناير سنة ١٩٤٢.
المادة الرابعة: تدفع الشركة للحكومة- زيادة على ما تقدم- ٧ بالمئة من أرباحها من سنة ١٩٣٤ إلى سنة ١٩٤٤ و٩ بالمئة من أرباحها من سنة ١٩٤٥ إلى سنة ١٩٥٤ و١١ بالمئة من أرباحها من سنة ١٩٥٥ إلى سنة ١٩٦٤ و١٥ بالمئة من أرباحها من سنة ١٩٦٥ إلى سنة ١٩٦٨.
المادة الخامسة: يجرى دفع ما تستحقه الحكومة في المواعيد المحددة لدفع أرباح المساهمين ويكون تقدير حصة الحكومة حسب القواعد المتبعة في تقدير أنصبة المساهمين من الأرباح.
المادة السادسة: تضم الشركة إلى مجلس إدارتها ثلاثة أعضاء تعينهم الحكومة المصرية للإشراف مع مجلس إدارة شركة القناة.
المادة السابعة: تفصل المحاكم المختلطة في كل خلاف بين الحكومة والشركة على أساس قانون الشركة الحالي.
المادة الثامنة: تتنازل الحكومة عن حصتها البالغة ١٥ بالمئة من الأرباح، المقررة في المادة الثامنة عشرة من عقد الامتياز المؤرخ ٥ يناير سنة ١٨٥٦ والتي تملكها الآن الشركة المدنية، ابتداء من ١٨ نوفمبر إلى سنة ١٩٦٨.
المادة التاسعة: لا يعتبر هذا الاتفاق نهائيا إلا إذا أقره البرلمان المصري والجمعية العمومية لمساهمي الشركة.
وبعد نشر تلك الوثيقة في "روزاليوسف"، أمر إسماعيل صدقي باشا رئيس الوزراء بإجراء تحقيقات موسعة لمعرفة كيف تسربت إلى المجلة، ولم يخطر بباله ولا ببال أي أحد من أعضاء الحكومة أن ابنة أحد الوزراء هي التي فتحت حقيبة والدها السرية وأخذت الوثيقة وأطلعت عليها الصحفي الشاب مصطفى أمين، الذي كانت تربطه بها علاقة عاطفية، بل سمحت له بتصويرها في أحد استديوهات التصوير بمنطقة الزمالك، ثم نشرها في أهم مجلة سياسية كانت تصدر في ذلك الوقت.
أما قصة حصول مصطفى أمين على تلك الوثيقة، وكيف تم نشرها، فتلك تستحق أن تُنشر في مقال آخر.
أستاذ الصحافة بجامعة بنها
















