
فرانكو!

كتبت : داليا سامي
إن اللغة العربية هى منبع و أصل اللغات و يكفي القول بأن الله "جل في علاه" اصطفاها من بين اللغات لتتشرف بتكوين كلمته في القرآن المصون لثرائها و قوتها و بلاغتها و جمالها. فاللغة العربية تعد من أهم العناصر التي تشكل هويتنا " العربية " التي كانت تعرف بقوتها في العالم بأسره. و لكن ... مع عصر السرعة والتقدم , تحاول الدول قدر الإمكان الحفاظ على هويتها و لغتها لأنها تعد من مصادر قوتها , أما نحن فماذا بفاعلين ؟؟؟
خلقنا لغة الفرانكو, لغة ليس لها أصلا و غير مفهومة الوصف , فهى عبارة عن وضع حروف باللغة الإنجليزية بجانب أرقام , فعلى سبيل المثال : كلمة الحمد لله تكتب بتلك اللغة el7 فلماذا؟! فهذا فيه خطرا كبيرا على اللغة العربية فإنها تضيع و تتلاشي شيئا فشيئا دون أن نشعر, بل هذا تدمير للغتين معا - العربية و الإنجليزية - . و مع الأسف وسط التكنولوجيا التي تحيط بنا من كل جانب , أصبحت هى اللغة الدارجة و أغلب العرب انساقوا وراءها , و كنت سوف انساق وراء تلك الموضه لولا قريب لي نبهني فقال لي " لا أحب الإنجليزي المتعرب " و منذئذ لم أفعلها ثانية.
بالإضافة إلى القوة الناعمة التي تتمثل في غزو الثقافات الأخرى محاولة سلب الهوية العربية دون دراية . و أمريكا على رأس القائمة, و من أخطر ما تقوم بتصديره إلى العالم العربي أفلامها التي أغلبها تدور حول عادات و تقاليد ليست متوافقة مع ديننا لا عاداتنا, و يوجد منها من يحاول يروج لفكرة الإلحاد - و العياذ بالله – . وهناك أيضا مفهوم خاطىء عند البعض , ألا و هو النسبية في الأخلاق, بمعنى أنه عندما يسافر مواطن عربي إلى بلد أوروبية يتعامل بمثل عاداتهم مفكرا أنه شىء ليس به من عيب طالما أنه مسموح في تلك البلد , و لكن في الواقع أن الأخلاق ثابتة في كل مكان و هذا ما يجب على كل شخص معرفته للحفاظ على هويته.
الأمم التي تريد أن تبقى هي التي تحافظ على هويتها. على سبيل المثال:الدولة اللقيطة, فحدث ولا حرج عن تمسكها بهويتها، فهي لم تقم إلا على أساس الدين اليهودي، وتحمل اسم نبي الله يعقوب "إسرائيل"، وليس لها دستور لأن دستورها التوراة ، ويتشبث اليهود بتعاليمها في السياسة والاجتماع وحياة الأفراد أو هكذا يظهرون، وقد أحيوا اللغة العبرية التي انقرضت من ألفي سنة لتكون لغتهم الخاصة ولغة العلم عندهم . يقول " أدولف كريمر" اليهودي: " جنسيتنا هي دين آبائنا ونحن لا نعترف بأية قومية أو جنسية أخرى " وعندما قال رئيس وزراء إحدى الدول العربية في ندوة في جامعة تل أبيب: "إننا في (بلدنا) نفرق بين الدين والقومية ، ولا نقبل أن تكون قيادتنا السياسية مرتكزة على معتقداتنا الدينية " رد عليه ديفيد فيثال قائلا : " إنكم أحرار في أن تفصلوا بين الدين والدولة، ولكننا في إسرائيل نرفض أن نقول: إن اليهودية مجرد دين فقط " وهذا كله إن دل فإنما يدل على مدى محافظة كل أمة على هوية أبنائها وحمايتهم من السقوط في هوة الانبهار بثقافات الآخرين .. فمتى نهتم نحن لهذا ونحوط أبناء أمتنا ونحميهم من الوقوع في هذه الحمأة..؟!
الحل بين أيدينا. نحب و نقدر اللغة العربية , نقرأ كتب كثيرة و على رأسها القرآن الكريم. و على منظومة التعليم و أولياء الأمور دور في غاية الأهمية , يجب عليهما تعليم النشء منذ الصغر أهمية اللغة و ما معنى الهوية و كيفية الحفاظ عليها وسط الثقافات الأخرى و عدم الانسياق وراءها إلا فيما يقوى الدولة . مع الوضع في العتبار أن الإسلام هو أساس التقدم , فإنه قائم على المساواة و العدل و الشوري. و مع الأسف هناك جملة تشق القلب, أن الغرب مسلمين بلا إسلام و أن العرب إسلام بلا مسلمين. لأننا نتخلى عن هويتنا باسخفاف و دون دراية بالعواقب. و لكن كفى ! فقد حان وقت الصحوة ! لاسترجاع مكانتنا مرة أخرى بين العالم بأسره.
* جامعة عين شمس - كلية الألسن - قسم اللغة الإنجليزية