"دكتور زيزو" وسر "البالطو الأبيض"
الدقهليه - مي الكناني
مع دقات الثامنة صباحًا، وداخل إحدى غرف الرعاية بمستشفى أطفال المنصورة، يقف "زياد" أو دكتور "زيزو" كما يحب أن يطلق عليه، طفل لم يبلغ عامه الثاني عشر بعد، مرتديًا "بالطو" أبيض يحمل اسمه، وما إن يطرأ لأذنيه صوت الدكتور أحمد الرفاعي، مدير المستشفى، يهم مسرعًا لمرافقته في مروره اليومي على المرضى.
"زيزو" هو أقدم مريض بالمستشفى، حيث قضى قرابة 9 سنوات يعالج من ضعف المناعة والتهاب مناعي في الكبد، ما تسبب في إصابته بنقص في هرمون النمو الطبيعي، وأرسل عدة تحاليل وراثية للتشخيص النهائي بمساعدة إدارة المستشفى وفريق نقص المناعة بأمريكا، وتبين أن الحل الوحيد هو إجراء زرع للنخاع العظمي، وذلك حسب الدكتورة ميادة صبري، الطبيب المعالج.
وتضيف صبري أن ضعف المناعة يتسبب في الإصابة بالعدوى المتكررة، وارتفاع انزيمات الكبد، وضعف النمو، ويعتمد علاج "زياد" على منحه أجسام مضادة، ما يساهم في استقرار حالته لحد كبير، ومن المقرر إجراء العملية مستقبلًا، خاصة بعد افتتاح وحدة زرع النخاع بالمستشفى، مطلع الأسبوع الجاري.
"زياد" هو الشقيق الأكبر لـ4 إخوة، بينهم توأمان يعانيان من نفس المرض، ويحتاج الثلاثي لحقنة "IVIG" شهريًا، ويتكفل المستشفى بتوفيرها لارتفاع ثمنها.
علاقة "زياد" بالمستشفى تختلف عن أي مريض آخر، فعلى مدار سنوات إقامته وبـ"لماضته ولباقته"، نجح في تكوين صداقات مع الطاقم الطبي وجميع العاملين، ولديه بصمة في كل حجرة داخل المكان.
بالبالطو الأبيض الذي يحمل اسم "دكتور زياد" وشعار المستشفى، استقبل الصغير الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي، أثناء افتتاحه 3 وحدات تخصصية الأحد الماضي، ورافقه طوال الزيارة، وداعبه الوزير قائلًا "انت بتشتغل هنا إيه"، ليرد "دكتور بعالج العيانين".
معاناة "زيزو" مع المرض كونت داخله أمنية ورغبة في أن يصبح طبيبًا، وينضم لفريق مستشفى أطفال المنصورة، ويعالج كل طفل ينهشه المرض، ويوليه اهتمام ورعاية مثل التي يتلقاها.
حياة "زيزو" داخل المستشفى لا تقتصر على كونه مريضًا، فلديه جدول ترفيهي منظم، يبدؤه بالذهاب للمكتبة ومشاركة زملائه في التلوين والرسم واللعب على الكمبيوتر وبالمكعبات، ثم الانتقال لحجرة "الألعاب"، والجلوس في الحديقة ومتابعة حالة الزهور والأشجار، والتأكد من ريهم بشكل صحيح ودوري.
كما لديه مهمة أخرى صباح كل يوم، وهي مرافقة الدكتور أحمد الرفاعي، مدير المستشفى، في المرور اليومي على المرضى، والتأكد من نظافة المكان، والتزام العمال بكافة التعليمات.
فكرة "البالطو" ومنح "زياد" بعض صلاحيات الإدارة، بجانب حضوره كافة الزيارات والحفلات الرسمية، نفذها "الرفاعي" منذ فترة قريبة، بهدف رفع حالة الطفل النفسية ومنحه الثقة، خاصة وأنه يعاني مرضًا وراثيًا صعبًا، ما ساهم في تحسن حالته وزيادة تفاعله ورغبته في العلاج بشكل كبير.
أما خارج المستشفى، يمارس زيزو حياته بشكل طبيعي، فهو تلميذ بالصف السادس الابتدائي، ويشارك أشقائه هوايات مختلفة مثل لعب "الدومينو والكوتشينة"، ومتابعة مباريات كرة القدم وتشجيع "محمد صلاح".
"بييجي هنا بينسى إنه تعبان"، بهذه الكلمات تحدثت والدة زياد عن ارتباطه بالمستشفى وحبه وتعلقه بالأطباء، والاهتمام الكبير والرعاية التي يقدمها مدير المستشفى له، ما يجعله يرفض المغادرة بعد تحسن حالته.
رؤية "محمد صلاح" وزيارته للمستشفى هي حلم دكتور "زيزو"، الذي يتمنى ارتداء التيشيرت الخاص به، ووجه رسالة له قائلًا "مستنيك تيجي المستشفى، بحبك يا صلاح".
















