عاجل
الأحد 3 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي
"فأما الزبد فيذهب جفاء"

"فأما الزبد فيذهب جفاء"

مر يوم 25 يناير 2020 مثله مثل أي يوم، خرج من خرج إلى عمله، وبقي من بقي في بيته، ومرت بعده ما تبقى من يناير من أيام، لم يستجب المصريون إلى دعوات التظاهر، لم يتفاعل المصريون مع مخططات حرق الوطن من خلال سيناريوهات الفوضى، كما كان يحلم ويخطط إخوان الشيطان المرابطين في تركيا الذين باعوا أوطانهم وباعوا عزها وشرفها من أجل حفنة من الدولارات، أثبت يناير 2020 أن الدولة المصرية قوية متماسكة بفضل وعي المصريين ويقظة أجهزتها ومؤسساتها ماضية في طريقها عازمة على تحقيق أهدافها وأنه لا عودة إلى الوراء.



 

لم تلق دعوات التظاهر أدنى قدر من الاستجابة كما لم تفلح محاولات الإرهابية اللعب على وتر بعض الفئات التي تعانى من أوضاع مالية واجتماعية صعبة مثل المعلمين الذين أثبتوا ولاءهم وحبهم لبلدهم، حتى الروابط الرياضية من مشجعي الأندية مثل الأهلي والزمالك لم تلق مثل هذه الدعوات الخبيثة أدنى قدر من الاهتمام منهم، أثبت يناير 2020 أن الإخوان أصبحوا فئة منبوذة من كل المصريين وأن كل محاولاتهم لتغيير الجلد واختراق المجتمع المصري بوجوه جديدة من اليمين إلى اليسار فشلت جميعها بعد أن أسقط المصريون النقاب عنهم جميعا.

 

 

إلى حالة الاستقرار والأمن والأمان التي تعيشها مصر وإلى هذا الواقع الذي يشهد بنجاح خطط الدولة من أجل تحقيق إصلاح اقتصادي ونهضة عمرانية شاملة وثورة صناعية وتشريعية لم تشهد مثلها من قبل، تأتى بعض المشاهد كشواهد جديدة ودلائل ليست أقل أهمية من غيرها على نجاح مسار الدولة المصرية منذ 3 يوليو 2013، لعل منها هذه الفوضى التي تضرب عددا من الدول العربية، ولعل منها أيضا هذا المشهد لشرطية فرنسية وهي تصرخ من قلبها في متظاهرين فرنسيين وتطالبهم بالكف عن التظاهر وتسألهم لماذا تحرقون وطنكم لماذا تحرقون باريس؟ ألم تروا ماذا فعل العرب بأوطانهم؟ هل تريدون أن نصبح سبايا كما حدث مع نساء وفتيات العراق وسوريا؟ تنزع الشرطية في مشهد مؤثر زيها العسكري وتتجه صوب المتظاهرين وتطالبهم أن يقتلوها هي ويتركوا باريس، هل توقف البعض منا عند هذا المشهد؟ هل أدرك الكثيرون منا ما وراء هذا المسلك؟ هل عرفوا قيمة وأهمية الدور الذي تؤديه الشرطة الوطنية في الحفاظ على الوطن وحمايته من مخاطر التداعي والسقوط؟ أعتقد أن معظمنا إن لم يكن كلنا رأى وأدرك معنى هذا المشهد الذي أراه علامة فارقة بين ما هو باطل وما هو حق، فالشاهد هذه المرة يأتي من دولة تنهل من الحضارة الحديثة، دولة من دول العالم الأول في مقدمة الأمم تنعم بالأمن والأمان والاستقرار والرخاء وكل ذلك أصبح مهدد بالزوال بعد أن استمرت الفوضى والقلائل الأمنية شهورًا عديدة.

 

 

إلى الإنجازات التي تحققت في جميع المجالات تمضي مصر أيضًا في طريقها، عازمة على مواجهة الفكر الذي أوجد البيئة الحاضنة لجماعات العنف والإرهاب، الفكر الذي مهد الطريق لجماعة الإخوان الإرهابية لاعتلاء عرش مصر، تصر مصر على مواجهة الأفكار الشاذة والدعاوى الضالة التي تدعو إلى التكفير والإقصاء والعنف وكل ما من شأنه بث الفرقة والفتنة في المجتمع، ومن ذلك يأتي المؤتمر الدولي لتجديد الخطاب الديني الذي دعا إليه الأزهر الشريف وحضره فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وتلك المناظرة التي جرت بين فضيلته ورئيس جامعة القاهرة الدكتور محمد عثمان الخشت وما شهدته من خلاف حول الموقف من قضية التراث وهو خلاف يضيف إلى مصر الجديدة ويؤكد ما تشهده من تنوع في الرؤى والأفكار ويعزز الرغبة لدى الجميع على ضرورة الوصول لصيغة متفق عليها حول قضية تجديد الخطاب الديني وهي الصيغة التي لن يمليها طرف على آخر بل سيتم الوصول إليها بالحوار وتبادل الرؤى، الجميع يطرح ما لديه في حوار عقلاني من دون محاباة أو إقصاء.

 

وصدق الحق سبحانه وتعالى إذ يقول: "فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض" الرعد الآية 17.. حقا وصدقا كل ما هو شك وكل ما هو غير حقيقي وكل ما هو زيف يذهب سدى بلا قيمة، وأما ما ينفع الناس فيبقى ويمكث بل ويتجذر في الأرض، فدعوات الإخوان ومن على شاكلتهم وفيديوهات وأكاذيب المقاول الهارب ومن على شاكلته، وكل من تآمر على مصر وعلى المصريين من أمير قطر لرئيس تركيا، كلهم ومخططاتهم ودعواتهم ذهبوا جفاء وبقى من تمسك به الشعب المصري وما أراده الشعب المصري وبقيت الأجهزة والمؤسسات الوطنية قوية متماسكة صلبة تدافع عنه وعن مصالحه وثرواته ومقدراته وتفضح مخططات وألاعيب أعدائه، فها هي الداخلية المصرية تكشف عن مخططات إخوان تركيا لإثارة الفوضى في مصر ومحاولة تهييج الشارع من جديد مستغلين أحد الوجوه الجديدة، بقيت هذه المدن التي تم إنشاؤها وهذه الكباري والجسور والأنفاق، وبقيت الطرق ومحطات الكهرباء والطاقة ومحطات تحلية المياه، وبقيت المدارس والمساجد والكنائس والمصانع.

 

 

بقيت هذه الصورة البراقة لمصر الحديثة التي تخطو بخطى واسعة نحو المستقبل، وبقي 25 يناير يوما محفورا في ذاكرة المصريين يجسد نضال الشرطة المصرية واستبسالها ورمزا على وطنية وكرامة هذا الجهاز ووطنية رجاله، وبقي كذلك يوما خالدا يجسد ذكرى ثورة يناير المجيدة ويحفظ في ذاكرتنا صور هؤلاء الشهداء الأبرار الذين حلموا بمصر دولة عصرية جديدة فثاروا على الجمود والتخلف.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز