عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

الفنان أحمد صقر يسرد سيرة الرمال بمعرضه" ثرى مصر"

دكتور احمد رجب صقر فنان تشكيلى
دكتور احمد رجب صقر فنان تشكيلى

على شواطئ الساحل الشمالي، وأرض سيناء خطى على الرمال بخطوات بطيئة متأملًا البحر الأزرق الصافي، ويتابع آثار أقدامه التي تركها على الرمال مع كل خطوه، ثم انحنى والتقط بعضًا من حبات الرمال البيضاء، ووضعها بين أطراف يديه وانقض على بعض منها، فسمع أصواتًا تتحدث همسًا بكلمات غير مفهومة، فشعر بانجذاب ولهفة، جعلته يسأل نفسه من هم ساكنو الرمال؟ فأجابته عرافة الرمال: أن ثرى مصر يسكنها أرواح عطرة لشخصيات ورموز ورواد لعلماء التنوير ورجال الدين والعلم والتجديد والادب والثقافة، ومبدعين وفنانين منحونا البهجة والسعادة وشاركونا سنوات الشجن العامة والخاصة، وزعماء وقادة من الجيش المصري وجنود حاربوا واستشهدوا على أرض سيناء، وامتزجت دماءهم بهذه الرمال من أجل حريتنا وقوتنا، وشكلوا هؤلاء الرموز شخصية مصر والهوية الجمعية للشعب المصري".



 

فأدراك أنها رسالة تحذير من ساكني الرمال، ووجب علينا أن تحتمى بقوتنا الناعمة وبتاريخ مصر، فهو سلاحنا ضد المتربصين والاعداء، عظيمة أيتها الرمال المصرية.

 

إنه الفنان التشكيلي الدكتور أحمد رجب صقر، ومعرضه الجديد "ثرى مصر" المقام حاليًا بقاعة "أفق"، الفنان صقر له باع كبير وتفرد وتميز، وخصوصية على مدار مسيرته الفنية في فن التشكيل بالرمال، التي يجمعها بنفسه من على شواطئ مصر، إلا أنه في معرضه الجديد استخدام الرمال، ليس كونها خامة للتشكيل فقط، بل أيقظها من ثباتها لتحيا مجددًا، وتحتفى بتخليد رموز في كل المجالات، فمنح الرمال قدسية وقيمة رمزية

 

لماذا " ثرى مصر"

حدثنا "صقر" عن شعوره بقلق اتجاه بعض الشباب، حيث يرى أن انتماءهم اهتز وتأثر في السنوات الأخيرة، بسبب المغرضين هم أعداء مصر، وأننا دولة مستهدفة من الداخل والخارج لما لها من قيمة ودور مفصلي وجوهري في العالم كله، وهناك تقصير من الاعلام المرئي والميديا المعاصرة، ويجب إلقاء الضوء وعرض تاريخ هؤلاء الرواد والرموز حتى ينتبه الاجيال الجديدة لقيمة مصر وثراها، وهذا ما دفعه لتخليد أصحاب القيمة والقامة من كل المجالات، هؤلاء رحلوا وعادوا إلى تراب مصر وأصبحوا "ثرى"، فاكسبوا تراب مصر قدسية.

 

الإعداد المسبق للمعرض

عن الاعداد للمعرض والتحضير الثقافي والشحن النفسي، وحالة معايشة مع كل الشخصيات، حدثناه "صقر أنه كان يستمع لنماذج صوتية وأحاديث للقادة والزعماء والمثقفين من الأدب والشعر ورجال الدين، وأحاديث الشيخ الشعراوي والبابا كيرلس والبابا شنودة موقفه من قضية فلسطين، وشاهد أفلامًا لنجوم الزمن الجميل واسترجع أهم أدوارهم ولقطاتهم، كما استمع لأغاني الوطنية خالدة عن حرب أكتوبر، بجانب قراءته المستمرة للأدب والتاريخ وسيرة الزعماء حول ما قدموه هؤلاء لمصر.

ومن إيمانه وانتمائه لمصر وإدراكه لقيمتها يسرد لنا الفنان "صقر" سيرة الرمال باللوحات التصويرية، والمقام حاليًا بقاعة " افق " - بمتحف محمود خليل وحرمه – الدقي، والمعرض المستمر إلى يوم 16 فبراير الجاري.

 

حراس المعابد المصري القدي

بمدخل قاعة "أفق" يجذبك في لوحاته التصويرية، وجود لونين أساسيين لهم السيادة الفنية التشكيلية، ولهم أيضا السيطرة البصرية الضوئية وانعكاس خيالاتهما على أرضية قاعة أفق، وهما اللون الأبيض لون الرمال، والازرق البحري Ultra-Marine  الساحر الصوفي الروحاني ذات دلالة الفلسفية العميقة التي أرساها المصري القديمEgyptian Blue ، واستقبلتنا في المدخل لوحة تصويرية بها طيور الأقصر، التي اعتادت التحلق فوق معبد هابو، تقف بتشكيلاتها الإيقاعية في حركة قوية كحارس في وضع استعداد، يحيط بها نصوص وأبجدية حداثية ومعاصرة المعالجة تلك التي أبدعها الفنان صقر على مدار مسيرته الفنية كنوع من التلاقي والتحاور البصري مع أبجدية ونصوص المصري القديم، وأيضا البناء التكويني في الاعمال، يقودها الفكر الهندسي الراسي والأفقي المستلهم من فلسفة المصري القديم مصفوفات منتظمة.

 

رموز مصر واللقاء الأول

مهما كان لنا من مساحات خيال، فإننا لا نتوقع شكل لقاء أرواح رموز مصر، فجعل الفنان صقر من المسطح التصويري مكانًا للقاء البصري والفني بين 120 شخصية إنسانية عظيمة، جديرة أن تظل حيًا في ذاكرة مصر، شخصيات عاش كل منهما في زمنا يختلف عن الآخر، ومنحونا إبداعًا كلا في مجاله، منفذه صور الشخصيات بإتقان ودقة نابعة من خبرته في فن الحفر( الجرافيك )، وبتقنية طباعة الاستنسل، أعد المعالجة لكل شخصية، يرافق الشخصيات من أعلى اللوحات طيور حراس المعبد رمز السلام، بالإضافة إلى أبجدية صقر الجمالية المعاصرة البارزة المنحوتة بحرفية.

 

لمن يذهب ميراث الرمال..

نحن الورثة الشرعيين لروادنا، فلنا ميراث يحمل صفة الخلود هو من الاجيال السابقة إلى الاجيال الحاضرة والقادمة، حرص على الربط بينهما وبين الخلفية برسم خطوط مستقيمة متتابعة تقترب من شكل "الحياكة"، بالخيوط كنوع من الحذر والحرص على الميراث أن تظل منسوجة في قماشة التاريخ المصري، على خمس لوحات تصويرية ( مربع ) وبنفس البناء التكوين الهندسي جمع في كل لوحة بين عشرين شخصية ورمز من مجالات مختلفة الثقافة والفنون والادب والتلحين والغناء والطرب والشعر والتمثيل وقادة وزعماء وعلماء ورجال الدين الإسلامي والقبطي .

 

رمال سيناء وسيرة الشهداء..

خدم في الجيش المصري، وهو يعرف قيمة رمال سيناء أنها امتزجت بدماء الشهداء من قادة وجنود مخلصين لمصر في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر، لوحتين خصصهما للجيش المصري بهما زعماء أمثال الفريق سعد الدين الشاذلي، أنور السادات، عبدالمنعم رياض، نبيل شكري، أحمد إسماعيل على، الفريق الجمسي وغيرهم من القادة، ودون كتابات لشعارات أفرع القوات المسلحة، مثل سلاح المدفعية والمدرعات والطيران وغيرها، وجمل تحكى لحظة تاريخية مهمة مثل العاشر من رمضان، وجمل حماسية اعتاد عليها تريدها الجندي، مثل القوة – الوطن - العزيمةالنصر -عزة – شرف – الكرامة - مجدالبطولة - النصر والشهادة في سبيل الوطن.

 

عطور وزهور الرمال المصري

مجموعة لوحات تصويرية دائرية الشكل عرضت متجاورة بالقاعة لصور لنجوم الزمن الجميل، وهم من منحوا الرمال عطرًا خالدًا، مثل ( فاتن حمامة – عمر الشريف - هند رستم – عبد الحليم حافظ - سعاد حسنى – شادية – أم كلثوم – اسمهان – ليلى مراد – انور وجدى – نجيب الريحاني وغيرهم، نفذ الفنان صور النجوم بطريقة السلويت، وفى داخل تكوين اللوحة كتبت كلمات رومانسية تأثيرية ممزوجة بزخارف وردية، وأرجع الفنان صقر أسباب في اختياراته للنجوم التي أثرت في وجدانه كإنسان، والتي رافقته في أحلام فترة الشباب.

 

فقد اختارت السندريللا سعاد حسنى، تلك الجميلة التي علمت نفسها بنفسها، معتمدة على موهبتها في التمثيل، وحياتها كانت درامية في نهايتها، خصص لها ثلاثة لوحات، أحدها سعاد حسنى تطل عليها من بين زهور بجوار العاشق "عبدالحليم حافظ" أشهر قصص الغرام الدرامية لم يجمعهما الواقع جمعهما ثرى مصر، وكتب حولهما (غرام وحنين)، وذكريات مع الرقيقة الفنانة شادية في أغنيتها الوطنية التي كان يعشقها الفلاحون، خصص لها أيضا ثلاث لوحات وكتب حول صورتها (عطر هيام – رقة - لمسة – روح(.

 

ولأن مصر حاضنة للأجنبي، مثل اسمهان واستفان روستي ونجيب الريحاني وغيرهم، جميعهم انصهروا في مصر وصبغتهم مصر بهويتها وأصبحوا مصريين، وأيضا الفنانة ليلى مراد التي لها دور وطني، حيث رفضت الذهاب إلى إسرائيل فقد خصص لها لوحة وبجوارها نجيب الريحاني وأنور وجدي، وفاتن حمامة وعمر الشريف قصة غرام واحترام وربط بينهما بجمل رومانسية (عطر – سلام)، أم كلثوم ودورها الفني والوطني من أجل مصر.

 

راقصات على الرمال

أما مجموعات راقصات على الرمال، فاستعان الفنان صقر بموديل لرسم الحركة واعد مجموعة اسكتشات، اهتم بالحركة الايقاعية المتتابعة والتلاقي البصري مع جداريات المصري القديم حيث قيمة الموسيقى والفن، إلا أن تبدو الراقصات بأكثر من معنى الاول: إنها قد تكون لنساء الصحراء المصرية القديمة أثناء حفلات الرقص وأقدامهن نقشت على الرمال حكايتهن، والمعنى الثاني: النساء تلك العنصر البشرى وتتابع الحركة يقترب من شكل الأبجدية والنصوص الكتابات التصويرية في بدايات الكتابة.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز