عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

د. سيد رشاد يكتب : خلاصة الكلام في فكر الفيلسوف ومقاصد الإمام

قبل الشروع في الحديث عن المناظرة الفكرية، التي دارت بين أستاذ فلسفة الدين الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، وبين فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب، ثمة تساؤلات أود طرحها والإجابة عنها، وهي:



- هل خرج علينا الخشت داعيًا إلى دين جديد؟

- هل شكك الخشت في المقدس؟

- هل آراء الخشت- كلها- صواب لا تحتمل الخطأ؟

- هل حمل مؤتمر الأزهر عنوانًا آخر غير "تجديد الخطاب الديني"؟

-هل نفى شيخ الأزهر قاعدة الاجتهاد وإعمال العقل؟

- هل قصد شيخ الأزهر إحراج الخشت، وتصدير صورة مغايرة لحقيقة الرجل؟

- هل الخلاف في الرأي مدعاة إلى التفرق والتحزب والتعصب؟

وإذا أردنا الإجابة عن هذه التساؤلات بما يتوافر لدينا من أدلة وشواهد وأقوال وحقائق، فستكون الإجابات- من وجهة نظرنا- على النحو التالي:

لم يدع الخشت إطلاقًا إلى دين جديد يخالف الإسلام، كما أنه لم يشكك في المقدس، بل أكد مرارًا وتكرارًا أن النص القرآني، وما صح من السنة النبوية الشريفة من المقدسات التي لا جدال فيها ولا خلاف حولها، وقال- نصًا- إنه بانقطاع نزول الوحي فتح باب الاجتهاد في التفسير والتأويل، فأصبح الحديث يدور عن أعمال إنسانية يتم تناقلها عبر الأشخاص والأزمان، ومن ثم فهي قابلة للمراجعة، وتخضع لقاعدة الصواب والخطأ، وعليه لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار أقوال الفيلسوف كلها صواب أو كلها خطأ، انطلاقًا من القاعدة الثابتة للاجتهاد، وأن آراءه تحتمل الصواب وتحتمل الخطأ، ويمكن الأخذ منها والرد عليها في ضوء المحاجاة المنطقية ومقارعة الحجة بالحجة، استنادًا إلى الأدلة والبراهين.

وردًا على التساؤل هل حمل مؤتمر الأزهر عنوانًا آخر غير "التجديد"، نرد بأن المؤتمر جاء تحت عنوان "مؤتمر الأزهر لتجديد الفكر الإسلامي والعلوم الإسلامية، "أي أن التجديد قاسم مشترك بين الفيلسوف والإمام. كما أن فضيلة الإمام لم ينفِ مبدأ الاجتهاد بل أقره بتأكيده على أن كتاب الخشت، اجتهاد يقبل الشك أو الخطأ، وبالتالي يحتمل الصواب، وهو ما يقوم عليه التفكير النقدي من ضرورة التساؤل الفعال والإيجابي حول ما يرد إلينا من أقوال أو أفكار أو قضايا والتمهل في إصدار أحكام عليها، إلا بعد التأكد والاستيثاق من صحتها ومصداقيتها في ضوء الحجج والأدلة والبراهين.

كما أن ما حدث من شيخ الأزهر في تعقيبه على الخشت، لم أقرأه أنا استنادًا إلى لغة الجسد وطريقة الخطاب والألفاظ الصادرة عن الإمام، على أنه إحراج كاذب لشخص الفيلسوف أو تقليل من شأنه أو قيمة عمله، ذلك أن فضيلة الإمام يعرف قدر الرجل وينزل العلماء منزلهم ويشهد له بالاعتدال والسماحة.

خلاصة الكلام، أن "التجديد" أو "التثوير"، بالبحث عن المناقب وما يصلح من التراث لعصرنا الحالي، وتغيير نمط التفكير وتجديد أسلوب الخطاب الديني وتطوير العلوم الإسلامية هي في مجملها قواسم مشتركة في فكر الفيلسوف ومقاصد الإمام، وجميعها وسائل تفضي إلى تحقيق نفس الغاية، المتمثلة في بناء إنسان مفكر ومتنور ومعتدل، يؤمن بالمقدس، ويطلعه قولا وفعلا، ويقدر قيمة العقل والاجتهاد ويوظفهما في خدمة العباد والبلاد.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز