محمود حبسة
بالعربي
التنمر سلاح الإخوان الجديد
وقفت الدولة المصرية، حكومة بكل أجهزتها، ومؤسساتها، وشعبها بكل طوائفه وفئاته، موقفا واحدا لمواجهة خطر انتشار فيروس "كورونا" فى الوقت الذى تشهد فيه السوشيال ميديا، ووسائل التواصل الاجتماعى فى مصر، ظاهرة غريبة، تميزها عن غيرها من دول العالم هذه الأيام، ولكنه للأسف تميز سلبي، يتمثل فى تنمر جماعة الإخوان المسلمين عبر لجانها الإلكترونية بالمسؤولين فى الدولة والسخرية منهم، وفى المقدمة منهم وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد، وآخرون فى مواقع ووزارات مختلفة من النقل إلى المحليات إلى الإسكان، انتهاء بالأرصاد الجوية.
لم يشفع للمسؤولين بالدولة، أنهم مارسوا أكبر قدر من المسؤولية، منذ بدء الإعلان عن ظهور فيروس كورونا فى دولة الصين، لم يشفع لهم أن الدولة المصرية، اتخذت ومبكرا قرارا بعودة المصريين المقيمين فى منطقة "ووهان"، موطن الفيروس، وعلى نفقة الدولة، ثم إيداعهم فى حجر صحى لمدة 14 يوما، وسبقت فى ذلك دولا مثل الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية، واتحذت كل الإجراءات الصحية للحيلولة دون انتقال الفيروس.
لم يشفع للمسؤولين فى مصر، أن تشهد منظمة الصحة العالمية للنظام القوى، والإجراءات الصارمة التى اتخذتها مصر، للحيلولة دون انتشار الفيروس، لم يشفع للمسؤولين بالدولة، أن مصر لم تشهد سوى ثلاث حالات إصابة فقط، حتى كان ماحدث فى باخرة الأقصر السياحية، بسبب السائحة التايلندية، وأنه حتى 8 مارس الحالى لم تشهد مصر سوى حالة وفاة واحدة لألمانى توفى فى مستشفى العزل بالغردقة.
لم يشفع للدولة المصرية، قيامها بوضع 300 أسرة مصرية فى محافظة الدقهلية فى الحجر الصحى، بعد وفاة واحدة من أهالى المحافظة فى 12 مارس الجارى، خوفا من احتمالية انتقال الفيروس للمخالطين لها، دأبت لجان الإخوان على التشكيك فى الإجراءات التى اتخذتها الدولة، تحدثت عن إصابة الآلاف، وأن المصريين المقيمين فى الخارج المصابين بالفيروس، أصيبوا به داخل مصر، دون أى إثبات أو دليل، دون حتى التأكد من دخول أحدهم مصر، خلال هذه الفترة.
قال الإخوان، إن مصر تنكر وجود الفيروس، وأن أجهزتها الرسمية تكذب، وأن هناك آلافًا مصابون به، بل روجوا لما أشاعته كذبا صحيفة "الجارديان"، أن مصر بها 19 ألف مصاب، استخدم الإخوان سلاحهم الجديد، قالوا: "إن مصر تصدر الفيروس"، فى مسلك متدنٍ، وانخرطوا فى ذلك مع الكارهين لمصر، من بعض الحاقدين والمتربصين بها هنا وهناك، مثل بعض الإعلاميين الحمقى، أو المأجورين فى منطقة الخليج، الذين طالبوا بطرد العمالة المصرية من دولهم.
حتى كتابة هذه السطور، لم يتوف من المصريين بسبب فيروس "كورونا"، سوى ثلاثة أشخاص، فحسب، فى وقت يضرب فيه الفيروس، وبقوة، دولا فى مستوانا، مثل إيران، بل وأكثر منا تقدما وحضارة وأغنى منا، بدءا بالصين، ومرورا بكوريا الجنوبية وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا وبريطانيا وألمانيا، وانتهاء بأمريكا، ويحصد أرواح المئات والآلاف من شعوبها،
إلا أن الإخوان، مارسوا هواية التشكيك وترويج الشائعات.
مارسوا دورا فى رأيي لا يقل عن الخيانة فى وقت الحرب، لأن مصر تخوض بالفعل حربا ضد الفيروس القاتل، وحربا ضد جماعات الشر ومخططاتها، وحربا ضد الإعلام المعادى، فى تركيا وقطر، وحربا ضد مخططات الرئيس التركى أردوغان، الذى يسعى لتقويض مصر وحصارها وزعزعة استقرارها، من خلال السيطرة على ليبيا وتحويلها لقاعدة انطلاق للإرهابيين، وحربا للحد من آثار وتداعيات تفشى فيروس "كورونا"، التى عانت منها معظم دول العالم، والتى تمثلت فى تدنى أسعار النفط، وتراجع الصادرات وحركة التجارة الدولية، وحركة الملاحة الجوية، وفى مصر إضافة لكل ذلك هناك تراجع فى عائدات السياحة، حيث تؤكد مصادر إلغاء 70% من الحجوزات، إضافة إلى تراجع تحويلات العاملين بالخارج.
مارس الإخوان التنمر، على الدولة المصرية، ومعهم البعض الذين انطلت عليهم خدعهم وأكاذيبهم، فى وقت لم يتنمر فيه البريطانيون على رئيس وزرائهم، عندما طالبهم بأنهم يجب أن يكونوا على استعداد لتقبل فراق أحبائهم.
والحال نفسها فى ألمانيا، فلم يتنمر الألمان على ميركل، عندما قالت إن حوالى 60 أو 70 % من الألمان معرضون للإصابة بكورونا، كما لم يتنمر الإيرانيون على قادتهم من السياسيين ومرجعياتهم الدينية فى وقت توفى فيه أكثر من ألف إيرانى، وفق الإحصاءات الرسمية.
كما لم يتنمر الإيطاليون على المسؤولين فى دولتهم، رغم وفاة أكثر من 2300 مواطن، بل حتى عندما ذهب الرئيس التركى أردوغان لملاقاة الرئيس الروسى فلادمير بوتين فى موسكو، ووقف هو والوفد المرافق له، وظل ينتظر طويلا فى مشهد مهين، ومتعمد، حتى تكرم بوتين وأّذن له بالدخول.
لم يتنمر الأتراك، باستثناء رئيسة حزب معارض هاجمت أردوغان صراحة، واتهمته بأنه أضاع كرامة تركيا، ولكن لم يفعل الأتراك كما يحلو للإخوان، الذين يعرفون جيدا كيف يتم استقبال الرئيس من جانب بوتين وترامب، ثم يتركون كل شيء، ويتحدثون عن جلسة الرئيس وهيئتها.
حتى مع أحوال الطقس السيئ، ورغم المؤتمر الوزارى الكبير، الذى عقدته الحكومة قبيل الإعصار وحضره تقريبا جميع المسؤولين المعنيين بالموضوع، وحذروا خلاله من الإعصار والتدابير التى يجب اتخاذها، ورغم نزول المسؤولين إلى الشوارع، وهو ماحد من تداعيات الإعصار، لجأ الإخوان إلى التنمر لم يراعوا وفاة 20 مواطنا بينهم اثنان، صعقا بالكهرباء، لم يتحدثوا أن إعصارا كهذا أكبر من قدرة الدولة، بل أكبر من قدرة أى دولة على التصدى له، راحت كتائب الإخوان الإلكترونية تروج وتشير بوستات على الفيس والسوشيال ميديا تقول: "الحكومة المصرية تطالب المواطنين بسرعة لم الغسيل من على الحبال".. ألا نامت أعين الجبناء.