عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
كورونا لن تنسينا عيد تحرير طابا

كورونا لن تنسينا عيد تحرير طابا

 رغم حالة الهلع التي يعيشها العالم من فيروس كورونا الذى ضرب بقوة فى بعض دول العالم فخلف ضحايا واجلس الكثيرين فى منازلهم وتسبب توقف صناعات عملاقة ونشر جيوش فى الشوارع لتحد من حركة الناس فى الشوارع ، فاننا فى مصر يجب الا ينسينا ذكرى مهمة توافق اليوم 19 مارس،  وهى عيد تحرير طابا وهو تاريخ عزيز على مصر يوم ان استردت مصر اخر قطعة ارض من ارضها والذى صادف التاسع عشر من شهر مارس عام 1989م ذكرى تحرير طابا، وهو اليوم الذي  رفع فيه الرئيس المصريّ الأسبق محمد حسني مبارك علم مصر فوق أرض مدينة طابا والتى تبلغ مساحتها 3.72 كيلو متر مربع وتقع جنوب شرق سيناء على ساحل خليج العقبة.



 

المصريون الذين استردوا طابوا بعد مفاوضات سلام مضنية بعد معركة دفعوا فيها دماءهم وارواحهم فداء لأرض سيناء خلال معركة أكتوبر المجيدة سنة 1973 والتى خاضوها ضد العدو الإسرائيلى الذى لا تردعه إلا القوة.

خاضوا معركة تحرير طابا بمفاوضات دولية متسلحين فيها بالعقول والوثائق التى فندت الإدعاءات الإسرائيلية، حيث اوضحت مصر موقفها وأكدت حقها فى استعادتها وقصة استعادة طابا احداث يجب ان نستعيدها  ونحكيها للأجيال الحالية فكل حق لم تستطع ان تحسمه بالقوة يمكن ان تستعيده وتاخذه بالمفاوضات طالما كانت قضيتك عادلة وتملك الحقوق فى هذا الحق ، ولعل مشكلة سد النهضة التى تخوض مصر بها مفاوضات بينها وبين اثيوبيا مثال حديث على ما تخوضه الدبلوماسية المصرية من مفاوضات ستكلل بمشيئة الله فى النهاية بالنجاح .

 

ولنرجع لقصة معركة استعادة طابا بالمفاوضات فعقب حرب أكتوبر عقدت في 1979 اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، والتي بموجبها بدأت إسرائيل انسحابها من سيناء، وفي أواخر عام 1981 الذي كان يتم خلاله تنفيذ المرحلة الأخيرة من مراحل هذا الانسحاب، سعى الجانب الإسرائيلي إلى افتعال أزمة تعرقل هذه المرحلة، وتمثل ذلك بإثارة مشكلات حول وضع 14 علامة حدودية أهمها العلامة (91) في طابا، مصر قررت ان تنهى المرحلة الاخيرة وتفوت الفرصة على الإسرائليين الذين اردوا المماطلة  خاصة ان المرحلة الأخيرة كانت تضم مساحات واسعة من جنوب سيناء وشرم الشيخ مما أدى لإبرام  مصر لاتفاق في 25 أبريل 1982 والخاص بالإجراء المؤقت لحل مسائل الحدود خاصة فى منطقة طابا والعلامات الحدودية .

 

الاتفاق نص على عدم إقامة إسرائيل لأي إنشاءات وحظر ممارسة مظاهر السيادة، على منطقة طابا وأن الفصل النهائي في مسائل وضع علامات الحدود المختلف عليها يجب أن يتم وفقاً لأحكام المادة السابعة من معاهدة السلام المبرمة بين البلدين، والتي تنص على حل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير المعاهدة عن طريق المفاوضات، وأنه إذا لم يتيسر حل هذه الخلافات بالمفاوضات فتحل عن طريق التوفيق أو تحال إلى التحكيم الدولى وهو ما لجأت له مصر.

 

وبعد 3 أشهر من هذا الاتفاق افتتحت إسرائيل فندق سونستا وقرية سياحية وأدخلت قوات حرس الحدود محاولة فرض أمر واقع على الأرض ووقتها هددت مصر انها يمكن ان تتحرك عسكرياً حال استمرار وجود قوات إسرائيلية بكثافة فى طابا فوضعت اسرائيل قوات رمزية ،  وقامت الحكومة المصرية بالتحرك سريعاً وبالرد عن طريق تشكيل اللجنة القومية للدفاع عن طابا أو ما تم تسميته اللجنة القومية العليا لطابا،  وبدأت التحرك دولياً لتؤكد للعالم انها بلد يريد الحفاظ على السلام مع انه قادر على الحرب واستعادة كل شبر لمصر حق فيه ، وتشكلت بالخارجية المصرية لجنة لإعداد مشارطة التحكيم.

 

ولم تجد إسرائيل أمام ضغوط مصر الدبلوماسية التى تمت على مستوى عالمى الا الموافقة  والرضوخ للتحكيم و قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي الموافقة على التحكيم، تم توقيع اتفاقية المشارطة بمشاركة شمعون بيريز في 11 سبتمبر 1986، والتي قبلتها إسرائيل بضغط من الولايات المتحدة الأمريكية وهدفت مصر من تلك المشارطة إلى إلزام الجانب الإسرائيلي بتحكيم وفقاً لجدول زمني محدد بدقة، وحصر مهمة هيئة التحكيم في تثبيت مواقع العلامات ال14 المتنازع عليها وتم تحديد هيئة تحكيم دولية بسويسرا للنظر فى القضية لكى يقدم كل طرف مستنداته ووثائقة ليؤكد احقيته فى طابا.

 

وفي 13 مايو 1985 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 641 بتشكيل اللجنة القومية لطابا برئاسة عصمت عبد المجيد وعضوية 24 خبيرا، منهم 9 من خبراء القانون، و2 من علماء الجغرافيا والتاريخ، و5 من كبار الدبلوماسيين بوزارة الخارجية، و8 من العسكريين وخبراء المساحة العسكرية، وعهدت وزارة الخارجية المصرية بمهمة إعداد المذكرات إلى لجنة مشارطة التحكيم والتي تشكلت برئاسة السفير نبيل العربي، ممثل الحكومة المصرية أمام هيئة التحكيم في جنيف وبعضوية كل من  السفراء من وزارة الخارجية (بدر همام، حسن عيسى، أحمد أبو الخير، محمود عثمان، عز الدين عبد المنعم، وجيه حنفي، أحمد فتح الله، محمد جمعة، حسين مبارك، محمود سامي، فايزة أبو النجا، أحمد ماهر، مهاب مقبل، ماجد عبد الفتاح، إبراهيم يسري)، من وزارة الدفاع (عبد الحميد محسن حمدي، فاروق لبيب، خيري الشماع)، من وزارة العدل (أمين المهدي، فتحي نجيب)، من وزارة البترول (أحمد عبد الحليم، صلاح حافظ)، ومن اساتذة القانون مفيد شهاب، يونان لبيب رزق، أحمد صادق القشيري، يوسف أبو الحجاج، سميح صادق، صلاح عامر، وحيد رأفت، محمد الشناوي، جورج أبو صعب، طلعت الغنيمي، محمد بسيوني، حسين حسونة، محمد عبد الفتاح محسن. واستعانت لجنة الدفاع المصرية بالدكتور  دريك باوت في مقابل استعانة إسرائيل بالدكتور / لوتر باخت وكلاهما أستاذ في القانون الدولي وذو خبرة دولية في هذا النوع من المنازعات. وضمت هيئة التحكيم الدولية 5 أعضاء تمثلوا في كل من: الدكتور حامد سلطان عن الجانب المصري، وعن إسرائيل روث لابيدوت، والثلاثة الآخرون هم: بيليه رئيس محكمة النقض الفرنسية السابق، وشندلر أستاذ القانون الدولي بسويسرا، ولاجرجرين رئيس محكمة ستوكهولم. وعقدت الجلسات مع هيئة التحكيم وبدأت بتقديم مذكرة افتتاحية مايو 1987، وكانت أول جلسة في ديسمبر 1986، ثم تلقت المحكمة المذكرات المضادة والردود من الطرفين في أكتوبر 1987، واتفقوا على تقديم مذكرة ختامية في يناير 1988، إضافة إلى جولتين من المرافعات الشفهية في مارس وأبريل من نفس العام، واستمرت المرافعات 3 أسابيع حتى صدور الحكم لصالح مصر في 29 سبتمبر 1988 داخل قاعة المجلس الكبير بالمقر الرسمي لحكومة مقاطعة جنيف، في حضور وكيلي الحكومتين، وأعضاء هيئة الدفاع لكلا الجانبين، بأغلبية 4 أصوات والاعتراض الوحيد من الجانب الإسرائيلي، ووقع الحكم في 230 صفحة.

 

 وكان ضمن المستندات التى قدمتها مصر خطابات لهيئة البريد المصرية مختومة بختم مكتب البريد المصرى بطابا والذى يعود إلى 1906 قبل انشاء اسرائيل نفسها بالاضافة إلى خرائط واطالس عالمية قديمة موضح بها حدود مصر ومن ضمنها طابا كاحد حدود مصر الشرقية على خليج العقبة  والتى تواجها مدينة تبوك السعودية من الناحية الأخرى للخليج .

 

 وفي 29 سبتمبر 1988 تم الإعلان عن حكم هيئة التحكيم في جنيف بسويسرا في النزاع حول طابا، وجاء الحكم في صالح مصر مؤكداً أن طابا مصرية، وفي 19 مارس 1989 كان الاحتفال التاريخي برفع علم مصر معلناً السيادة على طابا بكل ما عليها من منشآت بما فيها الفندق الذى اقامته إسرائيل بالمخالفة لاتفاقية السلام والذى اطلقت عليه مصر  اسم هيلتون طابا وتم إثبات حق مصر في أرضها  لتظل بقعة غالية من أرض لتعلو رايتنا خفاقة فى سماء طابا شاهدة على ما سطره المصريون من تضحيات فى الحرب وما انجزوه فى السلم.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز