أمل وافي تكتب: إنسانية فيروز في مواجهة الكورونا

منذ أن ظهر علينا الوباء الجديد وبداية انتشاره بمصر، وكأن مواقع التواصل الاجتماعي تحولت لسرادق عزاء كبير، الفيس بوك تحول بقدرة قادر لأحداث مؤسفة يومية واشاعات وتقارير وأخبار تصيبنا بالاكتئاب أكثر ما نحن عليه .

ومن بين مائة بوست بتقول مفيش فايدة، تجد بصيص نور صغير من بوست أو مبادرة أو فكرة أطلقها البعض لنعبر من هذه الأزمة بأقل الخسائر الممكنة أو على الأقل تعطينا الأمل أن هذه الحياة مازالت تسير .

وبينما أنا اتجول بين صفحات الأصدقاء، اتعثر بمبادرة ربما لم تصنع لي يوميًا فقط بل صنعت أيامًا قادمة، وعلمتني شيئًا جديدًا من إنسانيات وجمال البشر، وأن هذه الأرض لا يزال شيء عليها يستحق أن نحيا من أجله، صديقتنا علي الفيس بوك صفاء صفوت، والتي تعمل كاتبة متميزة وخبيرة إحصاء مهنية، والأهم من هذا وذاك، أنها أم مختلفة أتابعها جيدًا، وأتابع قصص تربيتها لابنتها فيروز والتي لا تتعدي سنوات عمرها أصابع اليد الواحدة، ولكن الحقيقة هي صنعت معها ذكريات ستراها فيما بعد إنجازات كبيرة، بمساعدة الطفلة فيروز أطلقت صفاء مبادرة لصالح متضرري الكورونا عن طريق معرض خيري لرسومات فيروز، يوجه ثمنها كتبرع خيري عن طريق رسالة لإحدي المؤسسات الخيرية أو حسب اختيار شكل التبرع الذي يفضله الفرد.

المعرض الذي أقامته الفنانة الصغيرة، كان أون لاين، عرضت فيه فيروز ما يزيد على 25 رسمة رائعة صنعتها بنفسها، ألوانها هي ألوان الحياة مع شرح لكل لوحة وما بها، وكيفية التبرع لصالح المرضي ما هذا الجمال؟ أي أم هذه التي تعلم ابنتها منذ بداية حياتها أن الإنسان لا يعيش بمفرده كيف استطاعت أن تقنع طفلة بأن الخير هو طريقها للحياة والسلام بين الناس، كما أن تحمس الطفلة يصيبك بالذهول ورسوماتها تنم عن موهبة صاعدة .

الأجمل هي ثقتها بنفسها في العرض واستيعابها بمساعدة والدتها أن ما تفعله لا يفعله الكثيرون وأنها مختلفة بين الناس ومتفردة بأفكار تجعل منها قدوة كبيرة وهي مازالت بهذا السن .

وكعادة من ينظرون علي الجوانب الإيجابية للأشياء السيئة أو الأحداث، اكتشفت أن ما يحدث لنا هذه الأيام يضعنا ما بين اختيارات كثيرة، لكن بالنسبة لي الاختيار الأهم هو الإنسانية فهي تظل فوق كل المعاني .

الخير الذي اعتبره سلسلة متصلة دائما حلقاتها ودائرة تبدء وتنتهي به، المرض علمنا أنك لست وحدك في هذه الدنيا، بل علي العكس انجو بنفسك حتي تنجو مع من تحب وتحيا به ومعه. 

هكذا الاختبارات الصعبة دائما وبرغم الإحباط والحزن الذي نعيشه يوميًا مع تقارير أعداد المرضي، لكن أيضا نرى أفضل ما فينا تكافل بين طبقات المجتمع وأفكار تسعى للمرور سويًا من وجع وقهر، نجد دولة نقف جميعًا خلفها نحتمى على كل اختلافاتنا العقائدية والسياسية لكن أوقات الأزمات نساند ونحاول أن نرضى.

فيروز عندما تكبر ستكون إنسانة سوية، تستطيع مواجهة مشاكلها بالابتسامة وتمد يدها للجميع، صفاء استطاعت أن تضع بذور حب كبير في قلب ابنتها وستجنيها بعد سنوات هكذا نبني كل شيء بالحب والخير.

أزمة وهتعدي كما نقول جميعًا لكن بمن ستعبر بماذا أنت ستعبر هل ستعبر بشيء جديد أم سنظل على أفكارنا وروتين يومنا العادي أو سنكتشف داخلنا قدرات أخرى وحياة جديدة وأعمال إنسانية تضعك علي طريق نجاح آخر، نجاح الجماعة وليس الفرد فقط.