عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

خليل الذوادي يكتب: رمضان الخير والبركات

نستقبل هذه الأيام الشهر الفضيل، رمضان الخير والبركات، الشهر الذي أنزل فيه القرآن بليلة مباركة هي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، ولذلك فإن قدسية هذا الشهر، وصيام نهاره والتأمل في لياليه وقراءة القرآن في كل بيت إضافة إلى الجوامع والمساجد، فيه راحة واطمئنان للنفس البشرية.



 

إن الظروف التي نمر بها ألزمتنا بأخذ الأسباب التي تحفظ علينا حياتنا وفي نفس الوقت نهتم بعقيدتنا وشعائرنا المفروضة أو التي نصت عليها السيرة النبوية المطهرة، كان رمضان يأتي أحيانًا في الصيف مع شدة الحرارة، والعرب كانت تصف الأرض والحجارة التي تطالها حرارة الصحراء «بالرمضاء» ولذلك قال الشاعر:

المُستجيرُ بعمرو عِندَ كَربَتِهِ 

كالمُستَجيرِ مِن الرَّمضاءِ بالنارِ

ومع وجود المكيفات أصبح التغلب على شدة الحرارة إن جاء رمضان في الصيف مقدورًا عليها، والأجر، كما نعلم من عقيدتنا، على قدر المشقة، والمؤمن الحق يرضى بقضاء الله وقدره ويعلم أن الصبر والقيام بما شرعه الله يثاب المؤمن عليه ويكون أجره عظيمًا.. فنحن مع الظروف الصحية الحالية نستبشر بقدوم شهر رمضان الفضيل، وستشع بإذن الله أنوار رمضان في بيوتنا، وتسود بإذنه تعالى الطمأنينة في حوارينا وفرجاننا في مدننا وقرانا.

 

بطبيعة الحل ستتغير بعض مظاهر رمضان الدينية أو تلك الاجتماعية أو السلوك المبني على العادات والتقاليد، فظروف التباعد الاجتماعي تقتضي الصلاة في بيوتنا ويتعذر علينا صلاة التراويح في المساجد والجوامع، ولسماحة ديننا فإن المسلم معذور في الأمور التي تخرج عن إرادته، وعلماؤنا جزاهم الله خيرًا قد أوضحوا لنا في أحاديثهم المباشرة أو عبر وسائل الإعلام المختلفة الرخص المتاحة لنا نظرًا لهذه الظروف الصحية الطارئة حفاظًا للنفس، ومن هنا تأتي عظمة ديننا الإسلامي المبني على السماحة والتخفيف ومراعاة الصالح العام وحماية النفس البشرية، وعلينا أن نأخذ بالرخص المشروعة دون الإخلال بصلب العقيدة، فرمضان هو شهر الخير والبركات، وسواء فتحنا مجالسنا وتبادلنا الزيارات أو مكثنا في بيوتنا وتواصلنا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة فستظل لرمضان قدسيته وأجره الحاصل من الله جلت قدرته، بل إن الالتزام بما يحفظ النفس البشرية نحن عقيديًا مأمورون به، فلا نلقي بأنفسنا إلى التهلكة ونعرض مجتمعنا إلى المخاطر، وكل ذلك لا ينسينا أهمية رمضان في حياتنا منذ كنا صغارًا نفرح بقدومه ونستبشر بخيراته، فهو الشهر الذي يفرح به الجميع وتسعد الأسرة وهي تتحلق حول الإفطار، وتعد البرامج التي تدخل السرور إلى النفس صحيح أن تبادل الأطباق بين الجيران سيختفي، ولكنْ عزاؤنا أن بعض الأسر قد تبادلت فيما بينها ما سمي «بسلة رمضان» التي احتوت على مكونات أكلات رمضان المتنوعة، وهو شعور إنساني وعقيدي، إذ إن الحكمة من رمضان هو الشعور المشترك بالحاجة إلى الطعام، والتخفيف عن ذوي الحاجات فيما يعطي الشعور بالتعاطف الإنساني والمجتمعي المفروض أن يتحلى به المرء.

 

نعم ستختفي بعض المظاهر الاجتماعية ومنها مجالس رمضان والزيارات المتبادلة في حياتنا التي اعتدنا عليها في رمضان، ولكن العلاقات الإنسانية فيما بيننا ستظل قائمة لا تغيرها عوادي الزمن، بل إن شعورنا المشترك بأننا موحدون ومتكاتفون ومتعاونون تجاه ظرف صعب يجعل مجتمعنا أكثر تكاتفًا وتعاونًا وانسجامًا، فشعورنا الوطني تجاه من يعملون على مساندتنا وحمايتنا من الأخطار والأوبئة يزداد فخرًا وعزًا ومنعة، ونشد على أيديهم وقلوبنا وأفئدتنا معهم في كل خطوة يخطونها وفي كل مسعى خير يسعون إليه، وعلينا جميعًا التعاون معهم إلى أبعد الحدود لكي تسير سفينة الوطن الواحد إلى بر الأمان ونحن نشعر جميعًا أننا شركاء في السراء والضراء وحين البأس.

 

فالمساعي التي بذلت أشعرتنا بالفخر والاعتزاز بهذا الوطن الذي يجمعنا ويوحد كلمتنا وجهودنا، ونؤمن بأهمية المحافظة على الوطن والمواطنين وأن نكون مع حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه في كل الخطوات والتوجيهات التي اضطلع بها منذ اليوم الأول، كذلك بالمواقف المشرفة لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر حفظه الله ورعاه، والجهود المقدرة لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه، حيث اهتمت القيادة الحكيمة منذ الإحساس بالخطر الداهم بصحة المواطن والمحافظة على سلامته وسلامة الوطن..

 

إلى أن جاءت الدعوة الكريمة من سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب مستشار الأمن الوطني رئيس مجلس أمناء المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية للتبرع لصالح الحملة «فينا خير»، فكان الإقبال الواسع من الشركات والمؤسسات والمواطنين للتبرع ودعم المساعي لمكافحة فيروس كورونا، فكان مظهرًا حضاريًا لمملكة البحرين وشعبها والتفافًا وطنيًا مع القيادة الحكيمة في كل توجهاتها ومساعيها الخيرة.

 

سيظل رمضان هذا العام مع قدسيته ومكانته في النفوس المؤمنة علامة من علامات التكاتف المجتمعي، وشعورًا عقيديًا بأن كل أمور المؤمن خير طالما تحلى بالصبر وآمن بأن الله قادر على إزالة الغمة والبلاء عن الأمة، وبأنه سبحانه وتعالى رؤوف بعباده...

وعلى الخير والمحبة نلتقي  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز