عاجل
الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
 السلام والاغتيال والإخوان

السلام والاغتيال والإخوان

تجتاحنى حالة من القلق والترقب عندما يذكر تقارب بين أى من الدول العربية وإسرائيل، وسرعان ما يقفز إلى المشهد الإخوان وأرباب جبهة الصمود والتصدى التي كانت تمولها دول ورؤساء تشمل (العراق وسوريا وليبيا)، كل منهم كان ينظر للأمر بشكل مختلف ولكن جمعهم الهدف، أحدهم كان يريد من السادات أن يخبره قبل إجراء أى اتصال، وآخر قال له اذكر أننى كنت شريكا أساسيا فى حرب 73 ليرتفع قدرى عند شعبى، والأخير كان يريد أن يكون ناصر الجديد، ومع اختلاف الاتجاهات وطلب الثمن حتى يتم الاعتراف والمباركة بالسلام كان الإخوان يحيكون الحيل من أجل الحصول على امتيازات مقابل أى اتفاقية سلام وإلا الحرائق والإرهاب والاغتيال رهن إشارة منهم.



ومع مرور الوقت والظرف والزمان، صار النظر إلى الأمور السياسية يعتريه متغيرات واتفاقيات من نوع جديد للحصول على حقوق وضمانات للشعب الفلسطينى الذي تاجر بقضيته كل خلق الله على مدار تعدى السبعين عاما، حتى صارت القضية فى اضمحلال ووسط فصائل وجبهات داخلية تعيش وتقتات على استمرار سير كلمة (القضية) حتى يتم من خلالها طفو أثرياء وغوص الشعب الفلسطينى الغلبان فى مستنقع سلب حقوقه واحدًا تلو الآخر ولا عزاء للسلطة الفلسطينية وحماس اللذين يتصدران المشهد دون عناء.

بمجرد أن رمت الإمارات بحجر فى بحر ركود القضية ولم يستعلم أحد عن حقيقة القرار ومغزاه، فقط الصويت والعويل تحت مسمى الفزع الشعبى (التطبيع) الذي اعتاد تسويقه الإخوان وأرباب التصدى والبهتان دون أدنى مناقشة، فقط الرفض الذي لم يغنِ فى استرداد أى حقوق للقضية المعنية التي لم تحصل على شبر من أرضها إلا بعد اتفاقيات سلام مع إسرائيل فى (أوسلو 1 و2) فى التسعينيات وبهبوط مستوى الامتيازات الذي كان يضمنها لهم الرئيس السادات قبل اتفاقهم هذا بعشرين عاما أى فى السبعينيات، ولكنهم فى النهاية قبلوا السلام وتنازلوا عن الكثير الذي يدفع ثمنه الآن فلسطينيو الداخل فقط لا غير. 

ولكن هل لمعنى السلام فى منطقتنا العربية مرادفات؟ الحقيقة: آه، وهى ممثلة فى اثنين من أكاذيب وادعاءات أصحاب المصالح الخاصة جدا والذين يمنحون أنفسهم حق الفهم والوطنية دون غيرهم ويرون كل الزعماء والحكام العرب بايعين للقضية الفلسطينية، والتفكير لم يتعد تنفيذ أجندة المرادفات وهو البديل اللعين (الإخوان والاغتيال).

هذا ليس اتهام زور وبهتان ولكن بشهادة أحد الإخوان الذي لعب دورا مهما فى التقارب الإخوانى مع الرئيس السادات، إنه (د. محمود جامع) الذي قابلته مرارا وتكرارا لإجراء حوارات معه فى بيته بطنطا الفترة من 2007 حتى 2009  تم نشرها جميعا، وقد سجل «جامع» فى كتاب له بعنوان (عرفت السادات) شهادة غاية فى الأهمية لدلالة تلك المرادفات التي أودت فى النهاية باغتيال بطل الحرب والسلام، حيث ذكر بالحرف الواحد فى صفحة 213 الآتى: 

« بسبب إيمان الرئيس السادات واقتناعه بعملية السلام وإصراره على المضى فيها إلى مداها فإنه تعرض للهجوم والاتهام بالخيانة، وتم ضبط عدة محاولات لاغتياله نجا منها جميعا إلا الأخيرة.. كانت أول عملية قد دبرتها منظمة التحرير الفلسطينية عن طريق شخص عراقى تمكن من تجنيد مصري كان على علاقة صداقة بسائق الرئيس، ولما نجحت مباحث أمن الدولة فى رصدها أبلغت اللواء (طه زكى) مسؤول أمن مقر إقامة الرئيس، ولم يصدق طه وأدهشه أن يراقب جهاز أمن الدولة منزل الرئيس فوصل الأمر إلى النبوى إسماعيل وزير الداخلية وتم بالفعل ضبط قنبلة اعترف المتهم بعد القبض عليه بأنه كان ينوى وضعها أسفل سيارة الرئيس بحيث تنفجر بمجرد دورانها.

  وكانت هناك محاولة ثانية لاغتياله بوساطة فلسطينيين أثناء رحلة إلى القدس وتم كشفها هى الأخرى، أما أكبر محاولات الاغتيال وأضخمها فكانت دبرتها مجموعة (أبو نضال) الفلسطينية فى فيينا، حيث وضعت أربعة أكمنة فى المطار بحيث يتم اغتيال الرئيس فى أى كمين منها إذا أفلت من الآخر.

وكان السادات فى زيارة لأمريكا، وبعدها من المفترض أن يمر على النمسا للقاء (الرئيس كرايسكى) الذي كان قد وصلته معلومات عن عملية فيينا، فأبلغها إلى (عصام السرطاوى) مسؤول منظمة التحرير فى باريس وإلى الدكتور (على السمان) المستشار الثقافى المصري بالسفارة هناك، وتمكن الاثنان من اكتشاف العناصر المدبرة لمحاولة الاغتيال وكان المدبر هو جماعة أبو نضال، وقام السمان بإرسال رسالة للسادات من باريس إلى أمريكا وتم إلغاء زيارة الرئيس بناء على نصيحة السمان، بعد أن اعترف بأن الأمن قد لا يتمكن من حماية الرئيس على النحو الذي ينبغى، وقد كان السرطاوى الذي اغتيل فيما بعد فى إسبانيا بسبب إفشائه عمليه فيينا، كان مؤيدًا لعملية السلام ومحبا للسادات، وكان أيضا من بين الذين مهدوا لعملية السلام، وهو الذي جمع (أفرين وجولدمان) مؤيدى السلام من إسرائيل مع ياسر عرفات فى باريس».

وتأتى المفارقة فى الاغتيال الأخير الذي كان النهاية, حيث ذكر الكتاب سالف الذكر أن السادات كان ينوى تكريم الإخوانى عبدالمنعم عبدالرؤوف بعد العرض العسكرى، ولكنى أعتقد أن السادات تراجع عن ذلك فتم اغتياله.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز