عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

كتب/عبد الله الصاوي

عبد الله الصاوي: تاريخ الكاريكاتير المصري .. بين الحقيقة والتزييف

بدأت علاقتي بتوثيق تاريخ فن الكاريكاتير المصري؛ منذ مطلع عام 2011، وما أن وقعت عيناي على رسوم صاروخان ورفقي ورخا بمجلتي روزاليوسف وآخر ساعة؛ حتى أدركت أهمية تلك الرسوم، واعتبرتها وثائق منسية، يستطيع الدارس من خلالها أن يقدم رؤية حقيقية للواقع المصري في شتى جوانبه.



 

وبدأت على الفور في التفكير في كيفية جمع وتوثيق هذا الكم الهائل من الرسوم، إلى أن نجحت بدعم ومساندة الفنان الراحل: أحمد طوغان (1926 – 2014) رحمه الله، في تأسيس مشروع ذاكرة الكاريكاتير بالتعاون بين الجمعية المصرية للكاريكاتير، والهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية.

خلال ثماني سنوات اقتربت شيئًا فشيئًا من هذا العالم، وبعد أن جمعت آلاف الرسوم الكاريكاتيرية المبعثرة على صفحات الجرائد والمجلات والكتب؛ بدأت في البحث عن السيرة الذاتية للرواد الأوائل لفن الكاريكاتير المصري، وفوجئت بأنه لا يوجد أي جهة في مصر تمتلك قاعدة بيانات موثقة عن رسامي الكاريكاتير في مصر، بما في ذلك الجمعية المصرية للكاريكاتير، وقطاع الفنون التشكيلية؟!

هذا  إلى جانب وجود تضارب كبير في المعلومات الموجودة على شبكة الانترنت، وكذلك في الكتب التي كتبها رسامو الكاريكاتير أنفسهم وتلك التي كتبها عنهم آخرون؟!

ومن خلال حواراتي الصحفية مع أكثر من رسام كاريكاتير، اكتشفت أن غالبية رسامي الكاريكاتير المصريين، لديهم حلقات مفقودة فيما يتعلق ببدايتهم الفنية، فما بالنا برسامين أجانب توفوا في أربعينيات القرن الماضي، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: سِنتيس ورفقي؟!

وفي هذا التوقيت ساقني القدرللإطلاع بالصدفة على أعداد من مجلة الكشكول المصور، واستوقفني اسم سِنتيس، وقررت أن يكون سِنتيس هو بداية التحدي الحقيقي لتوثيق السيرة الذاتية للرواد الأوائل لفن الكاريكاتير المصري، من خلال كتاب تذكاري اخترت له اسم: الخواجة سِنتيس .. الإسباني المُتمصر.

وبدأت في الحديث مع كل من أعرفهم ومن لا أعرفهم، وبدأت الأمور تتضح رويدًا رويدًا، وأخيرًا وبعد مرور أكثر من خمس سنوات، أصبح لدينا سيرة ذاتية كاملة وموثقة للخواجة سِنتيس المؤسس الحقيقي لفن الكاريكاتير المصري الحديث.

وفي الآونة الأخيرة، ظهرت العديد من الكتب والمقالات والحوارات الصحفية التي تتناول السيرة الذاتية لعدد من رواد الكاريكاتير المصري، منها على سبيل المثال لا الحصر ملف تحت عنوان: كتالوج الكاريكاتير المصري، نشرته مجلة عالم الكتاب التي تصدر عن الهيئة العامة للكتاب في عددها الصادر في شهر فبراير 2020، وكذلك تقريران صحفيان أحدهما عن رخا والآخر عن سِنتيس نشرا على صفحات مجلة أخبار النجوم.

ومن خلال قرءاتي في غالبية هذه الكتب والملفات والتقارير الصحفية، وجدت أنها مليئة بالأخطاء التاريخية والفنية الفادحة، التي تسيء إلى تاريخ هؤلاء الرواد، كما أنها تفتقر إلى أدنى درجات تحري الصدق والموضوعية، فقد حرصت على مراجعة هؤلاء الكتاب والتواصل معهم بشكل خاص، وأوضحت لهم ما وقعوا فيه من أخطاء، وانتظرت أن ينشروا هذا التصحيح في الأعداد التالية، ولكن للأسف الشديد أخذتهم العزة بالإثم، ووصل الأمر لدرجة أن ساومني أحدهم لكتابة أي مقال أو تقرير آخر، والتغاضي عن نشر هذه الأخطاء؟!

لقد تناسى هؤلاء أن ما كتبوه يعتبر مرجعًا للباحثين والمهتمين بتاريخ فن الكاريكاتير المصري، وأنهم لو أتقنوا عملهم وتأنوا بعض الوقت، لاكتسب ما كتبوه قيمة كبيرة.

والمنقب في تاريخ الصحافة المصرية، سيجد أن هذا الأمر ليس بجديد، وأن أحد أهم أسباب ذلك هو فكرة الفهلوة والاستسهال في الكتابة، فرئيس التحرير ومدير التحرير وسكرتير التحرير، شركاء مع الكاتب في تلك المسؤولية، هذا إلى جانب مسؤولية كل شخص يملك تصحيحًا موثقًا لتلك أخطاء، وتغاضي عن ذلك مراعاةً لخاطر هذا أو ذاك؛ فتلك الأخطاء التي يراها البعض تافهة، ستصبح مع مرور الوقت ثوابت من الصعب تغييرها.

وهذا يقودنا للتساؤل عمن له حق كتابة تاريخ الكاريكاتير المصري؟ وما الصفات الواجب توافرها فمن يتعرض لكتابة تاريخ الكاريكاتير المصري ورواده؟

إن كتابة تاريخ الكاريكاتير المصري، ليست حكرًا على أحد دون الآخر، ولكن على من يتعرض لتلك المهمة أن يتحلى ببعض الصفات ومنها: الصدق والحيادية والموضوعية والجدية واتباع مناهج البحث التاريخية المعتمدة.

وانتهز هذه الفرصة وأناشد مجلس إدارة الجمعية المصرية للكاريكاتير، برئاسة الفنان: جمعة فرحات: بتشكيل لجنة يتم اختيارها بعناية من المختصين ومحبي فن الكاريكاتير، لعمل قاعدة بيانات لأهم رسامي الكاريكاتير، على أن تتاح عبر شبكة الانترنت؛ لتكون هي المرجع الموثق والمعتمد، لكل من يتناول السيرة الذاتية والفنية لرواد فن الكاريكاتير المصري.

كما أناشد الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية ودور النشر الحكومية والخاصة، بالرجوع إلى الجمعية المصرية للكاريكاتير، أو أحد المتخصصين، لمراجعة أي مقال أو تحقيق أو كتاب قبل نشره، حرصًا على المصداقية، كما أن هذا الأمر يعتبر إضافة مهمة للكتاب أو العمل الصحفي.

 

 

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز