عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
لماذا لم أحضر اجتماع وزير الإعلام؟

لماذا لم أحضر اجتماع وزير الإعلام؟

 

مساء الأحد الماضي، كتبت في هذا المكان بعمودي "قلم ولغم"، مقالًا بعنوان:"إلى وزير الإعلام.. والخدمات المجانية للإرهابية"، محللًا للمعركة المدمرة، التي جرت رحاها على مواقع السوشيال ميديا، بعد أن أشعل شرارتها وزير الإعلام، الزميل أسامة هيكل.  



واليوم كان هناك اجتماع دعا إليه الوزير، عبر صفحته بـ"فيس بوك"، ذلك الاجتماع الذي قررت- منذ الوهلة الأولى لمطالعة الدعوة العشوائية- عدم الحضور.

 

قد تسألني عزيزي القارئ: لماذا قررت عدم الحضور، ولم تلبِ دعوة الوزير؟ أليس من الأجدى لقاء الوزير ومناقشته في رؤيته، والاستماع لإنجازاته التي قد تكون خافية؟

 

أجيبك: أتفق معك في أنه من المهم الحوار والاستماع لوجهات النظر المختلفة، لكن هذا عندما يكون الهدف من اللقاء هو الحوار، وليس مجرد كسب نقاط في معركة صفرية، جولاتها معول هدم الصورة الذهنية للإعلام ووقود للجهات المعادية.

 

كيف؟ أجيبك: منذ أن وطأت قدماي بلاط صاحبة الجلالة، وأنا أسعى لسبر أغوار القضايا، أتجاهل الصورة القشرية الظاهرة، وأبحث عن جذور القضايا والمشكلات.

 

ففي مقالي السابق، بشأن تلك الأزمة، تطرقت لمهمة الإعلام، أي إعلام، التي تتلخص في هدف يسعى القائم على صياغة الرسالة الإعلامية إلى تحقيقه، من خلال رسائل إعلامية مصاغة مهنيًا باحترافية، للتأثير في الجمهور المتلقي، المستهدف إحداث أثر في وعيه.

 

وهي المبادئ التي يعلمها كل من له صلة حقيقية بالإعلام، دراسة أو ممارسة، وهنا سألت الوزير عن هدفه، بوصفه القائم على صياغة ما يصدر عنه من رسائل إعلامية في شكل تصريحات، وما هو الجمهور الذي يستهدف التأثير فيه؟

 

ولما كانت تصريحات الوزير، المتكررة، ترسخ لفكرة موت الصحافة الورقية قريبًا، وفشل الإعلام المصري "مقروءًا ومرئيًا"، وعزوف ٦٠٪؜ من الشعب- فئة الشباب- عن مشاهدة التليفزيون، أو مطالعة الصحف، يكون البديهي السؤال: ما الرسالة التي يسعى الوزير لإيصالها، والهدف الذي يسعى لتحقيقه، والأهم هو من جمهوره المستهدف؟، إليك رابط المقال.

 

ومع اشتعال الأزمة خرج الوزير على فيس بوك مساء الثلاثاء، متحدثًا في فيديو يدعو فيه الزملاء، الذين وصفهم بمن هاجموه، محددًا أسماء بعينها، مستطردًا: "وغيرهم ممن شاركوا في هذه الحملة"، مكررًا: "أكرر دعوتي لهم بكرة الساعة ١١ صباحًا، في مقر الوزارة بجاردن سيتي، ومن لا يسمح وقته يكلمني نُحدد موعدًا آخر لمقابلته".

 

ثم عادت الوزارة، وأصدرت بيانًا آخر لاحقًا، تقول فيه تحت عنوان: "توضيح هام.. نظرًا لرغبة عدد كبير من الصحفيين والإعلاميين، تلبية دعوة وزير الإعلام، توضح وزارة الإعلام، أنه تم توجيه الدعوة، اليوم الأربعاء، الواحدة ظهرًا قاصرة على الأسماء الواردة في الفيديو ورؤساء التحرير..."، ثم حذف هذا البيان في وقت لاحق.

 

الخلاصة:

١- الدعوة عشوائية، تمت قبل ساعات من الموعد المحدد لها، وعبر فيس بوك، رغم أن الوزير ومكتبه لديهم هواتف رؤساء التحرير، ويعلمون عناوين مكاتبهم.

 

٢- الدعوة هدفها التقاط الصور، لتصدير صورة ذهنية مفادها أنه لا مشكلة، وقد تصالح الوزير مع الإعلاميين، وهي أهداف شخصية لا تمس جوهر القضية، ولا تخدم مناقشة قضايا الصحافة والإعلام.

 

٣- إذ إن مناقشة قضايا المهنة، بأبعادها المختلفة، تتطلب تنظيمًا، يحدد محاورَ للنقاش، وموعدًا سابقًا، ودعوات تشمل المعنيين بالقضية من ممثلي المؤسسات الصحفية والهيئات المعنية، سواء كانت نقابة الصحفيين أو الهيئة الوطنية للصحافة أو المجلس الأعلى للإعلام، وكذا ممثلي المهنة ذاتها بفئاتهم العمرية وخبراتهم النوعية، وهذا يتطلب عملًا منظمًا بتوقيتات، وسلسلة حلقات نقاشية.

 

٤- إذًا مع عشوائية الدعوة، واختصار الهدف منها، في مجرد جلسة احتواء، بلا جدول أعمال، ولا هدف يخدم الصالح العام، فإنها محكوم عليها بالفشل، بالنسبة لي ما هي إلا جلسة أهداف شخصية، وقد انتقدت الوزير لعدوانه على المهنة، وخطورة تصريحاته على المصلحة العامة، ودعوة عشوائية لاجتماع عشوائي، لا يمكن أن تحقق هدف الصالح العام.

 

٥- طريقة الدعوة، لا تتفق ومكانة الوزارة، ولا قيمة المدعوين، فقد قال في دعوته: "ومن شاركوا في الحملة"، فهو مُصر على أنها حملة منظمة ضده، وليس رد فعل على تصريحاته، غير معلومة الهدف، وقد كان، وبحسن نية لبى البعض الدعوة، لتتصاعد الأزمة، فالوزير يدعو الجميع ليذهبوا فينتقي هو من يدخل ومن يُمنع، فقد حدث تجاوز غير مقبول مع الدكتورة فاطمة سيد أحمد، الكاتبة الصحفية القديرة، عضو الهيئة الوطنية للصحافة، بمنع دخولها الاجتماع.

 

٦- بعد أن واجهت الدكتورة فاطمة، السلوك العشوائي ببيان على صفحتها، وانسحاب زملاء من الاجتماع اعتراضًا على ذلك، خرج الوزير ببيان كارثي زاد الطين بلة، إليكم فقرة كارثية منه:

 

"وعلى الرغم من تأكيد وتنويه وزارة الدولة للإعلام، في بيانها الرسمي، الصادر أمس، على أن حضور اجتماع اليوم، مقصور على الزملاء الذين تمت الإشارة إليهم في كلمة السيد الوزير، إلا أن هناك عددًا من رؤساء التحرير، تفضلوا بالحضور، وتم استقبالهم ومشاركتهم الاجتماع الأول مع وزير الدولة للإعلام، إلا أن الزميل وليد طوغان، والزميل أحمد الباشا، وعلى الرغم من عدم توجيه الدعوة لهما في اجتماع اليوم، قاما بالانسحاب بشكل مفاجئ، بعد حضورهما جزءًا من الاجتماع".

 

٧- إذًا الدعوة عشوائية، كما قلت من البداية، هدفها احتواء أسماء بعينها انتقدت الوزير، وتقديم صورة ذهنية، مفادها أن الوزير ومنتقديه "حبايب"، وكأن القضية مشكلة شخصية، وليست قضية استراتيجية وزارة، ومشكلات مهنة، والأدهى أن الوزير أساء لمن لبى الدعوة.

 

نعم أساء إلى الزملاء، فقال في بيانه صراحة، إن الوزارة وجهت الدعوة لأشخاص بعينهم، تمت الإشارة إليها في كلمة الوزير، وعلى الرغم من ذلك استقبلت الوزارة عددًا من رؤساء التحرير، الذين حضروا، وكأنه تفضّل عليهم، وبذلك يقول إنهم حضروا دون دعوة، وعندما انسحب اثنان من الزملاء، اعتراضًا على الإساءة للدكتورة فاطمة، قال: "على الرغم من عدم توجيه الدعوة لهما لحضور الاجتماع، انسحبا بشكل مفاجئ".

 

٨- الوزير قال في دعوته، الفيس بوكية، اللقاء غير مصور، وغير مذاع، ثم مع بيانه الذي قال فيه إن الزملاء رؤساء التحرير، حضروا دون دعوة، نشر أسماءهم وصورهم، وكأنه يقول هؤلاء الذين حضروا دون دعوة، وتفضلنا عليهم باستضافتهم!

 

ثم اتبع ذلك بفيديو مكتوم الصوت، يُظهر الحضور مجتمعين، يدونون خلفه بعض تصريحاته، ويطرحون أسئلتهم، بالمخالفة لما أُعلن من أنه لقاء نقاشي مغلق، فلم يخرج عن اللقاء مخرجات التعلق بالمهنة، ولا باستراتيجية الإعلام، التي تشغل الدولة.

 

لسبب بسيط، وهو أن الهدف كان تلقي الصور وهذا الفيديو.. هذا الفيديو الرسالة، والصور الرسالة التي اختيرت بعناية، لتقديم إيحاءات، من طريقة الوقفة أو السلام، ثم فيديو صامت، فقد حقق الوزير هدف اللقاء، وأتبع: أغلقت الملف!

أي ملف الذي أغلق؟ استراتيجية الوزارة؟ أم مشكلات المهنة؟ أم الاجتماعات العشوائية؟ أم مكاسب الجماعة الإرهابية وإعلامها من تصريحات وبيانات غير مسؤولة؟

 

ألم أقل لكم من البداية، لم يكن اللقاء مجديًا لا للمهنة ولا المصلحة الوطنية، وقد أسفرت مخرجاته عن وضع أكثر كارثية، لسبب بسيط، هو شخصنة الأهداف وغياب هدف المصلحة المهنية والوطنية.

 

فمتى يجد الإعلام من يناقش قضاياه باحترافية، وتنظيم، ويخرج باستراتيجية، تعظم من قدرته الشاملة، في التنوير والدفاع عن الدولة المصرية، بل وتعالج أمراضه المستعصية؟!

 

للعلم، لقد تجاهلت دعوة فضائية دولية، واسعة الانتشار، دعتني عقب مقالي السابق، للتعليق على الأزمة، لسببين: الأول أن خلافاتنا داخلية.. والثاني: أنها تُستخدم لتشويه المشهد في مصر، فالقناة عوراء ترى في مصر فقط الأزمات، ولا ترى الإنجازات.. بينما الوزير نشر على صفحته صورًا- لزملاء ببهو الوزارة- التقطتها كاميرات مراقبة!

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز