عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الدبلوماسية بين الإدارة والكفاءة

الدبلوماسية بين الإدارة والكفاءة

تتبارى المدارس الأجنبية، وخاصة الغربية، بمفهوم الإدارة والكفاءة في السلك الدبلوماسي وكيفية الاعتناء والاهتمام بالكادر الدبلوماسي تحت هذا المفهوم الحيوي والجوهري في حياتهم المهنية اليومية لأن الخطأ في قاموس السلك الدبلوماسي يجب أن يكون صفرًا وإلا يعكس صورة سلبية على البلد الذي يمثله ، لذلك فإن مفهوم الإدارة والكفاءة من أولويات محاضرات وأستراتيجيات الدبلوماسيين المبتعثين إلى الخارج. 



تتميز مدرسة عن أخرى في هذا المفهوم ، فمنهم من يضع الإدارة والكفاءة ضمن نظريات فرويد والحالة النفسية للشخص لكون أن الشخص لا يقدر على أن يبدع في عمله ما لم تكن حالته النفسية مستقرة ولديه طموح مشروع ، ومدارس أخرى تضع هذه المفاهيم ضمن دروس المرحلة المتوسطة والإعدادية لكونها نواة المجتمع الناجح كما هو الحال في اليابان ، أما ألمانيا وخاصة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وأستسلامها دون شروط وبعد هذا الأنكسار المهني  لها بدأت تضع كيفية إدارة البلاد دون الأعتماد على دول الخارج معلنة بناء ألمانيا فندق سبعة نجوم واضعة مفهوم الإدارة والكفاءة نصب عينيها بعيدًا عن الأنانية وحب الذات والمناصب والتقوقع في المكتب من غير تفانٍ وأبداع بالعمل. 

 

نتكلم اليوم بصورة مختصرة عن مفهوم ونظريات وأسس الكفاءة/ كنت في دورة في الخارجية البريطانية عام 2005 فتفاجأت مع الكادر الموجود بالمحاضر الذي تجاوز عمره  السبعين و متخصص في مفهوم الكفاءة ، وكنا نعتقد أنه سوف يستند إلى النظريات والمفاهيم الحديثة لموضوع الكفاءة ، فإذا به يقول : إن أبرز صور الكفاءة ليست في الشهادة ولا الدورات ولا ورش العمل ولا الخبرة ولا طول الفترة المهنية فأصبنا بالحيرة من أمرنا ، وإذا به يكمل حديثه قائلا: إنما الكفاءة تعتمد وتبنى بالدرجة الأساسية على الأخلاق الحميدة لمختلف الاديان والأجناس وما يحمله من صفات الصدق والأمانة وحب الخير للأخرين والتضحية والوفاء والمطاولة للوظيفة التي يعمل بها من أصغر وظيفة بالعالم إلى هرم الدولة ؛ لأن الموظف الأناني سوف يحرم زملاءه من أبسط حقوقهم، والدبلوماسي المتكبر لن يخدم إلا نفسه ، والمعلم إذا لم يصبر على مشاكسة الطلبة لن يكون ناجحا في عمله وإن كانت لديه شهادة دكتوراه، وكم من أُناس لديهم شهادات كثيرة ومتعددة ولكنهم غير أكفاء بسبب حبهم لأنفسهم!. 

 

إن من أهم أعمدة وجوانب الكفاءة هي الثقافة والخبرة وهو الأساس المعتمد في إختيار المديرين والقادة لشغل منصب مهم والتأكيد على الأخلاق الحميدة الحسنة المعروفة  لدى جميع المجتمعات وأولها حب العمل والتفاني في سبيل تطويره ، وتثقيف الذات يومياً بما لا يقل عن ساعة كاملة للاطلاع على آخر تطورات ما يمس العمل وجوانبه ، ومن أهم سمات الكفاءة القوة البدنية والنفسية والصحية وأن يكون جديرًا بتحمل أعباء المسؤولية وأن يكون قادراً على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب والمححد له ، وتنفيذه بالشكل الذي يحقق الهدف.

 

وتتعدد الكفاءة إلى عدة أنواع، الكفاءة الفردية : وهي عبارة عن المهارات، والمؤهلات والأخلاق العالية التي يمتلكها الشخص من خلال التجارب الشخصيّة ، والمهنيّة، بحيث يستخدمها في تحقيق أهداف معيَّنة وبشكل فعال، والكفاءة الجماعية وهي تضافُر جهود الكفاءات الفرديّة بعضها مع البعض وتعاونها من خلال التواصل الفعال بروح الأخوة والمحبة بين الأعضاء جميعهم في العمل، بحيث يشكِّلون فريقاً مهنيّاً  واحداً كأنهم رجل واحد قادراً على تحقيق الأهداف المطلوبة بكفاءة ومهنية عالية وبكلمة واحدة وليسوا مختلفين في الآراء. 

 

 هذا إضافة إلى الكفاءة التكنولوجية التي تستند إلى العبقرية والذكاء الخارق في أبتكار النظم والبرامج وهي بعيدة كل البعد عن الكفاءة الإدارية والمهنية لأنها ترتبط بسوق العمل وغالباً ما تسمى بالكفاءة الاستراتيجية العلمية الاكاديمية وغالبا ما تصل إلى التكامل البرمجي.  

 

أما ما يخص السلك الدبلوماسي وخاصة السفيرفأن من أولى مهامه أختيار الكفاءات الدبلوماسية التي سوف تعمل بالسفارة تحت معيته من أصغر موظف إلى القائم بالأعمال لكونهم يمثلون بلدهم وأن أي خلل أو سلبية تنعكس عليه مباشرة وعلى بلدهم ثانياً ، والمعروف أن العمل الدبلوماسي في الهيئات والسفارات يبدأ  لجميع كادر السفارة ليس كما هو معلوم من س 8صباحاً الى ما بعد الظهيرة وانما يبدأ مباشرة بعد أنتهاء الدوام الرسمي من خلال ممارسة حياتهم اليومية في التسوق وحضور المناسبات والأنشطة الاجتماعية والشخصية وتلبية وإقامة الدعوات الرسمية وشبه الرسميه، وإن لم يتسلح بالخلق الرفيع والراقي والكفاءة المهنية سوف يكون عبء ثقيل على بلده وسفارته وسفيره ؛ لذلك تؤدي الاخلاق الحميدة والكفاءة المهنية دورًا إيجابيًا في تحقيق المنافع الوطنية لكلا البلدين هذه الصفات لسيت حكرا على السلك الدبلوماسي فقط وأنما لكل تشمل كل مواطن يحب أن يحقق الأهداف الأيجابية لبلده ولشعبه وأهله ولشخصه. 

 

ومن أكثر الأسلحة التي تدمر مفهوم الكفاءة حسب رؤية فرويد هي "مدرسة الأنا" بكل صفاتها من الأنانية وحب الذات والنظرة الاستعلائية والتفرد بالقرار والأنطواء المهني وغيرها من معوقات تعيق تحقيق الأهداف المرجوة. 

 

أما الإدارة وكما تطرقنا إليها في المقال السابق فهي كيفية إنجاز الأعمال أو الأهداف المرسومة ضمن أوقات وأدوات معينة وحسب الأوامر والتوجيهات الصادرة من الأعلى وبالتالي تؤدي الكفاءة دورًا مهمًا  في الإدارة وإنجاز أعمالها بكفاءة ، لذلك نرى هنا بالسلطنة الحبيبة دائما ممثلة بوزارة التربية  تضع مسابقات لأفضل مدرسة في كل المجالات كتحفيز لإدارة المدارس على مختلف أنواعها في التميز والابداع والتفرد بالنتائج الطيبة وهذا لا يتم الا بوجود كل مقومات الكفاءة ونظرياتها. وهنا تقوم الإدارة والكفاءة بالدور البارز بين كل مديري وكادر المدرسة وحتى الطلبة بتميزهم عن الباقي بسبب حسن الإدارة والكفاءة الجماعية كما تطرقنا إليها.

 

وهنا نتذكر قول الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: عن جابرٍ بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا،كما قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: « إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل صائم النهار».

 

لذلك علينا جمعياً التمسك بما يأمرنا ديينا الحنيف بحسن الخلق والتي هي أحد افضل دعائم الكفاءة لوصول الى افضل النتائج وليس حب المنصب والتفاخر به بعيدا عن الاهداف الحقيقة له.

 

دبلوماسي سابق وإعلامي

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز