عاجل
الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

في اليوم العالمي للطفل

حكم نهائي ينقذ طفلة من زوجة أبيها

المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب
المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب

تحول العالم أمس 20 نوفمبر 2020 إلى اللون الأزرق لتعزيز الترابط الدولي من أجل أطفال العالم، في اليوم العالمي للطفل، لإقامة عالم يكون فيه جميع الأطفال آمنين من الأذى، وإذكاء الوعي وتحسين أحوالهم وبيان حقوقهم، وهو تاريخ اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل في 20 نوفمبر 1989، وهذه المناسبة لتأكيد حقوق الأطفال في العيش في بيئة آمنة وصالحة دون استغلال من أي طرف حتى ولو من أحد الوالدين.



 

وتزامنا مع تلك المناسبة، حصلت السيدة نجاح معاذ عبد الحليم سليمان على شهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا تفيد بأن الجهة الإدارية لم تطعن على الحكم الصادر لصالح طفلتها منة عوض ناجي شريف من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة؛ بأحقيتها في الأوراق الثبوتية في شهادة الميلاد باسم أبيها المعترف بها واسم أمها الحقيقية، دون اسم زوجة الأب، للإضرار بالطفلة، وأصبح حكم القضاء الإداري نهائيا وباتا.

 

وفي قصة إنسانية سجلتها المحكمة تزوج شريف عوض ناجي من نجاح معاذ عبد الحليم سليمان وأنجبت له طفلتها "منة" على فراش الزوجية، لكن زوجته الأولى التي لم يكن لها نصيب أن تنجب اشترطت عليه أن يطلب من الوحدة الصحية عدم تسجيل الطفلة باسمه إلا إذا كانت الطفلة باسمها أيضا، دون أمها الحقيقية ولم، يتمكن السجل المدني من إصدار شهادة ميلاد الطفلة، فلجأت نجاح معاذ أم الطفلة للقاضي الذي استدعى والد الطفلة لمعرفة الأسباب، فقال والد الطفلة للقاضي "منة ابنتي لكن زوجتي الأولى طلبت مني عدم تسجيلها باسمي إلا باسمها هي كأم دون أمها الحقيقية، بسبب الغيرة بينهما، وأنا حائر بينهما" فأصدر القاضي حكمه.

 

وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة بوقف تنفيذ قرار الجهة الإدارية المطعون فيه السلبي بالامتناع عن إثبات واقعة ميلاد ابنة المدعية الطفلة "منة" في السجلات المعدة لقيد المواليد، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إلزام جهة الإدارة بتسليم السيدة نجاح معاذ سليمان أم الطفلة شهادة قيد ميلاد طفلتها باسم والديها الشرعيين "المدعية وزوجها عوض ناجي شريف"، دون الاعتداد باعتراض ضرتها في الإضرار بالطفلة وحرمانها من حقها الدستوري في الاسم والأوراق الثبوتية، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان.

 

وقالت المحكمة إن الدستور ارتقى بحقوق الطفل خاصة اللصيقة بشخصه كإنسان، وجعل لكل طفل الحق في الاسم والأوراق الثبوتية وألزم الدولة بأن تعمل على تحقيق المصلحة الفضلى للطفل في كافة الإجراءات التي تتخذ حياله، كما أن المشرع العادي جعل لكل طفل الحق في أن يكون له اسم يميزه، ويسجل هذا الاسم عند الميلاد في سجلات المواليد والاسم من بين عناصر الشخصية القانونية، فهو ليس مجرد رقم قيد وإنما هو علامة مميزة للمولود تعطيه مظهرا من مظاهر الوجود والحياة.

 

وأضافت المحكمة أنه للأم الحق في الإبلاغ عن وليدها وقيده بسجلات المواليد واستخراج شهادة ميلاد له مدونا بها اسمها، ولا يعتد بهذه الشهادة في غير إثبات واقعة الميلاد، ولم يجز القانون لوالد الطفل وحده احتكار الإبلاغ عن ولادة الطفل وإنما جعله حقا كذلك لأم الطفل شريطة إثبات العلاقة الزوجية، وفي ذلك تيسير على الأسرة المصرية حتى تتمكن من تسجيل ولادة الطفل مما يستتبعه ذلك من تمتع الطفل بالحق في الاسم والشخصية القانونية طبقا للدستور والقانون.

 

وذكرت المحكمة أن المدعية تزوجت من المدعو عوض ناجي شريف المدعى عليه الخامس زوجة ثانية بعقد شرعي صحيح بموجب وثيقة زواج مؤرخة 3/8/2014 ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج وانجب منها الطفلة "منة" على فراش الزوجية بتاريخ 9/5/2015 وهو ما لم تنكره الإدارة ولم ينكره الزوج، ونطقت الأوراق بوجود خلافات زوجية بين الطرفين وامتنع والد الطفلة عن إثباتها نكاية في المدعية واستجابة لضرتها زوجته الأولى، التي اشترطت عليه عدم قيد الطفلة إلا باسمها هي وليس باسم المدعية الأم الحقيقية للطفلة، فحررت نجاح محضرا برقم 4414 لسنة 2015 إداري مركز شرطة الدلنجات بتاريخ 27/5/2015 بالواقعة وأكدت صحتها التحريات التي أجرتها مباحث مركز شرطة الدلنجات المؤرخة 10/6/2015 بوجود الخلافات الزوجية وعلى أثرها تركت المدعية منزل الزوجية وأقامت المدعية بمنزل والدها بالدلنجات.

 

وأشارت المحكمة إلى أنه يتعين على الرجل أن يدرك أن الزوجة تتغير كرها لغيرها بحكم الطبيعة البشرية إذا تزوج بزوجة أخرى، وهي التي تعرف في الأوساط الاجتماعية "بالضرة"، وحينئذ لا يسلم من مكائدها، وتصبح زوجتاه ضَرَّتَينِ، مَتَى أَرْضَى إِحْدَاهُمَا أَسْخَطْ الأُخْرَى، ومن ثم بات التزاما على الوالدين أن يوفرا الرعاية والحماية الضرورية للطفل ولا يجوز للجهات الإدارية الاستجابة لمكائد الضرائر لحرمان الطفل من حقوقه الدستورية اللصيقة بشخصه كإنسان كالحق في أن يكون له اسم وأوراق ثبوتية تميزه عن غيره، خاصة أن الدستور قد تصون لحقوقه بالحماية والرعاية وألزم الدولة بالعمل على تحقيق المصلحة الفضلى للطفل في كافة الإجراءات التي تتخذ حياله.

 

واختتمت المحكمة حكمها الذي انتصر للطفلة الصغيرة بأن الخلافات الزوجية الناجمة عن الزواج بأخرى دون رضاء الأولى تؤدي في كثير من الحالات إلى أن يكون الخلاف مستحكما والشقاق عميقا وبنيان الأسرة متهادما وصرحها متداعيا ورباطها متآكلا يكاد أن يندثر انحرافا من أحدهما أو كليهما عن مقاصد الزواج الذي كان من ثمرته انجاب الأطفال، فإن صدعهما ما زال غائرا يقيم بينهما جفوة في المعاملة لا يكون العدل والإحسان قوامها بل يذكيها التناحر والتصارع فلا تكون حياتهما إلا سعيرا يمتد أوزاره إلى الأطفال، ولا يؤول أمر الأسرة إلا هشيما ولا يكون أُلفها ووفاقها إلا حسيرا، دون عدول من أهلهما يسعيان بينهما معروفا بشأن التصدي لرغبة الأب في حرمان طفلته من الاسم والأوراق الثبوتية لصالح زوجته الأخرى نكاية لها عندا ونفيرا، بل يجب أن يكون الزوج للحق عضدا وللمروءة نصيرا ولإباء النفس وشممها ظهيرا، فبقاء العلاقة النفسية والاجتماعية للزواج ترتهن بمودتها ورحمتها وبعدلها وإحسانها، وأن تمزيق أوصالها بالشحناء إيهان لها ومروق عن ادراك حقيقتها، وكلما استجاب الرجل لمكائد الضرائر واستبد بزوجته ضعفا أمام الأخرى فلا يجوز أن يمتد أوزاره إلى حرمان الأطفال من أدلتهم الثبوتية في الشخصية القانونية حتى لا يحال مسراهم ضلالا وهم زينة الحياة الدنيا.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز