عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
"شيكا" يكتب فصل النهاية في أسطورته المنقوصة

"شيكا" يكتب فصل النهاية في أسطورته المنقوصة

عندما شاهدت ذلك الناشئ الصاعد لأول مرة خلال مشاركته الأولى ضمن صفوف فريق نادي الزمالك في مباراة غزل المحلة ببطولة الدوري عام 2002 لم أستطع إخفاء انبهاري - رغم أهلويتي - بتلك الموهبة التي لا تخطئها عين، اختطف ذلك الشاب الأسمر قلبي بمراوغة واحدة تلاعب خلالها بثلاثة من مدافعي الفريق المنافس ورفع الكرة من فوق حارس المرمى لتسكن الشباك محرزًا هدفًا جعلني أقول: ها هي أرض الزمالك تنشق عن موهبة جديدة لا تحتاج لمزيد من المباريات للحكم عليها.  



لم يكن محمود عبد الرازق «شيكابالا» وقتها قد أمضى من عمره إلا 16 عامًا و10 أشهر فقط، ولكن هدفه كان حاسمًا ليس فقط لاختياره كأفضل هدف في البطولة ولكن لأنه أنقذ الزمالك «الجريح» الذي خسر في مباراة العودة في دور الـ 16 في المحلة بنتيجة (3-2) ليتأهل لدور ربع النهائي بقاعدة الأهداف خارج الأرض.

 

لم يكن ذلك الفتى ذو الملامح المميزة والبشرة السمراء «شيكابالا» بحاجة إلى كثير من الوقت كي يتألق ويلمع نجمه في صفوف «الأبيض» الذي عاش واحدة من فترات مجده فحقق بطولة الدوري لموسمين متتاليين (2002-2003 ) و(2003-2004) مستغلًا مرحلة «تجديد الدم» التي يمر بها غريمه التقليدي «الأهلي» قبل أن يتسلم الساحر البرتغالي «مانويل جوزيه» مهمة بناء فريق جديد ستصبح له الكلمة العليا ليس في مصر وحدها بل في إفريقيا كلها.   

 

أسطورة «شيكا» تتشكل  

موسمان كرويان كانا كفيلان بالتفاف جماهير الزمالك المتعطشة للانتصارات حول «شيكا» ابن قرية الحصايا بمركز إدفو بأسوان، بل إن أسطورة جديدة أخذت ملامحها تتشكل، وجماهير جديدة راحت تضاف لرصيد الأبيض على يديه.

 

تعرف الشعوب والجماعات صورة نفسها من خلال «الأساطير» فتعمل على إبقائها حية في أذهان أعضائها، وبالذات لدى الأجيال الجديدة منهم، ويمثل استمرار هذه الأساطير شكلا من أشكال استمرار ما يعنيه وجودها في الحياة.

 

الآن قويت شوكة الغريم التقليدي للزمالك على يد «الساحر البرتغالي» الذي راح يحصد البطولات بنهم شديد ويستولي على كل الألقاب بداية من موسم (2004 2005) وفي ظل موهبته الكروية ومهاراته الفنية العالية أصبح «شيكا» هو رهان الزمالكاوية وأسطورتهم الجديدة.  

 

رأت جماهير الأبيض فيه «المنقذ» اعتبروه نسختهم الخاصة من «روبن هود» ذلك «الفارس الإنجليزي الشجاع» الذي يتمتع ببراعة هائلة في رشق السهام، ويقوم بسلب الأغنياء لإطعام الفقراء ومحاربة الظلم والطغيان.

 

تنتصر الحكاية الشعبية في نهايتها دائمًا للمظلوم، وتستوحي نماذج المقاومة وتجسدها في شخص «البطل»، وهكذا فعل الزمالكاوية مع «شيكا» الذي رأوا فيه «علي الزيبق» البطل الشعبي القادر على البقاء ورد الصفعة، تريد الملحمة هنا أن تقول للمسحوقين في الأرض: قاوموا ولا تستسلموا هناك مائة باب للتمرد.. أو بالتعبير الزمالكاوي «سنظل أوفياء حتى تبتسم لنا السماء».

 

شيكا بالنسبة للأهلاوية

على الضفة المقابلة من النهر كان الأهلاوية ينظرون لشيكا نظرة مختلفة، نظرة تنزع عنه كل تلك الهالة البيضاء، هو لاعب مهاري صحيح لكنه غير قادر على تحقيق انتصار كبير في مواجهتنا، حتى عندما أحرز هدفا في شباكنا في نهائي كاس مصر في صيف 2007 تمكن فريقنا من حسم اللقب لصالحه وفزنا بالمباراة بنتيجة (4-3).

 

شيكا بالنسبة لنا ليس لاعبًا عاديًا ولا يمكن لأحد أن يقول هذا، ولكنه أيضًا ليس أسطوريًا، الأسطوري هو من يصنع المعجزات والقادر على تحدي الظروف، لكن شيكابالا لم يسجل فى الشباك الحمراء إلا خلال مباراة الديربى التي تحدثنا عنها ثم في مباراة نهائي كأس إفريقيا التي أقيمت قبل يومين، وفي كلا المناسبتين حسم الأهلي النتيجة لصالحه، رغم مشاركته مع الأبيض فى 20 لقاء أمام الأحمر فى كل البطولات.. خسر الزمالك فى 10 مواجهات منها وتعادل فى 6 مناسبات بينما انتصر فقط فى 4 مباريات.

 

يؤمن «شعب الأهلي» بالأرقام وعلى الصعيد الدولى لعب «شيكا» 32 مباراة بقميص المنتخب نصفها مباريات ودية (16 مباراة) أحرز خلالها هدفين فقط أحدهما في مباراة غانا التي لم يكن المنتخب في حاجة كبيرة لها فقد تأهل رسميًا لمونديال روسيا، كما أن تاريخ شيكابالا التهديفى يقول أن «الفهد الأسمر» لم يسجل سوى 80 هدفًا خلال مسيرته وصنع مثلهم منذ ظهوره الأول فى الملاعب، أي أنه لم يلتحق بنادي المائة الذي التحق به لاعبون كُثُر.

 

طفل الزمالكاوية المدلل

اسطورة «شيكا» منقوصة.. تفتقد للحبكة، كلما ناداه أتباعه لبى نداءهم لكن حضوره لم يكن كافيًا، حتى في المرتين اللتين سجل فيهما لم يفز الأبيض، عندما يتحدثون عنه يتفننون في وصف مهاراته لكن دائما هناك استدراك هناك دائماً عنصر ناقص في المعادلة «لولا بس كذا». 

 

أدمن شيكا الغياب ورغم هذا لم يتأثر رصيده في قلوب الجماهير البيضاء، سافر بعد موسمين فقط إلى نادي «باوك» اليوناني ثم عاد ليجد مكانه دافئًا، انتقل لنادي «الوصل» الإماراتي ورجع إلى بيته في الزمالك مجددًا، غادر إلى «سبورتنج لشبونة» البرتغالي ومنه إلى الإسماعيلي المصري قبل أن يستقر في القلعة البيضاء مرة أخرى.

 

منحه صديقه أحمد حسام «ميدو» حينما كان مديرًا فنيا للإسماعيلي الفرصة للعودة للمستطيل الأخضر،ومنحه حرية للتحرك في وسط الملعب.. أخيرا سجل «شيكا» بعد غياب 1388 يومًا، سجل وصنع في أول مباراة يبدأها أساسيا مع الإسماعيلي أمام حرس الحدود في المباراة التي انتهت بنتيجة (4-0).

 

غفر شعب الزمالك لشيكا كل أخطاءه وتجاوزوا حتى عن خطاياه، غفروا له حتى شروعه في الانضمام إلى غريمهم التقليدي الأهلي واعتبروا أن شيئًا لم يكن، لم يشككوا في إخلاصه للأبيض ذي الخطين الحمر.

 

يعيب الاهلاوية على «شيكابالا» ما يراه الزمالكاوية ميزته الكبرى، فهو شخصية عاطفية جدًا، فى وقت الفرحة والانتصار تجده طفلًا مجنونًا يتراقص ويغني لفرحة جماهيره، وفى لحظات الهزيمة ينهار ويبكي كالأطفال، وإن بقيت بداخله رغبة جامحة في التعويض والرد.

 

دائمًا يضع «شيكا» الجماهير في مقدمة حساباته، ينفعل بانفعالاتهم فيغضب ويثور ويرفع الحذاء ويشير بإشارات بذيئة، وهذه ليست سمات «لاعب محترف»، فالجماهير دائما عاطفية ودائما تنفعل لمصلحة فريقها أما اللاعب الكبير هو من يعرف كيف يجعل هذه النار تضيء له ولا تحرقه. 

 

وفي الختام تبقى كلمة وهي أن محمود عبد الرازق ظاهرة نادرة الحدوث، يحبه الأهلاوية أو يكرهونه، يعشقه الزمالكاوية أو يقدسونه، لكن فى كل الأحوال سيظل «الأباتشي» حالة استثنائية خاصة في تاريخ الكرة المصرية.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز