عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
المارد الصيني يخيف الغرب ويقلق مستقبله

المارد الصيني يخيف الغرب ويقلق مستقبله

بهدوء ونعومة وعلى مدى العقود القليلة الماضية تسللت الاستثمارات الصينية نحو القارات الخمس لكي تستقر أخيرًا في الغرب الأمريكي والأوروبي وتثير رضى الاقتصاديين وقلق السياسيين والاستراتيجيين.



 

فتوظيفات الوفرة المالية الصينية الكبيرة تركزت على المجالات الاستراتيجية، واستخدم الحجم الهائل للاستثمارات الصينية في القطاعات الغربية كافة، حتى إنه أسال لعاب المؤسسات الاقتصادية وبعث مخاوف الاستراتيجيين على حاضر اقتصاديات الدول الغربية ومستقبلها.

 

وصلت الديون الامريكية لصالح الصين إلى 1.3 تريليون دولار.. وتثار اليوم عشرات الاسئلة في الاوساط المالية والاقتصادية الدولية مثل: كيف يمكن لثاني أكبر اقتصاد في العالم “الصين” أن يكون مقرضًا لأول اقتصاد في العالم (الولايات المتحدة)؟ ولكن هذه الحقيقة لن تبقى ازلية، فالبنك الدولي يرى أن الصين ستصبح الاقتصاد الأضخم في العالم ما بين سنتي 2020 و2030.

ولماذا تقرض الصين الولايات المتحدة في ظل الحرب التجارية القائمة بينهما؟ والجواب لدى الاوساط المالية الدولية التي تعتقد ان شراكة المصالح المتبادلة بين عملتي البلدين اقوى من الخصام السياسي.

 

ويبقى السؤال المركزي مؤرقًا وهو: هل سيقدم الصينيون الذين أشتروا بأثمان بيع بضائعهم في الأسواق الأمريكية سندات الخزينة الامريكية على استخدامها لإضعاف الاقتصاد الامريكي؟

 

اسئلة كثيرة توقفها عند حدها مشاعر الاطمئنان الغربية لحسن السلوك الصيني، فالصين لن تطالب الحكومة الأمريكية سداد ما عليها من ديون، ولن تبيع هذه السندات لأن ذلك سيلحق اضرارًا جسيمة ليس بالاقتصاد الأمريكي فحسب وانما ايضًا بالاقتصاد العالمي لكونه سيبث فوضى كبيرة في الأسواق الدولية مما سيلحق الضرر بالنظام الاقتصادي العالمي الذي سمح للصين بهذا الامتداد في الدول الغربية.

 

والحقيقة التي ربما تكون غائبة عن المراقبين هي ان القروض الصينية للولايات المتحدة، تعزز موقع الدولار في الاقتصاد الدولي على حساب عملة اليوان الصينية، ولكنها مطلب خفي صيني لأسباب تسويقية تتعلق باستمرار تدني أثمان البضائع الصينية.

 

ولكن ماذا لو قررت الصين فك الارتباط بين عملتها والدولار، وجعل اليوان أكثر جاذبية لتجار الفوركس في الأسواق العالمية؟ هنا ينبغي أن نعترف بأن هذا الامر يشكل أحد مصادر المخاوف الامريكية، لذلك اعتبر جون راتكليف مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية، إن الصين تمثل "أكبر تهديد للديمقراطية والحرية" منذ الحرب العالمية الثانية، لأنها عززت قوتها بسرقة أسرار أمريكية، وبدأت تحل محل الشركات الأمريكية في الأسواق".

 

ولم يكن الحال بأفضل في علاقات دول الاتحاد الأوروبي مع الصين، فالاتفاق المبرم ما بينهما المعقود في اخر أيام عام 2020 الذي سمي اتفاق الشراكة الاوروبية الصينية يشكل- كما يقول الكاتب الفرنسي عمانوئيل بيرتا- ضربة قاضية للولايات المتحدة، فقد جعل حجم التبادل التجاري بينهما يصل إلى 560 مليار يورو لكي تصبح الصين اكبر شريك تجاري للاتحاد الاوروبي وليس الولايات المتحدة التي بقي حجم التبادل التجاري بينها وبين الاتحاد الاوروبي بقيمة 501 مليار دولار. ألمانيا وحدها شكلت 42 في المائة من صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الصين في عام 2019.

 

وتلك خطورة تجسد تصدع جبهة الغرب الامريكي عن الاوروبي من ناحية وتصدع الجبهة الاوروبية داخليا من خلال انحياز المانيا لمصالحها المتنامية مع الصين ومراعاتها المستمرة للمستهلك الصيني من ناحية ثانية.. وهو ما يجعلنا نتأمل في قول الرئيس الفرنسي إيمانوئيل ماكرون إن الصين لديها "عبقرية دبلوماسية حقيقية" لتقسيم أوروبا وإضعافها!

 

ويستكمل الرئيس ماكرون المخاوف الاوروبية على الجبهة الامنية الغربية عندما يصر بتأييد الماني على استقلالية القرار الاوروبي عن الأمريكي، ويطالب بل ويعمل ميدانيا على بناء الجيش الاوروبي الذي يوفر المظلة الامنية بدلًا عن المظلة الامريكية، لأنه يعتقد جازما- وقد صرح بذلك للعلن مرارًا- بأن الحلف الاطلسي "ميت دماغيًا".. وبذلك يبرر علاقاته "الامنية" المتميزة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ويدافع عنها وهو ما يثير الغضب الالماني والامريكي. تلك هي صورة مبسطة للمارد الصيني في ذهنية الاوساط الاستراتيجية الغربية التي تعترف ولو على مضض ببعض مخاوفها على حاضرها ومستقبلها.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز