عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

أحمد فايز يكتب: رحلة في مساجد روسيا 

تشتهر روسيا بالكنائس ذات القباب الذهبية، التي شهدت تغيرات تاريخية على مر الزمان، إلا أن لمساجد روسيا نصيبًا من التاريخ والجمال، والتي تملك أفضل وأروع هندسة معمارية خارجية وداخلية، واليوم يوجد في روسيا أكثر من 6 آلاف مسجد تنتشر في مقاطعات روسيا، (أكبر بلاد العالم فى المساحة أكثر من 17 مليون كيلومتر)، تم ترميمها أو إعادة إعمارها بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وبعضها بني حديثاً، وبعضها يرجع تاريخه إلى عصر الخلافة الإسلامية، ووصول الإسلام إلى روسيا، ولكل منهم حكاية عبرالفترات الزمنية والتاريخية المتغيرة التي مرت على روسيا، وممكن زيارتهم وأداء الصلاة فيهم.



وانطلاقًا من العاصمة موسكو والتي يوجد بها حالياً 5 مساجد، مروراً بالمدن القريبة منها مثل: مدينة نيجني نوفغورود، مدينة تفير، ومدن الطوق الذهبى (كوستراما، ياروسلافل)، إلى قازان عاصمة تتارستان، والقوقاز، حيث يعيش أغلبية الروس المسلمين مثل الشيشان، الأنغوش، إلى مدينة دربند والتي وصل إليها العرب المسلمون فى القرن السابع الميلادي، وأطلقوا عليها إسم مدينة "باب الأبواب"، إحدى مدن داغستان، وفي الشرق الروسي، حيث توجد مدينة أوفا (باشكورستان)، وحتى فى الشمال الروسي في مدينة سانت بطرسبرج، ومدينة أورينبورج، وصولًا إلى مدينة نوريلسك الواقعة  في أقصى الشمال الروسي بالقرب من القطب الشمالي، تجد وتشاهد المساجد، والتي تختلف أشكالها وعماراتها تبعًا لتاريخ وعمارة المدينة التي بُنيت بها.

 

ويعتبر المسلمون في روسيا- حاليًا- هم الديانة الأكبر بعد الديانة المسيحية الأرثوذكسية، حيث يتراوح عدد المسلمين في روسيا من 25 إلى 28 مليون مسلم تقريبًا، علمًا بأن عدد سكان روسيا الإجمالى يبلغ ما يقارب من الـ ١٤٥ مليون نسمة أي أن حوالي ٢٠% من الشعب الروسي هم من المسلمي، أغلبيتهم من السنة، وسنأخذكم في جولة للتعرف على ١٠ مساجد في روسيا.  

 

1. أول وأقدم المساجد فى موسكو المسجد التاريخي في حي زاموسكفوريتشي:

حي زاموسكفوريتشي أقدم أحياء موسكو، والتي عاش فيها التتار، ومترجمو الخانات (الأمراء التتار)، والتجار ما بين القرن 13-15فى هذا الحى، ويعود أول ذكر موثق لمسجد في موسكو للعام 1712 حيث بني من الخشب، وكان يقع في ساحة منزل مترجم هيئة الشؤون الخارجية "الأمير سولماميت مورزا سيمينه"، وبعد وفاة الأمير قام الوريث ببيع المنزل للتاجر شوكين، وبمرور الزمن احترق جزء كبير منه، وأصبح عتيقًا، وعندئذ أزيل المسجد، وفي عام 1832 تم الحصول على ترخيص ببناء مسجد، وكان بناء مدنيا عاديا من طابق واحد مع ما يشبه المئذنة فوق المدخل، وقد اكتسب شكله التام كبناء عبادة إسلامي في العام 1880، وهذا المسجد بالذات، وعلى مدى القرن التاسع عشر، كان يعد مسجدا جامعا ومنذ القرن العشرين أصبح يسمى بالمسجد الجامع، وتمت إعادة بنائه في العام 1904، وبعد ثورة 1917 هدمت كثير من الكنائس في روسيا وأغلق البعض الآخر، وبالتالي أغلقت أبواب المسجد، وعند تفكك الاتحاد السوفيتي، وسمح بحرية العبادة، تم إعادة ترميم المسجد بأموال المسلمين الروس وبعض التبرعات من المملكة العربية السعودية، تم فتح أبوابه للمصلين، ورفع منه الأذان وعاد للحياة مرة أخرى، ويسمى اليوم بالمسجد التاريخي. 

 

 

 

 

 

2. المسجد الأوسع في روسيا مسجد "يوسف بن جامع" بمدينة مَخَاتْشْكَالا: 

ماخاتشكالا )مَحَجْ قلعة أو مَخَاجْ قلعة (هى مدينة في جنوب روسيا، عاصمة جمهورية داغستان، أكبر مدينة في منطقة شمال القوقاز الفيدرالية، وتم افتتاحه عام 1997، يستوعب ما يقرب من 17000 مُصل، صُمم على طراز «المسجد الأزرق» الشهير في إسطنبول، ويعتبر واحدًا من أضخم المباني الإسلامية في بلدان الاتحاد السوفيتي السابق، ويضم المسجد مركزا لتعليم الشريعة والقرآن الكريم.

 

 

 

3.  مسجد بتصميم حديث مسجد "لالا تيولبان" في مدينة أوفا:

مدينة أوفا هي عاصمة جمهورية بشكورستان (بشكيريا) في شرق روسيا، تم بناء مسجد لالا تيولبان في مدينة أوفا في عام 1998، استمر البناء ما يقرب من 10 سنوات، يشبه تصميم المسجد وألوانه زهرة التوليب في مرحلة الازهار، إذ يتماشى شكل المبنى الرئيسي وألوانه شكل زهرة التوليب وترمز مئذنتاه لبرعمَي هذه الزهرة، الأمر لم يرد صدفة بل هو انعكاس لتأثيرالثقافة على العمارة إذ أن زهرة التوليب هي رمز شعب التركمان منذ العصور القديمة، ووفقاً للأسطورة البشكيرية فإن السعادة تكمن في قلب برعم زهرة التوليب التي لم تتفتّح بعد، يستوعب المسجد حوالي 1000 من المصلين ،يبلغ ارتفاع كل مئذنة 53 مترا، وتأتي في المرتبة الثالثة من حيث الإرتفاع في روسيا بعد مسجد قلب الشيشان (62 مترا)، وقول شريف (57 متراً)، يُصنَّف ضمن العمارة الإسلامية العصرية بمؤثراتها الكازاخية.

 

 

 

4. أقدم مسجد  في أستراخان"مسجد آك" (المسجد الأبيض): استراخان تقع فى الجنوب الغربى لروسيا، وهى أقدم مدن حوض نهر الفولجا، وهي ضمن 115 مدينة روسية ذات قيمة تاريخية، وفي المنطقة التي تقع فيها المدينة كانت هناك منذ القدم قرى وبلدات عديدة، والتي كانت تمر خلالها الطرق التجارية للعرب والفرس، افتتح المسجد الأبيض الخشبي في أستراخان عام 1777، وبعد 33 عامًا أعيد بناء مسجد آك الخشبي من الحجر على نفقة التاجر ديفيد إسماعيلوف، وأضيفت مئذنة جميلة بمبنى المسجد،في عام 1930، أغلق "المسجد أك"، وتحول إلى روضة أطفال، وفقط في عام 1992 أعيد المسجد إلى المسلمين، وتم ترميمه وافتتاحه لأداء الصلاة.

 

 

5. أضخم مساجد القرم "مسجد الجمعة" أو "المسجد الجامع” أو "مسجد الخان":

في قلب مدينة يفباتوريا: في جزيرة القرم هو أضخم مساجد القرم، مساحته تصل إلى 518م2، بناه المعماري سنان باشا في نهايات القرن السادس عشر على الطرازالعثماني، مشابها للمسجد الأزرق في مدينة إسطنبول التركية، وهو مبني من الحجارة البيضاء، وسقفه يزينه 11 قبة كانت قديما مطلية بالرصاص، والآن بالحديد والزنك، وفي وسطه قبة كبيرة يحملها أربعة أعمدة كبيرة تقسم المسجد إلى ثلاثة أقسام: مركزي بعرض 11.5م، واثنان جانبيان بعرض 4.65م، وللمسجد منارتان رشيقتان إحداهما وقعت قبل عام 1665م، والأخرى في عام 1836م، وفي عام 1985م أعيد بناء المنارتين بطول 35م، وفي صحن المسجد توجد نافورة ماء جميلة من الحجارة البيضاء كان يستخدمها المصلون للوضوء، وفي ساحته أيضا ثلاثة قبور لأبطال من الضباط المصريين، الذين خاضوا غمار حرب القرم ( 1853-1856)، وقاتلوا فيها بأعظم شجاعة، تغمدهم الله بواسع رحمته وجزاهم الله بجهادهم.

 

الجزاء الأوفى هم: الفريق سليم فتحي باشا، والأميرلاي علي بك، الأميرلاي ورستم بك، الذين استشهدوا فى الحرب،أهمل المسجد من قبل السلطات الشيوعية بين عامي 1944-1962م، وحول عام 1985م إلى متحفا تحت اسم “متحف تاريخ الأديان“، وبعد انتهاء الشيوعية عام 1991م، عاد المسجد إلى ملكية مسلمي القرم مجددا، فقاموا بترميمه من جديد، معيدين إليه مظاهر الفن الإسلامي، التي كانت تميزه بجمالها، وأبقوا على المئذنتين وفتح أبوابه للمصلين ويرفع فيه الأذان وتقام فيه الصلوات الخمس بشكل يومي.

 

6. مسجد به أكبر عدد من المآذن "مسجد  قول شريف" في مدينة قازان:

يعتبر مسجد "قول شريف"، هو المسجد الجامع في مدينة قازان، ومن أهم المساجد بجمهورية تتارستان، وقد تم إدراجه ضمن مواقع التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، تم بناء مسجد قول شريف في القرن 16 الميلادى، وحمل اسمه نسبة للقائد "قول شريف"، الذي توفي مع طلابه سنة 1552 للميلاد خلال دفاعهم عن مدينة قازان ضد القوات الروسية، وقد دُمر المسجد من طرف القيصر إيفان الرهيب في نفس العام، حتى أعيد بناؤه و افتتاحه في 2005، تبلغ مساحة المسجد 19 ألف متر مربع، ويسع حوالي 5 آلاف مصلٍ في القاعة الداخلية، وحوالي 10 آلاف مصل في الساحة الخارجية،يحتوي المسجد على قبة مركزية يبلغ ارتفاعها 39 متراً وأربع مآذن بارتفاع 57 متراً، ويوجد في مجمع المسجد الرائع بتصميمه متحف للثقافة الإسلامية في منطقة الفولجا، ويضم المتحف عددا من المخطوطات القديمة والمكتبات، ومن أهم ما يعرضه المسجد أيضا ضمن مكتبته اكبر مصحف في العالم، وهو مصحف يبلغ طوله مترين وعرضه مترًا ونصف المتر، بينما يزن حوالي 800 كيلو جرام، وقد تمت طباعته على الورق الأسكتلندي.

 

7. أكبر مساجد أوروبا "مسجد قلب الشيشان" في وسط مدينة غروزني:

لقب المسجد بـ"فخر المسلمين"، في مدينة شالي، على بعد 35 كم من العاصمة الشيشانية غروزني، في حجمه يحتل المرتبة الثانية بعد المسجد الكبير في موسكو والمسجد المركزي في محج قلعة، افتتح المسجد في الذكرى الستين لأول رئيس لجمهورية الشيشان، بطل روسيا أحمد خاجي.

 

 

 

 

قاديروف، تبلغ مساحته 5000 متر مربع، مما يسمح باستيعاب حوالي 10000 مصل وللمسجد أربع مآذن يبلغ ارتفاع كل منها 63م والقبة المركزية الضخمة ارتفاعها 32م وقطرها 16م، والقبة الزرقاء محاطة بأربعة أنصاف القبب، السقف ذو الشكل المعقد مزين بقباب أصغر، ترتكز على واجهات ذات نوافذ مقوسة، منها ينفذ ضوء الشمس إلى الداخل، مواصل القبة المركزية من الداخل تضئ بأشعة من الضوء الأزرق، للإيحاء بأنها السماء.

 

8. أقدم مساجد روسيا " مسجد الجمعة" في مدينة دربند:

مدينة دربند تقع على بحر قزوين، وتبعد عن العاصمة موسكو  2212 كم وهي إحدى مدن فى داغستان، التابعة للاتحاد الفيدرالي الروسي، شُيد مسجد الجمعة في القرن الثامن الميلادي.

 

 

بناه الأمير الأموي، وأحد أفضل القادة العسكريين في فترة الخلافة الأموية "مسلمة بن عبد الملك" في سنة 734م، ويعتبر أقدم مسجد في البلاد،وكذلك الأقدم على أراضي روسيا وتم إدراجه في قائمة التراث اليونسكو.

 

 

9. مسجد لم يغلق خلال حقبة النظام السوفيتي مسجد إيركوتسك هو المسجد الرئيسي لمدينة إيركوتسك:

مدينة إيركوتسك تبعد عن بحيرة بايكال حوالي 60 كم  فى شرق سيبيريا، يدخل مسجد إيركوتسك ضمن قائمة التراث الثقافي ذات الأهمية الفيدرالية، توقف عن العمل فقط، خلال الحرب الوطنية العظمى، مسجد إيركوتسك هو المسجد الرئيسي لمدينة إيركوتسك والمركز الديني للمفتيين في البيكال، والذي يجمع عادة المسلمين التتار والباشكير في المدينة وضواحيها، افتتح المسجد وسمع الآذان لأول مرة في إيركوتسك في عام 1897، تبرع الأخوان زيدالله وشيخ الله الملقبين "بشفيغولين"، من ممتلكاتهما بقطعة أرض لبناء المسجد في عصر الإمبراطورية الروسية، وبحلول عام 1905 تم تشييد مبنى جديد للمسجد، وكان أحد أفضل المساجد في روسيا في عصره.

 

10. المسجد الأبعد في الشمال الروسي مسجد "نورد الكمال" في مدينة نوريلسك:

مدينة نوريلسك تقع أقصى الشمال بالقرب من القطب الشمالي، هندسته المعمارية غير عادية، تم بناء المسجد على على نفقة رجل الأعمال مهاد بكمييف، وهو مواطن من نوريلسك، كما أطلق عليه إسم "نورد كمال"، تكريمًا لوالديه، والده نورالدين والأم العين الكمال، وتمّ إدراجه في كتاب غينيس للأرقام القياسية، باعتباره المسجد الأبعد في الشمال، تم تصميمه بحيث يسمح بالحفاظ على الحرارة ومقاومة الرياح القوية، المسجد على شكل نجمة ،مطلي باللون الأزرق، وقباب المبنى الرئيسي والمئذنة باللون الذهبي وجوانب المبنى مفصولة بأعمدة زخرفية بيضاء، وعلى كل جانب أربع نوافذ مستطيلة، الأجزاء العلوية من النوافذ مثلثة الشكل.

*أحمد فايز المرشد السياحي العربي في روسيا

   

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز