عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
صناعتنا الحرفية.. وتهديد الهوية التراثية!

صناعتنا الحرفية.. وتهديد الهوية التراثية!

من الجميل أن  ننظم المعارض المتخصصة لمساندة قطاع ليس فقط مهما لاقتصادياتنا، ولكنه للحفاظ على تراث مصري قديم  منذ الأزل وشهد انتعاش عدد  كبير منه فى عصر الملك إخناتون الشهير بفرعون التوحيد قبل نحو 3380 عاماً  وبطبيعة الحال باتكلم عن معرض "مصر بتتكلم حرفى ".



وفى الواقع فإن المطلوب ليس فقط تنظيم معرض ..ولكن هناك الحاجة للنظر إلى تلك الصناعات  اليدوية والتراثية ، بصورة أعمق، لأنها تواجه من المشاكل العميقة والمتراكمة، حتى أصبحت مهددة بالاندثار !!

وأصبحت "كلمة السر "فى بقاء مهنة المشغولات اليدوية والتراثية، تكمن في وفاء صانع ورث مهنته أبا عن جد!! 

وبدأت تلك الصناعات، التي تحمل طابعا ثقافيا مصريا، وترمز لحضارتنا،  تتوارى، بعد أن كانت تشكل القوة الإنتاجية الثانية بعد الزراعة، وبمثابة الصناعة الوطنية الثقيلة بمصر، فهى  قيمة مضافة للاقتصاد القومي، تعتمد بشكل كبير على الخامات المحلية والإبداع البشري، وعلى مهارة اليد وليس الآلات الحديثة، لذلك تعتبر من الصناعات كثيفة العمالة، وتساهم بشكل كبير في خفض معدلات البطالة ودفع عجلة الإنتاج.  

فهناك صناعات حرفية في مصر قادرة على المنافسة العالمية، بشهادة عظماء عبر مر التاريخ، حيث يذكر أن القائد الروماني" بومبي"؛ زار الإسكندرية وعاد منها بتحف من الزجاج أثارت دهشة الرومان الذين استدعوا إلى بلادهم عددا من “الزجاجين السكندريين لكي يؤسسوا هذه "الصنعة" في روما. وشيد عدد من الصناع المصريين مصنعا للزجاج في عاصمة الرومان للأمير نيرون.

وحتى نحافظ على المتبقي من صناعاتنا ذات الهوية الثقافية؛ لابد أن نواجه المشاكل بالجملة التي تتعرض لها الصناعات الحرفية بالمحافظات المختلفة !!!.

فبالله عليكم، كيف نترك تلك الصناعات في مهب سياسة الإغراق لسوق المنتجات الحرفية، للمنتج الصيني البعيد تماما عن مهارة الحرفية المصرية ولكنه يتميز بالسعر المنخفض؟ حتى يصل غزو المنتجات الحرفية الأجنبية للأسواق المحلية إلى الصناعات التي ترتبط بالعقيدة الدينية أو بمظاهر الحياة الاجتماعية؛ بمنتجات رخيصة الثمن شبيهة بأعمال تراثية ظلت لقرون شديدة المحلية، ومنها فوانيس رمضان وعرائس المولد وغيرها.  وكيف نترك هؤلاء الحرفيين بدون تأمين؟، كما ليس لهم الحق في الانضمام إلى نقابة الفنانين التشكيليين. إلى جانب ضعف المردود المادي لهم، مما يجعلهم يتركونها والبحث عن مجالات أخرى مما يهدد بانتهاء هذه الحرف. وهل يعقل أن الصين لديها وزارة مسؤولة عن الصناعات الحرفية وكل ما يتعلق بها وتوجد مناطق صناعية كاملة مخصصة للحرف اليدوية هناك !!. في الوقت الذي أهملنا نحن هذا القطاع لسنوات طويلة حتى وصلنا إلى اندثار العديد من الحرف اليدوية والصناعات التاريخية في مصر، التي تمثل تراثا اجتماعيا وجانبا من الهوية التاريخية، مثل المشغولات النحاسية والنجارة العربية الأرابيسك، والصدف وغيرها من الصناعات.

  وألستم معي، أننا لابد أن نواجه الواقع الراهن؛ أن القطاع لا يسير على الطريق الصحيح، فكل جهة تعمل في جزر منعزلة، ولا يوجد حصر شامل للحرف والعاملين بالمنظومة، وبالتالي فنحن بحاجة إلى مشروع قومي ترعاه الدولة أو مؤسسات المجتمع المدني المختلفة لإنقاذ هذه الحرف. فنحن بحاجة لعمل توثيق جغرافي ثقافي للحرف اليدوية المصرية في جميع المحافظات، للتعرف على عدد الحرف التي يقال البعض أنها حوالي 210 حرف منها الكثير قد اندثر أو في طريقه للاندثار لعدم الاهتمام والدعم الكافي لها. لقد آن الأوان أن نتخذ خطوات عملية للحفاظ على المتبقي من صناعتنا الحرفية والتراثية  ليس فقط للحفاظ علي التراث المصري والصناعات الحرفية من الاندثار؛  وتقديم مصر للعالم من خلال الحرف التقليدية التي تُميز المحافظات المصرية المختلفة؛  فالتراث الحضاري على اختلاف أنواعه وأشكاله مبعث فخر  للأمم، وأكبر دليل على عراقتها وأصالتها وخير تعبير عن هويتها الوطنية، كما تعد تلك الصناعات  المصدر الرئيسي لدخل العديد من الأسر المصرية الفقيرة  والحد من البطالة والاستفادة من كافة الموارد البشرية في الدولة و إحدى المجالات التي تساهم في حشد وتعبئة القوى العاملة الوطنية!!!  

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز