عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

سلطنة كِلوة الإسلامية على الساحل الإفريقي

سلطنة كلوة
سلطنة كلوة

تأسست هذه السلطنة الإسلامية على سواحل شرق إفريقيا بجانب العديد من الكيانات السياسية المهمة، سواء كانت من الممالـك أم من السلطنات المهمة التي شهدت بدورها ازدهارًا كبيرًا بفضل موقع هذه البلاد على ساحل المحيط الهندي (أو بحر الهند)، لا سيما مع ازدهار الحركة التجارية في هذه المنطقة. 



ومن بين أشهر تلك الممالـك والكيـانات تلك المعروفة باسم: "سلطنة كلوة"، وهي التي ذاعت شهرتها بقوة إبان حقبة "العصر الـوسيط". 

وتقعُ "جزيرة كلوة" وكذلـك المدينة التي تحمل اسمها على ساحل شرق إفريقيا، وهي مدينة لعبت دورًا مهمًا في نشر مظاهر العروبة والدين الإسلامي في تلك المناطق، وينطق البعضُ- ومنهم الرحالة المغربي ابن بطوطة (ت: 779هـ/1377م)- اسم جزيرة كُلوة: بضم الكاف وإسكان الـلام ثم فتح الـواو، كما تكتب هذه الجزيرة باسم: "كِلوة"، أي بكسر الكاف. 

وبحسب ما ورد في بعض الدراسات والكتابات الاستشراقية الحديثة، يُكتب اسم تلك الجزيرة أيضًا بالشكل التالي: "كيلوا" (أو كيلوة) Kilwa، لكن الاسم الراجح هو "كلوة". 

وتشير بعض الروايات التاريخية التي وردت في ثنايا عدد من المصادر العربية، إلى أن هذه المدينة سُميت بهذا الاسم لأن شكلها الجغرافي فيما يذكر البعض يشبه بشكل أو بآخر "كلوة الإنسان".

وتأسست في "جزيرة كلوة" سلطنة بفضل إحدى الأسرات الشيرازية (365-676هـ/ 975-1277م)، وبلغت "سلطنة كلوة" ازدهـارًا كبيرًا أيام الشيرازيين لاسيما خلال عهد السلطان داود بن سليمان، وأيام ابنه السلطان سليمان حسن الكبير، اللذين حكما السلطنة خلال القرن 6هـ/12م. 

وبعد الشيرازيين قامت أسرة ملكية جديدة من بعدهم في الجزيرة، وهي "أسرة المهدلي"، وقد برز دور "سلطنة كلوة" في هذه الفترة، وبلغت ذروة ازدهارها التجاري بعد ذلـك بفضل "أسرة المهدلي"، وهي الأسرة ذات الأصل العربي، وحكمت السلطنة خلال الفترة التي تمتد من (676-824هـ/ 1277-1421م)، وهي الأسرة التي أسسها السلطان الحسن بن طالوت، وهو من أسرة حضرمية الأصل. 

ولعل هذا يعني أنهم من أصول يمنية، وتحديدًا من بلاد حضرموت، وقد وصف ابن بطوطة- وغيره من المؤرخين العرب الذين زاروا سلطنة كلوة- أيام أسرة المهدلي حالة الازدهار الاقتصادي والتجاري الذي تمتعت به أيام تلك الأسرة العربية. 

ويصف "ابن بطوطة" (ت: 779هـ /1348م) مدينة وجزيرة كلوة وأهميته في روايته التي ترجع لأيام أسرة المهدلي العربية، حيث يقول: "وهي مدينة عظيمة ساحلية...". 

كما توصف مدينة كلوة في ذلك الوقت بأنها "من أحسن المدن وأتقنها عمارة، وكلهـا من الخشب..". وعلى هذا تعتبر رواية ابن بطوطة من أفضل الروايات التي وصفت لنا ازدهار سلطنة كلوة أيام أسرة المهدلي، حيث ساهمت (المهدلي) في زيادة انتشار مظاهر العروبة والإسلام في شرق إفريقيا، كما صارت كلوة مركزًا مهما من مراكز الثقافة العربية في هذه المنطقة. 

وكان التجار العرب والمسلمون يدركون أهمية منطقة ساحل شرق إفريقيـا من الناحية الجغرافية، وكذلـك مكانة هذه المنطقة من الناحية الاقتصادية والتجـارية، ومن ثم كانت السفن والمراكب العربية والفـارسية تكاد لا تنقطع عن السواحل التي تطل على الممالك التي في منطقة شرق إفريقيـا لا سيما تلك السفن التي يقودها البحارة والتجار العُمانيون والفرس القادمين من السواحل العُمانية، وكذلـك تلك التي كانت تأتـي من مدينة "سيراف" الفارسية. 

وبحسب بعض الـدراسات الأثرية الحديثة، فإن "جزيرة كلوة" شهدت ازدهـارًا تجاريًا واضحـًا خلال حقبة العصر الوسيط، لا سيما أيام أسرة المهدلي. 

ومن جانب آخر ومن خـلال بعض "الاكتشافات الأثرية" Arhaeological Discoveries التي قام بها الباحثون، فإنه قد تم العثور على العديد من المنشآت المعمارية وكذلك الأطلال الأثرية التي يمكن من خلالها أن نضع تصورًا لمدى الازدهـار التجـاري الـذي شهدتـه سلطنة كلوة في ذلـك الوقت، لا سيما مع وجود حركة تبـادل تجـاري نشط بشكل أو بآخر مع الشعوب الأخرى التي كانت مُزدهرة في ذلـك الـوقت، مثل: بلاد الهند، وبلاد السند، وكذلـك بلاد الصين، وكذا غيرهـا من البلدان الأُخرى التي تقع في منطقـة جنوب شرق آسيا عبر تجارة "المحيط الهندي" (بحر الهند).  

أستاذ جامعي وباحث في الدراسات الإفريقية  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز