عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

بمناسبة افتتاح مشروع تطويره.. تعرف على تاريخ ميدان التحرير

شهد ميدان التحرير أول عملية تطوير شاملة له ليحاكي أشهر ميادين العالم، وهو ما يليق بميدان له مثل هذه الأهمية التاريخية العظيمة بفضل العديد من الأحداث التي شهدها، ومنها موكب نقل المومياوات الملكية من المتحف المصري بالتحرير لمقرها النهائي بالمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، الذي سينطلق مساء اليوم السبت. 



ويأتي مشروع تطوير ميدان التحرير تأكيدا لما أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسي مؤخرا من أن مصر ستشهد نقلة حضارية وثقافية كبيرة، حيث أولى الرئيس السيسي منذ تسلمه مقاليد الحكم اهتماما خاصا بالآثار والتراث، جعلت مصر محط أنظار العالم، فوجه بصيانة وترميم ثروة وكنوز مصر التراثية والأثرية والحفاظ عليها، باعتبارها إرثا للحضارة الإنسانية جمعاء. 

وعقب أعمال التطوير، أصبح ميدان التحرير مزارا ضمن المزارات الأثرية والسياحية التي تحظى بها مصر، حيث تحول لمتحف مفتوح بعد تثبيت مسلة الملك رمسيس الثاني وسط الميدان، والمنقولة من منطقة صان الحجر الأثرية بمحافظة الشرقية، والتي يبلغ ارتفاعها حوالي 19 مترا، ووزنها نحو 90 طنا، وهي منحوتة من حجر الجرانيت الوردي وتتميز بجمال نقوشها التي تصور الملك رمسيس الثاني واقفا أمام أحد المعبودات، بالإضافة إلى الألقاب المختلفة له، ويحيط المسلة 4 كباش تم نقلها من الفناء الأول خلف الصرح الأول بمعبد الكرنك بالأقصر، ونافورة ثلاثة مستويات مدرجة مع الحرص على عدم تشغيل مضخات عالية لعدم التأثير على القطع الأثرية بسبب بخار ورزاز المياه، وحولهم النباتات وأشجار الزيتون.

كما تم طلاء العقارات التراثية المطلة على ميدان التحرير لتظهر بشكل موحد يحافظ على الطراز المعمارى الذي تشتهر به، ووضع منظومة إنارة على أعلى مستوى لإنارة كل جزء بالميدان، ليشمل كل المباني الموجودة، بما فيها المتحف والمجمع والعقارات نفذتها شركة الصوت والضوء، كما تم زراعة الميدان بالكامل بأشجار نخيل ووزيتون ونباتات بردى وخروب وشجر جميز وشجر مخيط وسنط.

 

وعن تاريخ ميدان التحرير، قالت الباحثة الأثرية نادية عبدالفتاح - لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم - إن "أرض ميدان التحرير كانت من طرح النيل والتي استجدت في العصر المملوكي، ولذا كان يغلب عليها الاستغلال الزراعي والحيواني، وكان اسمها آنذاك (زريبة قوصون) نسبة للأمير قوصون أحد آمراء السلطان الناصر محمد بن قلاوون، واستمر الحال على ذلك حتى القرن الـ19م حينما أُنشئ في هذه المنطقة بعض القصور، وذلك بسبب قرب الميدان الشديد من مدينة القاهرة التي أخذت في التوسع نحو الغرب حينما أنشأ الخديو إسماعيل حي الإسماعيلية، الذي كان يمتد من هذا المكان حتى ميدان الأوبرا". 

وأوضحت أن العامل الحاسم في بلورة هذا الميدان وظهوره هو افتتاح كوبري قصر النيل عام 1872م، وهو أول كوبري يربط مدينة القاهرة بالجيزة، ثم بالضفه الغربية للنيل.

وأضافت أنه تعاقب على هذا الميدان عدة مسميات، وهي: (ميدان الكوبري، ميدان قصر النيل، ميدان الإسماعيلية، ميدان الخديو إسماعيل (يونيو1933)، ميدان الحرية (أغسطس 1952)، ميدان التحرير (سبتمبر 1954)، وميدان أنور السادات (أكتوبر 1982)، وذلك بعد واقعة استشهاد الرئيس الأسبق أنور السادات في 6 أكتوبر 1981، إلا أن هذه التسمية لم يستعملها أحد.

ووصفت الباحثة الأثرية ميدان التحرير حيث يقع في الجانب الشمالي منه المتحف المصري، والذي كان أرضا زراعية في بادئ الأمر، ووضع حجر أساسه الخديو عباس حلمي الثاني، وذلك في عام 1897، أما الجانب الشرقي من ميدان التحرير أيضاً كان أرض زراعية تم تقسيمها في عهد الخديو إسماعيل، فيما عرف بحي الإسماعيلية، وهو نفس التخطيط الحالي، حيث أقيمت به فيلات وعمارات حديثة على الطراز الأوروبي، كما كان غالبية سكانها من الأجانب، ومن أهم معالم هذا الجانب مبنى الجامعة الأمريكية. 

وعن شارع محمد محمود، قالت الباحثة الآثرية إنه "يشكل الحد الشمالي من ميدان التحرير حتى شارع يوسف الجندي، فقد جرى ببطء نزع الملكيات التي كانت تعترض شَقه، وهو حديقة مدرسىة الليسيه، وبذلك اتصل شارع القاصد بميدان الإسماعيلية ثم تغير اسمه إلى شارع محمد محمود باشا".

وأشارت إلى شارع الأمير قدادار، الذي يصل بين شارع التحرير وشارع محمد محمود باشا، والذي عرف في منتصف القرن الـ19 بـ(شارع الصحافة) بسبب وجود عمارتين كانتا بهما إدارات بعض المجلات والجرائد، لاتزالان حاليا موجودتين، وهما العمارة الأولى، وهي رقم 2 ناصية شارع التحرير وكان بها مجلة الرقيب، روزاليوسف، مصر الحرة، الربيع ومجلة آخر ساعة.

وأضافت أن العمارة الثانية، وهي رقم 9 وتقع بين شارع محمد محمود وشارع منشأة الفاضل، وكان فيها دار الهلال ومجلاتها، وهي (أبو الهول، الأحوال، الجمهور، ومجلة الصباح)، وسميت بهذا الاسم نسبة للمطربة صباح لأن أول تحقيق صحفي مصور عنها نشر فيها.

 

وعن الجانب الجنوبي من ميدان التحرير، أوضحت الباحثة الأثرية أنه كان به ثلاثة مبان منفصلة تطل مباشرة على الميدان، وهي من الشرق إلى الغرب (سراي الإسماعيلية) نسبة إلى الخديو إسماعيل عام 1868، ثم سكنها الأمير حسين كامل باشا.. وفي عام 1885، اتخذت مقرا للمعتمد العلي العثماني حتى عام 1909، ومكانها الحالي شارع قصر العيني.. وفي عام 1909، بدأ في هدمها ولكن توقف، وفي عام 1924، اتخذ منها مخزنا لمصلحة المساحة ثم تم هدمها نهاية 1938 وأخذ نصف مساحتها الشمالية لتوسعة ميدان الخديو إسماعيل (التحرير). 

وتابعت أنه "في عام 1951 بنى على نصف مساحتها الجنوبي مجمع التحرير الحالي، والذي يتكون من 14 طابقا وكل طابق يتكون من 100 حجرة، وكان من المقرر أن يفتتحه الملك فاروق بعد عودته من مصيف الإسكندرية أواخر عام 1952".

وأوضحت أن الجانب الجنوبي من ميدان التحرير يضم كذلك مسجد عمر مكرم، وأصله كان يسمى مسجد (الشيخ العبيط) نسبة للشيخ محمد عبيط المدفون به، والذي كان يعيش في زمن محمد علي باشا الكبير، والذي كان يدسه في وسط خصومه ثم يسأله عنهم.. لافتة إلى أنه في عام 1868 جدده الخديو إسماعيل ثم أدخله ضمن سراي الإسماعيلية، وقد هدم المسجد عام 1954، وكلفت وزارة الأوقاف المهندس الإيطالي ماريو روسي بوضع تصميم مسجد جديد مكان المسجد القديم، وسمي بعمر مكرم، وافتتح للصلاة 1956 وأقيمت به قاعتان للمناسبات.

 

وبالنسبة لمبنى وزراة الخارجية، قالت الباحثة الآثرية إنه "صممه المعماري الإيطالي أنتوني لاشياك خصيصا للأمير كمال الدين حسين ابن السلكان حسين كامل، ثم شغلته محكمة الاستئناف بين عامي 1898 حتى 1910.. وفي عام 1934، اشترته الأميرة نعمة الله أرملة الأمير كمال الدين حسين ليكون مقرا لوزارة الخارجية، والذي لا يزال تابعاً لها".

وفيما يخص الجانب الغربي لميدان التحرير، أوضحت أنه كان يشغله أحد القصور الشهيرة، والذي أنشأه محمد علي باشا الكبير لابنته نازلي هانم، ثم اشتراه منها الوالي محمد سعيد باشا وهدمه، وبدأ عام 1853 في إنشاء ثكنات عسكرية مكانه ثم تم بناؤه عام 1863 في عهد الخديو إسماعيل ليكون مقرا لنظارة الحربية ومدرسة للحربية وقيادة للجيش المصري. 

وأضافت أنه بعد الاحتلال الإنجليزي لمصر عام 1882، اتخذها الإنجليز ثكنات للجيش البريطاني، وكان يتبع هذه الثكنات فنائين الأول بالجهة الغربية يطل على النيل، والثاني في الجهة الشرقية يطل على ميدان التحرير، وكان الإنجليز يستعملون هذين الفنائين للتدريبات العسكرية وكمطار عسكري للطائرات، ورغم توقيع معاهدة 1936، التي نصت على انسحاب الإنجليز إلى منطقة السويس، إلا أنه بسبب ظروف الحرب العالمية الثانية استمر تواجد القوات الإنجليزية بها طوال فترة الحرب العالمية الثانية حتى جلت عنها في عام 1947.

وبالنسبة لوسط ميدان التحرير، أكدت الباحثة الأثرية نادية عبدالفتاح أنه في أواخر عصر الملك فؤاد أُنشئت في وسط الميدان جزيرة مستديرة مزروعة بالحشائش، وفي أواخر عهد الملك فاروق جرى توسيعها وأقيم في وسطها قاعدة تمثال للخديو إسماعيل ووجهه متجه نحو كوبري الخديو إسماعيل، وفي عام 1997 أعيد إنشاء الجزيرة السابقة، ولكن بمساحة أكبر نظرا لتلفها أثناء تنفيذ مشروع مترو الأنفاق. 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز