عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

أحمد غنام يكتب: طفل يلعب بقاموس أكسفورد

أتذكر عندما كنت طفلا لا يزيد عمري عن 6 أعوام؛ ظللت أردد ترنيمة هي: ABCDEFG، اتضح فيما بعد أنها أحرف اللغة الإنجليزية، وقت أن كانت والدتي تحفظها لأختي الكبرى، وقتها قالت لي أمي "جدع استمر". 



كانت هذه الذكرى الأولى لي مع اللغة الإنجليزية بكل ما لها وما قيل عنها، لكنها لم تكن الأخيرة، فعلاقتي بها لم تكن علاقة طالب بمادة أو مهاجر بلغة بلد سافر إليه، بل هي علاقة تلقائية تماما، فلم أحاول في أي وقت أخذ أي دورات فيها، منذ الصف الأول الابتدائي وحتى الآن على مدار 26 عاما. 

أذكر أنه خلال أخد أيام طفولتي الوحيدة اكتشفت طريق المسلسلات الأمريكية، وكانت بدايتي مع رائعة الكاتب والمخرج بول شويرينغ Prison Break، وأذكر أنني أحببت المسلسل لدرجة إني رأيته - على غير عادتي - أكثر من مرة، وأحببته أيضا لدرجة أنني كنت أسمع المحادثات بين الممثلين، والكلمة التي لا أفهمها كنت ألجأ وقتها لقاموس أكسفورد الصغير، وأبحث عن معناها باللغة الإنجليزية، لأحصّل مجموعة جديدة من المفردات.

استمر الأمر معي لمدة طويلة، لم أكن أهتم وقتها بالتحصيل في اللغة الإنجليزية قدر اهتمامي بفهم السيناريو الدائر أمامي، ومع تنوع شهيتي تجاه الحياة الأمريكية ما بين برامج الحياة الواقعية والمسلسلات بمختلف أنواعها، وجدت نفسي وسط كم كبير جدا من المفردات، وقدرة على الفهم، وقدرة على الحديث بالإنجليزية بشكل جيد جدا دون معرفة قواعد اللغة. 

ظل الأمر كذلك حتى أنني قضيت فترة طويلة أفكر بالإنجليزية، وانطبقت على مقولة الشاعر محمود درويش عندما قال: 

لي لغتان، نسيت بأيهما كنت أحلم لغة إنجليزية للكتابة طيعة المفردات ولي لغة من حوار السماء ما القدس فضية النبر، لكنها لا تطيع مخيلتي

تزايد الأمر عليّ أنني في بعض الأوقات كنت أعرف معنى الكلمة بالإنجليزية وأبحث في عقلي عن معناها بالعربية ولا أذكره، وأنا الذي درست العربية طول أيام تعليمي من الابتدائية وحتى الثانوية، وعندما كنت أود التعبير لأحد أصدقائي عن أمر ما أخجل أن أقوله بالعربية؛ كنت لا أجد غضاضة في التعبير بمنتهى السهولة باللغة الإنجليزية عما يدور بداخلي، قطعا كنت مراهقا مع اللغة لكنها كانت مرحلة تماهٍ. 

الآن، وأنا في الثانية والثلاثين من عمري، أجدني مقتنعا تماما أن اللغة لا تدرس في دورات، اللغة، أي لغة، لا تتطلب سوى هاتف محمل بقاموس، وقائمة مسلسلات وأغانٍ، ومؤخرا كتب صوتية، وسماعة أذن، وعقل يستوعب، وأخيرا شهادة تقول إن مستواك في الإنجليزية فوق المتوسط؛ دون أن تدرس يوما واحدا.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز