عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
شياطين سد النهضة

شياطين سد النهضة

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِۚ "



الآية ٢١ من سورة النور.. صدق الله العظيم الذي منّ علينا بفضله ونهانا عن اتباع الشيطان وخطواته وألا ننجر بحسن نية إلى أصحاب النوايا السيئة فيما يتعلق بالمصير والمصالح القومية أقول هذا بعد الكلام الكثير الذي عايشناه خلال الفترة الأخيرة ويتعلق بمصير شعبي مصر والسودان وتدخل واشنطن على خط مفاوضات ومباحثات إدارة سد النهضة والفرحة التي انتابت البعض بقرب إيجاد حلول سريعة لها حيث تصور البعض أن أمريكا ستضغط على إثيوبيا من أجل التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن وملزم قانونا لكافة الأطراف ومجابهة التعنت الإثيوبي فيما يخص الملء الثاني لتشغيل السد.. ثم نفاجأ بفشل الوسيط الأمريكي "جيفري فيلت مان" الذي وصف بالدبلوماسي المحنك ورجل المهام الصعبة الذي أرسلته واشنطن بعد أن أجرى مفاوضات مكوكية زار خلالها الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا وتباحث مع كبار المسؤولين فيها.

 

فمن منا لا يعلم حقيقة السياسات الأمريكية الشيطانية تجاه القضايا العربية ونوايا أي مبعوث أو وسيط أو راعٍ أمريكي في أي مفاوضات تجرى على الساحة العالمية وأن مصالحها الاستراتيجية وأهداف الصهيونية العالمية لديها تعتبر "نمبر وان" وهذه خبرات وتراكمات كثيرة في تقييم الأدوار التي لعبتها واشنطن في كل مناطق الصراع وتدخلاتها في الدول الأخرى حفاظا على أهدافها الاستراتيجية وما لعبته هذه السياسة الشيطانية في الصراع العربي- الإسرائيلي ليس علينا ببعيد خاصه القضية الفلسطينية ويتساوى هذا مع كل من يجلس في البيت الأبيض لإدارة الدولة الأمريكية وهذا ما فعله الرؤساء كارتر وبوش الأب والابن ثم أوباما وترامب وأخيرا الرئيس بايدن، ويتساوى في هذا أيضا من كان ينتمي إلى الحزب الجمهوري أو الحزب الديمقراطي.

 

فالأمريكان يهتمون بإدارة الأزمات على حساب التسويات وتحقيق سلام شامل وعادل يتساوى فيه كافة أطراف الصراع أو النزاع.. فواشنطن دائما ما تدعم فكرة استمرار التفاوض وهذا التفاوض لن يأتي بالنتائج أو بالثمار المرجوة وهذا ما فعله الوسيط "جيفري فيلت مان" الذي جاء بأجندة جديدة ظاهرها استئناف المفاوضات وباطنها عبث وإهدار للوقت وما حدث في المفاوضات التي تمت في واشنطن العام الماضي ليس عنا ببعيد حيث أدار وزير الخزانة الأمريكي مفاوضات ثلاثية جمعت مصر والسودان وإثيوبيا ووقعت مصر والسودان على الاتفاقية وهربت إثيوبيا من التوقيع ولم تلزمها الدولة الأمريكية الراعية للمفاوضات بالتوقيع.. ولكي يتضح لنا الأمر أكثر سنجد أن أغلب الوسطاء الأمريكان الذين عملوا في الفترات السابقة لحل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي كانوا يهودًا أو صهاينة ووقفوا جميعهم إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي ولم يكن أحد منهم وسيطا نزيها أو حتى محايدًا ولا شك أن الدول الغربية تشاطر أمريكا دعمها لإسرائيل وتشاركها في أغلب توجهاتها السياسية.

 

لكن لماذا اربط ما يحدث بمشكلة سد النهضة وشيطنة   المفاوضات بعدم نزاهة الوسيط الأمريكي والتدخل الصهيوني؟! لهذا عدة أسباب أهمها أن ما تفعله إثيوبيا وتعنتها مع مصر والسودان وبناء السدود وخلق مشكلة مياه ليس من دماغها أو أفكارها فالمقارنات بين البلدين تؤكد التفوق المصري على الإثيوبي في كل شيء، خاصة التفوق العسكري، ولذلك فإن هناك أصابع خفية تساعدها وتقف وراء تحركاتها الشيطانية.. فالمؤامرات الصهيونية على مصر والمنطقة والنيل مستمرة حتى قبل الإعلان عن تأسيس الكيان الإسرائيلي.. ففي عام ١٩٧٩ كشف "اليعازر افتاي" رئيس لجنة المياه     الإسرائيلي عن الوجه الأسود والأطماع الإسرائيلية في مياه النيل عند مطالبته لإسرائيل بضرورة الإلحاح على مصر بتوصيل مياه النيل إلى صحراء النقب، قائلا "إنه ليس من المعقول أن تصب مياه النيل في البحر المتوسط بينما إسرائيل تعاني من مشكلة نقص المياه"...

 

لكن المؤكد أن جذور الأطماع الصهيونية في مياه النيل تعود لعام ١٩٠٢، عندما تباحث هرتزل مع وزير المستعمرات البريطاني جوزيف تشيمبرلين على توطين اليهود في شبه جزيرة سيناء، واقترح هرتزل توصيل مياه النيل إلى سيناء عبر أنفاق تمر تحت قناة السويس وذلك من أجل تهيئة سيناء لكي تكون صالحة لسكنى اليهود، إلا أن المشروع تم رفضه بسبب تخوف بريطانيا من أن يؤثر مقترح هرتزل الخاص بتوصيل مياه النيل إلى سيناء على كمية المياه المخصصة لزراعة القطن في مصر، الذي كان محصولا مهما للسياسة الاستعمارية البريطانية في مصر.

 

وتجددت الأطماع الصهيونية في مياه النيل مرة أخرى في عام 1974 عندما نشر اليشع كالى أحد مسؤولي شركة (تاحال) المائية الإسرائيلية والتي تملك الحكومة الإسرائيلية 52% من أسهمها مقالا زعم فيه أن مشاكل إسرائيل المائية يمكن أن تحل ولفترة طويلة باستخدام واحد في المائة فقط (1%) من مياه النيل أي ما يعادل 800 مليون متر مكعب من أصل 80 مليار متر سنويا هو مجموع إيراد نهر النيل.

 

هذه الأطماع دفعت الكيان الصهيوني إلى إقامة علاقات وثيقة مع الدولة الإثيوبية والانفصاليين التابعين لما يسمى "الحركة الشعبية لتحرير السودان" في جنوب السودان وذلك من أجل خنق مصر مائيا ووضعها في موقف مائي صعب لإذلال مصر والتي تعد من إحدى دول المواجهة مع الكيان الصهيوني حيث كشف الخبير الاستراتيجي الإسرائيلي أرنون شوفير في كتابه (صراعات المياه في الشرق الأوسط) أن بلاده تقوم بدور مهم في أزمة مياه النيل مؤداه التأثير على أمن مصر المائي لأهداف سياسية واستراتيجية حيث اعترف شوفير أن إسرائيل يهمها زيادة حصة إثيوبيا من مياه النيل لأن هذا الأمر يعني من وجهة النظر الإسرائيلية إعادة تقسيم مياه النيل بشكل جديد.

 

ولذلك نجد أن الحكومة الإثيوبية أسندت إلى إحدى الشركات الإسرائيلية مهمة إدارة وتوزيع ونقل الكهرباء المتوقع توليدها من سد النهضة وهو ما يعتبر حلقة من حلقات المخطط الصهيوني لخنق مصر مائيًا.

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز