أحمد عمر بالحمر يكتب: نفاذ الصبر

     أرى دائما أن الصبر وإن طال يوصلك في بعض الأحيان إلى مرحلة اليأس والتوقف عن ممارسة هذه الخصلة الحسنة،  لأن التمسك بكل ما هو طيب وحسن صعب في أوقاتنا هذه.      وأرى أنه غالباً ما تكون اللحظة الحاسمة قبل وأحيانا بعد اليأس بقليل،  فهي تحوم حول تلك اللحظة،  تختلط تلك الحدود بعضها ببعض.      حين تنهض من مكانك وقد فقدت الأمل في وصول صاحبك يصل،  تحدث ذاتك فتقول لماذا نهضت من مقامي،  لم يفصلني عن حضوره سوى تلك الثواني المعدودة.      لكنني ذهبت وصددت بوجهي بعيداً عن المحل أو الباب الذي عهدت دخوله منه،  على الرغم من سماعي لصرير الباب الخشبي القديم الذي كبر معي ونحن ننتظر معاً.      تكرر معي هذا الموقف كثيراً،  يأتي الفرج حين ينفد صبري،  لذلك تعاهدت معه "الصبر" عهدا وثيقاً،  بأن أبقي على بعضاً منه في رصيدي في حسابٍ لا يعرفه أحد،  أستعير منه وأقترض حين أصل وأقترب من سيادة اليأس.      وقد أجرب بأن أحتال عليه بالتمثيل على الرغم من كرهي وبغضي لذلك الفعل المشين،  بأن أفتعل وقوفي وانفعالي من نفس ذلك الكرسي الذي كنت قابعاً فيه أنتظر ، 

لكن الفرج كان أذكى من ذلك،  فلن تنطلي عليه تلك التصرفات والأفعال،  لذلك لا أملك سوى أحياء الصبر حتى آخر نفس،  حتى النهاية وها أنا أعاود الجلوس في مكاني وما زلت صابراً.