عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

المصريون أول من اكتشف طريق رأس الرجاء الصالح

تلك حكاية تاريخية من المهم أن نذكرها، لأنها تؤكد أن المصريين القدماء كانوا أول الشعوب التي اهتمت بقارة إفريقيا، وأنهم أول من داروا بسفنهم حول السواحل الإفريقية، وصولًا إلى طريق رأس الرجال الصالح الذي يزعم البرتغاليون أنهم اكتشفوه خلال بواكير العصر الحديث، مع نهايات القرن الخامس عشر الميلادي. 



وكان المصريون قد اهتموا بإفريقيا منذ القدم، وحاولوا الربط التجاري معها، ولهذا ظهرت فكرة حفر قناة تربط بين كل من نهر النيل والبحر الأحمر يمكنها أن تؤدي إلى سواحل شرق إفريقيا، لا سيما التي اشتهرت باسم بلاد بونت، وهي في الغالب سواحل الصومال، وبلاد القرن الإفريقي في الوقت الحالي.

 

 

ومن ثم حفرت أقدم القنوات المصرية التي حملت اسم سيزوستريس أيام الدولة الوسطى، أي حوالي القرنين 20 و19 قبل الميلاد، ثم أعاد حفرها الملك رمسيس الثاني خلال القرن 13 قبل الميلاد، خلال عصر الأسرة التاسعة عشرة الفرعونية.

 

 

ويبدو أنه تم إهمال تلك القناة القديمة التي كانت تربط البحر الأحمر ونهر النيل، وبالطبع كانت الأمور تسير في تلك الحقبة القديمة حسب احتياجات الحكام وولاة الأمر في كل مرحلة من المراحل التاريخية، فإذا أظهر الملك أو الحاكم اهتمامًا بالتجارة عبر البحر الأحمر كان لا بد من الاهتمام بتلك القناة، وعلى ذات السياق يكون النقيض إذ لم يهتم. 

 

 

وفي أيام الملك المصري نخاو الثاني (نكاو الثاني) (610-595 ق.م)، وهو من ملوك الأسرة السادسة والعشرين (656-525 ق.م)، في الحقبة التاريخية التي اشتهرت حسب المؤرخين المحدثين بـالعصر المتأخر، وكان هذا الملك محبًا لاستكشاف البحر الأحمر، وأراد أن يرسل أسطولًا بحريًا كذلك إلى سواحل شرق إفريقيا. 

 

 

وتشير المصادر التاريخية ومنها ما رواه المؤرخ اليوناني هيرودوت الهاليكارناسي، عاش حوالي منتصف القرن الخامس قبل الميلاد، إلى أن الملك نخاو الثاني كان يريد مد النشاط البحري والتجاري لمصر عبر الموانئ الممتدة على ساحل البحر الأحمر، فأقام الملك نخاو الثاني أسطولًا مصريًا يتكون من بعض السفن ذات المجاديف الثلاثة، وجعل عليها بعضًا من البحارة الفينيقيين. 

 

 

وقد دامت رحلة هذا الأسطول التجاري المصري عبر سواحل البحر الأحمر قرابة ثلاث سنوات حسب المصادر، وقد طاف البحارة الذين قادوا هذا الأسطول عبر سواحل البحر الأحمر، ثم وصلوا إلى أقصى السواحل الجنوبية للقارة الإفريقية- طريق رأس الرجاء الصالح، ثم عادت هذه السفن بعد ذلك إلى مصر عن طريق مضيق جبل طارق، الذي يفصل بين السواحل الإفريقية والسواحل الأوروبية، وتحديدًا بين كل من المغرب وإسبانيا، وهو المعروف قديمًا باسم: "أعمدة هرقل". 

 

 

وعلى هذا اكتشف المصريون القدماء طريق رأس الرجاء الصالح قبل نحو عشرين قرنًا من الزمان، وهو أمر مثير جدًا للعجب ويحتاج لمزيد من الدراسات التاريخية لتأكيد أسبقية المصريين في هذا الصدد، وعن ذلك يقول "جورج بوزنر" عالم المصريات: "وعادوا (أي البحارة) عن طريق جبل طارق، ولم يستطع العالم القديم أن يصدق أن الشمس التي تشرق دائمًا من على اليسار، أشرقت يومًا ما من على يمين البحارة.. ومع أن هذه الرحلة تبدو لنا بالغة الأهمية، إلا أنها لم تتبع بأخرى ولم يتبعها أحد بعد ذلك..". 

 

 

وعن ذات الرحلة أو المغامرة الكبرى التي قام بها الأسطول المصري أيام الملك نخاو الثاني، يقول داجنت: "قام نخاو (نكاو) برحلة حول إفريقيا بهدف اكتشاف بلدان أخرى ومصادر تجارية أخرى وطرق بحرية أخرى، وهذه الحملة معروفة باسم رحلة نخاو (نكاو) البحرية، ويورد هيرودوت عام 445 ق.م هذه القصة التي سمعها من المصريين..".

 

أستاذ جامعي وباحث في التاريخ الإفريقي  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز