أحمد فايز يكتب: سيدات على عرش الإمبراطورية الروسية

يعتبر القرن الثامن عشر مميزًا في تاريخ روسيا، كان عصر حكم النساء بعد وفاة الإمبراطور بطرس الأكبر، حيث ساهمن طيلة نحو 71 عاما في تطوير الإمبراطورية الروسية، بدءاً بكاترينا الأولى، ثم آنا يوانوفنا، ثم إليزافيتا بتروفنا، وبالطبع كاترينا الثانية أو كاترينا العظيمة كما يحب أن يطلق عليها الروس.

كان دور المرأة الروسية صغيرًا نسبيًا طوال نحو 600 عام حتى وفاة بطرس الأكبر عام 1725، حيث بدأ عصر حكم النساء، قبل ذلك وباستثناءات نادرة لم يكن يحق للمرأة إدارة شؤون منزلها أو حتى تربية أولادها، وكان يعهد بالأمر للمربيات أو الخالات أو العمَّات تحت رقابة رب العائلة، وكانت سيدات الأسر النبيلة لا يخرجن من منزلهن مطلقاً إلا لحضور الصلوات فى الكنائس، أو لزيارة زوجة القيصر، ولا يرى العريس عروسه إلا بعد أن تصبح زوجة له، ويرشحها له والدته أو قريباته.. من الاستثناءات ما حدث عام (945 - 969م) عندما تولت الأميرة أولغا أميرة "كييف روس" زمام السلطة بعد اغتيال زوجها الأمير إيجور ابن روريك (عائلة روريك وأولاده وأحفاده هم من حكموا روسيا لمدة ٧٠٠ عام)، واشتهرت أولجا بكونها أميرة حكيمة، وكذلك الدوقة الكبرى إيلينا جلينسكايا (الوصي مع إبنها الصغير إيفان الرهيب)، والأميرة صوفيا الأخت الكبرى لبطرس الأكبر وإيفان الخامس.

 

كاترينا الأولى (1725-1727):

زوجة الإمبراطور بطرس الأول تم تنصيبها على العرش في فبراير 1726، وخلال عهدها تم إنشاء "مجلس الملكة الأعلى" كهيئة استشارية، والذي ضم بعض الأمراء المقربين، لكنه في الواقع حكم البلاد وقرر أهم قضايا الدولة، وخلال فترة حكمها تم افتتاح الأكاديمية الإمبراطورية للعلوم، وتم إنشاء وسام القديس ألكسندر نيفسكي، وتم إبرام تحالف مع النمسا، وفي عام 1727 توفيت الإمبراطورة كاترينا الأولى، ودُفنت في قبر الأباطرة الروس في كاتدرائية بطرس وبولس في سانت بطرسبرغ.

 

آنا يوانوفنا (1730-1740) :

آنا يوانوفنا ابنة أخت بطرس الأكبر، وبالرغم من أن انتشار المحسوبية في عهدها وشغفها بالفعاليات الترفيهية، إلا أنها تمكنت من القيام بالكثير من الأشياء المفيدة لروسيا، أهمها كان إصلاح مجلس الشيوخ، وإعادة بناء السفن، وأعيد فتح الميناء المغلق في أرخانجيلسك وترميمه، وفى عهدها سيطرت روسيا على قلعة خوتين التركية، واستلمت قلعة آزوف، وتوفيت آنا يوانوفنا سنة 1740 بسبب مرض الكلية، ودفنت في في سانت بطرسبرغ.

 

إليزافيتا بيتروفنا (1741-1762):

إليزافيتا بتروفنا الابنة المحبوبة للإمبراطور بطرس الأكبر، استمر حكمها 20 عامًا، خلالها حدث انتعاش كبير في العلاقات التجارية بين روسيا وأوربا، وظهرت أول جامعة روسية (جامعة موسكو الحكومية عام 1755 باسم العالم لومونوسوف(، وكذلك تم افتتاح أكاديمية الفنون عام 1760، والمسرح الإمبراطوري الأول، والبنك الأول في الإمبراطورية الروسية، وتميز عهدها بشكل عام  بالاستقرار والتركيز على تطوير ونمو الدولة، وتوفيت سنة 1762.

 

كاترينا الثانية: (1796-1762) 

استمر حكم كاترينا الثانية نحو 34 عاما، وهى زوجة بطرس الثالث ابن أخت الإمبراطورة إليزافيتا بيتروفنا، والذي أسقطته كاترينا من العرش بعد ست شهور فقط من توليه السلطة، وتحديداً بعد وفاة خالته إليزافيتا بيتروفنا، وكان عهد كاترينا الثانية مليئًا بالعديد من الأحداث الداخلية والخارجية، وبالرغم من كونها أميرة نمساوية إلا أنها عشقت روسيا، وكان مثلها الأعلى هو الإمبرطور بطرس الأكبر، وتوصف فترة حكمها تاريخياً على أنها العصر الذهبي للإمبراطورية الروسية.

وعلى سبيل المثال هزمت كاترينا الثانية وباء الجدري في روسيا، وكان مرضًا قاتلًا انتشر بشكل كبير فى أوروبا، ففى عام 1730 قامت بتلقى لقاح جديد ضد الجدرى علناً على يد طبيب إنجليزى، وكان ذلك يمكن أن يكلفها حياتها لكنها نجت وأصبحت قدوة للجميع فى روسيا، وفى عهدها تم طباعة النقود الورقية لأول مرة في سانت بطرسبرغ وموسكو، وقامت بإنشاء الكثير من المدارس، وأصبح التعليم شائعًا أكثر من أي وقت مضى، وتم أيضاً افتتاح العديد من الجامعات، ووطدت كاترينا الثانية وضع روسيا على البحر الأسود، وضمت جزر القرم بعد معارك ضارية مع الدولة العثمانية، وأنشأت أول مؤسسة تعليمية للنساء في أوروبا (معهد سمولني للعذارى النبلاء)، وكذلك متحف إرمياج، والذي بدأ بمجموعة الإمبراطورة الفنية الخاصة، وأيضاً مسرح البولشوى في موسكو، وكذلك حدث تطوير فى الزراعة، وبعد وفاتها انتهى عصر حكم المرأة في روسيا.