عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

حكاية معاهدة "البقط" بين العرب وأهل النوبة

انقسمت أراضي بلاد النوبة الواقعة بين أراضي مصر الجنوبية، وأراضي السودان الشمالية إلى عدة ممالك قديمة منذ ما قبل الإسلام، وكانت تحمل أسماء: مملكة نوباديا، ومملكة المقرة، ومملكة علوة، وكان المسلمون قد عقدوا صلحًا قديمًا مع سكان بلاد النوبة القديمة، وهو المعروف بصلح البقط في سنة 31 هجرية الذي يرجع إلى بدايات الدعوة الإسلامية، وتحديدًا خلال خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه. 



ويُعتقد أنه لما فتح الصحابي عبد الله بن سعد بن أبي السرح، والي مصر آنذاك، بلاد النوبة، عُقدت معاهدة البَقط بين العرب والنوبيين، والتي ساهمت في انتشار السلام والهدوء جنوب مصر، ومن ثم انتشار الإسلام في هذه البلاد بمرور الوقت. 

 

 

وعن معاهدة البقط وتوقيع الصلح بين العرب والنوبيين، يقول المؤرخ ابن جرير الطبري (وهو المتوفى سنة 311هـ): "إن المسلمين لما فتحوا مصر، غزوا نوبة مصر، فقفل المسلمون بالجراحات، وذهاب الحدق من جودة الرمي، فسموا رماة الحدق، فلما ولي عبد الله بن سعد، صالحهم على هدية عدة رؤوس منهم، يؤدونهم إلى المسلمين في كل سنة، ويهدي إليهم المسلمون في كل سنة طعاما مسمي وكسوة من نحو ذلك.. وأمضى ذلك الصلح عثمان، ومن بعده من الولاة والأمراء، وأقره عمر بن العزيز نظرا منه للمسلمين..". 

 

 

ويعتقد أن صاحب رواية البقط يزيد بن أبي حبيب (53-128هـ/673-747م) كان قد أخذها عن أبيه سويد الذي حارب في تلك المعركة وأسر فيها، وبعد توقيع معاهدة البقط ذاع الإسلام بين شعوب النوبة وسكان بلاد البجاة الواقعة شرق مصر والسودان بعد ذلك، حيث سهلت تلك المعاهدة قدوم الجماعات والبطون العربية إلى هذه البلاد، وما جاورها، وإن لم يتخل الكثير منهم عن عاداتهم الوثنية كافة.

 

  وعلى هذا يقول بعض المؤرخين القدامى في روايتهم عن عقائد شعب البجاة بعد توقيع هذه المعاهدة: "وأسلم أكثر البجة إسلام تكليفٍ، وضبطوا بعض شرائط الإسلام، وظاهروا بالشهادتين، ودانوا ببعض الفرائض..". 

 

 

وكان من شعب البجاة من يدينُ بالعقائد الوثنية والأرواحية، على عادة أغلب القبائل الإفريقية قبل الإسلام، وكذلك كان منهم من يدين بالنصرانية (المسيحية)، بينما مال كثيرٌ منهم إلى الإسلام بعد ذلك، لا سيما مع قدوم المهاجرين العرب إلى بلادهم، حتى ذاع الإسلام بينهم، وعلى هذا يذكر المؤرخ المغربي ابنُ سعيد أنهم مسلمون، ونصارى، وأصحاب أوثان. 

 

 

ويبدو أن اعتناق بعض السكان في هذه البلاد للمسيحية منذ القدم كان بتأثيرٍ روحي قادم فيما يبدو من المسيحيين القاطنين في بلاد الحبشة، بفضل وجود ممالك النوبة المسيحية لا سيما كل من مملكتي المقرة وعلوة. 

 

أستاذ جامعي وباحث في التاريخ الإفريقي

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز