عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

د.علي الموسوى يكتب: الورود أقوى من السلاح

د. علي موسى الموسوي
د. علي موسى الموسوي

تبعثر الحرب أوراق الإنسانية، تعبث بكل ما يحفظ كرامتها ويعلي من قيمتها، لتؤكد سيادة منطق القوة المفرطة، وكأن الأصل فينا شر وتعطش لدماء الأبرياء. 



 

في الحرب تفكك الإنسانية ذاتها، تتشظى بين الانتصار والهزيمة، بين الموت والحياة، ليكتسب السلم شرعيته من ارتفاع عدد الموتى وألم الهزيمة. 

 

الحرب صناعة إنسانية، فيها كل ما لا يقبل التفكير، وتعكس جدلية العبد والسيد، لكن العبد هنا يجب أن يموت ليخوض السيد حروبا أخرى، ويوثق انتصاراته التي ستصبح جزءاً من هويته. 

 

الحرب مؤامرة ضد الحياة، مؤامرة تقوم على تدمير الذات لذاتها، باختيارها الموت عوضاً عن الحياة، والحرب عوضاً عن السلم. 

 

فهل يليق بنا أن نوثق الحرب، أن نؤرخ لها ذاكرة وعتاداً؟

 

أليست مفارقة محرجة أن نحتفل بالنصر ونحيي في الآن ذاته ذكريات المجازر المرعبة؟

 

وهل على السلم أن يبرر وجوده؟

 

إنها أسئلة تحتاج إلى عدة إجابات قادرة على جعل السلم ممكناً، وعلى منح الورود القدرة على مواجهة فوهات المدافع، وشراهة الحروب التي تتجاوز حدود الإنسانية، وتخرج أسوأ ما في الإنسان، وعلى منحها أملا في غدٍ آمن سالم لا تضطر فيه لمنافسة رائحة الموت، ولئن عجزت الإجابات عن تحرير الإنسان من خنادق الأيديولوجيات، فإنها ما زالت قادرة على مجابهة ضمير العالم لأجل الاعتراف بالإخاء بين البشر، عوضاً عن الاصطفاف إلى جانب الشر المطلق، حيث فقدت الأشياء حيادها لتمنح الحرب شرعيتها، وتغدو أكثر عنفاً وأكثر فتكاً. 

 

لقد نجحت الحرب في جعل العالم يرفع شعار الأهواء ليبرر أسبابها، لأنها حرب جديدة تستهدف تشويه هوية الإنسانية لترتبط بالاقتصاد عوضاً عن الأخلاق، وبوهم الانتصار عوضاً عن دواعي الاستقرار. 

 

فأي استلاب هذا الذي جعل الإنسان يتعايش مع دمار الحروب، وينظر للسلم على أنه مؤامرة؟

 

إنه حلم ساذج أن نعتقد أن الورود بإمكانها إسكات صوت الحرب وايقاف نزيف الموت، لكن الواقع أنها قادرة على بعث الأمل في إنسانية متسامحة، قادرة على الصفح الجميل، عوضاً عن الإغراق في الدموية، والصراعات القاتلة. إن الورود تحمل مبدأ الحياة وأسباب الفرح وقوة الوجود الجميل.

 

إن الورود تذكرنا بحق الإنسان في العيش الكريم، وبأن صون الكرامة الإنسانية واجب، والمس بقدسيتها خيانة لمبدأ الوجود، لهذا لا شيء يبرر الاحتفال بالنصر متى كان على جثت العزل والأطفال والشيوخ والنساء. 

 

 ولا شيء يبرر هذا الفصام الدولي المترنح بين الإبداع في أدوات وأسباب الحروب، وبين الدعوات إلى سلم ملغوم، ومحاولات لاغتيال القيم الإنسانية النبيلة. 

 

لهذا، فإن الورود وإن لم توقف جنون الحرب، فإنها ستظل غصة في حلق لامبالاة الإنسانية.  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز