عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

أحمد فايز يكتب: يوم الوحدة الوطنية للشعب الروسي

أحمد فايز
أحمد فايز

رغم كل ظروف الدهر ورغم اتساعها وغناها، لم تستعمر روسيا لا من قبل روما ولا ممن جاء بعدها، وكل من دخل الأراضى الروسية غازياً، سُحق إلى الأبد.



147  مليون نسمة ينتمون إلى عرقيات كثيرة، حوالى 160 عرقاً، ويتحدثون أكثر من 100 لغة مختلفة، ويبلغ نسبة العرق الروسي حوالى 79% من تعداد السكان، وتعتبر المسيحية الأرثوذكسية هي الدين الرسمي لغالبية الشعب الروسي، هذا بالإضافة إلى المسلمين وباقى المذاهب الدينية واللادينة.

 

 

وبالرغم من هذا الاختلاف إلا أن التلاحم والتآخى، من أهم عادات وتقاليد الشعب الروسي، فالجميع يعيشون فى ترابط، وتسود بينهم العلاقات القوية، ويحرصون على توريث هذه العادات من جيل لآخر.

ومن أجل الاستمرار والمحافظة على وحدة الشعب الروسي، تقرر منذ عام 2005 أن يكون يوم الرابع من نوفمبر إجازة رسمية، لإحياء يوم الوحدة الشعبية والاحتفال به، ورمزاً لاتحاد القوى الشعبية والوطنية.

 

 

 

في الحقبة السوفيتية، لم يكن الرابع من نوفمبر  يوم عطلة للاحتفال، ولكن السابع من نوفمبر وهو يوم ثورة أكتوبر 1917، ويعرف الرابع من نوفمبر بأنه "يوم التحرر من الاحتلال البولندي"، حيث عرفت تلك الفترة بالفترة المظلمة في التاريخ الروسي، والتي بدأت من عام 1598 وحتى عام 1612، وشهدت الفواجع والاجتياح البولندي – السويدي، وأزمات عميقة جداً، سياسية واقتصادية واجتماعية.

بدأت القصة في عام 1598 بعد وفاة القيصر إيفان الرابع "الرهيب"، وتولى ابنه فيودور الحكم، وكان حاكماً مريضاً وتوفي دون أن يكون لديه وريث للعرش، وبوفاته انتهت فترة حكم سلالة "ريوريك" التي حكمت روسيا على مدى 700 عام، واستلم السلطة "بوريس جودونوف"، شقيق زوجة القيصر إيفان الرابع، ومع ذلك كانت حقوقه في السلطة العليا بالنسبة للنبلاء غير شرعية، فبدأت أزمة سياسية تسمى زمن الاضطرابات، وقد اتهم كثيرون القيصر "بوريس" بأنه من خطط لقتل”دميتري” الابن الأصغر "لإيفان الرهيب"، وبدأ صراع ونزاع على الحكم واشتعلت حرباً أهلية، فاستغل البولنديون الأمر وأعلنوا الحرب على روسيا، بحجة إعادة السلطة إلى صاحبها الشرعي.

 

 

 

وتخلل هذه الفترة تغير رأس السلطة باستمرار، وانتفاضات شعبية، وظهور محتالين، إضافة إلى الغزو البولندي والسويدي، ما أدى إلى توجيه ضربة شديدة إلى الاقتصاد، وتقلص عدد السكان كثيراً، فلم يكن هناك قيصر ولا بطريرك لتوجيههم، وهنا ظهر الأمير"دميتري بوجارسكي" والتاجر"كوزما مينين" حيث استطاع الاثنين معاً أن يجمعوا الشعب تحت راية واحدة، وقيادة واحدة، وهدف واحد، وهو طرد المحتلين الأجانب "البولنديين" من موسكو العاصمة.

ومع طرد البولنديين من الكرملين انتهت الفترة الطويلة من الاضطرابات في روسيا، وبعد بضعة أشهر من تحرير موسكو، انتخب مجلس زيمسكى الذي ضم ممثلين عن جميع ضواحي البلاد: النبلاء والبويار ورجال الدين والقوزاق والرماة والفلاحون والمندوبون من المدن الروسية، قيصرًا جديدًا  ممثلًا عن سلالة رومانوف، وهو ميخائيل فيدوروفيتش، أول قيصر من عائلة “رومانوف” التي حكمت روسيا لمدة 300 عام 1613-1917.

 

 

 

وبرغم مرور السنين وتغير الأحداث والأشخاص، إلا أن النصب التذكارى للبطلين، ظل رمزا لاتحاد القوى الشعبية والوطنية، وظلت ذكرى هذا العام حية عزيزة في أذهان الروس، لدرجة أنه وبعد مرور قرنين من الزمان وبمناسبة الانتصار على جيش "نابليون بونابرت"، وبموجب مرسوم ملكى في عام 1818 صادر عن الإمبراطور ألكسندر الأول، أقيم نصب تذكاري لـ "المواطن مينين والأمير بوزارسكي" من قبل النحات إيفان مارتوس، ووضع في الميدان الأحمر  أول نصب تذكاري في تاريخ روسيا، ليس لقيصر أو قائد ولكن لبطليين قوميين، ضربا أروع مثل فى إنكار الذات، وأظهرت المقاومة الشعبية أروع  مثالاً على البطولة، وتضامن كل أفراد الشعب بغض النظر عن أصلهم ودينهم ومكانتهم في المجتمع، ويعد النصب التذكاري لمينين وبوزارسكي رمزًا  لبطولة الشعب الروسي بأكمله، الذي احتشد في النضال ضد الغزاة.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز