عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

صالون بوابة روز اليوسف يستضيف صناع وأبطال المسلسل

"حتة من القمر" رسالة أمل لضحايا "التنمر"

صالون بوابة روز اليوسف يستضيف صناع وأبطال المسلسل
صالون بوابة روز اليوسف يستضيف صناع وأبطال المسلسل

اضطلعت "بوابة روز اليوسف" بمهمتها كأحد أهم حصون الفكر والإبداع والتحليل، برصد الظواهر السلبية، التي طرأت على مجتمعنا، وهددت دعائم استقراره، ومثلت خروجًا على قيمه وعاداته ومبادئه الراسخة، والتي توارثها أبناؤه، جيلًا بعد جيل. ولعل من أبرز هذه الأنماط السلوكية التي تهدد ترابط نسيج المجتمع الواحد، ظاهرة "التنمر"، التي تحمل بين طياتها تمييزًا عنصريًا على أساس الشكل أو اللون أو العرق أو الجنس، وهي القضية التي لم تنل حظها الكافي من الاهتمام.



 

وعلى الصعيد الفني لم يتبن صُناع الدراما والسينما هذه القضية بشكل إيجابي، وكان حضورها واهنًا في بعض الأعمال، التي عرضت قضية التنمر عبر إطارها الخارجي، دون الاهتمام بمآلات هذا الفعل المُشين، وتأثيره السلبي المُدمر على التركيبة النفسية للضحية، الذي قد يتعدى فقدان الثقة بالنفس، وقد يصل في كثير من الأحيان إلى الانتحار.

 

وجاءت أحداث حكاية "حتة من القمر"، لتعبر عن  اهتمام ملحوظ لُصناع الدراما، بقضايا مجتمعية، حيث ناقش العمل  القضية التي لطالما حذّرت وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة من مغبة التهاون حيالها، وقد تبنى الرئيس عبد الفتاح السيسي، نهجًا مُغايرًا تجاه قضية التنمر، باتخاذ خطوات تشريعية جادة لسد الثغرات القانونية، التي كانت حتى وقت قريب ملاذًا آمنًا للمتهمين بهذا الجرم، ليتم تغليظ عقوبة "التنمر" إلى الغرامة والسجن أو الاثنين معًا، خاصة إذا ما مورست تجاه ذوي الإعاقة.

 

من هذا المنطلق دعت "بوابة روز اليوسف" صُناع "حتة من القمر"، لمناقشة  المعالجة الدرامية للقضايا المجتمعية، ورؤيتهم التي تناولها العمل، وكيف يمكن للدراما والسينما أن تكون عنصرًا فاعلًا بتبنيها للقضايا المعاشة، من خلال أعمال هادفة لا تضع الربح وحده نُصب عينيها، بل تنظر في الوقت ذاته إلى الرسالة والمضمون.

 

وفي بداية الندوة، شدد الكاتب الصحفي أيمن عبدالمجيد، رئيس تحرير "بوابة روز اليوسف" و"الكتاب الذهبي"، على أن صالون بوابة روزاليوسف، يحمل على عاتقه المشاركة في بناء حصون الوعي، تلك القضية بالغة الأهمية في بناء عقول نقدية، تواجه الانحرافات الفكرية والسلوكية.

 

وأضاف عبدالمجيد، من هنا يأتي الاهتمام الدرامي بقضية "التنمر"، كنموذج للدراما الهادفة صاحبة الرسالة، التي تواجه سلوكيات سلبية وتسلط الضوء، على جوانب القضية عبر الغوص في أعماق النفس البشرية، بأسلوب درامي ممتع، وهادف.

 

ورحب رئيس تحرير "بوابة روزاليوسف"، بصناع العمل وأبطاله، مؤكدًا أن السينما والدراما قوى ناعمة يفوق تأثير العمل الهادف منها، تأثير عشرات المقالات، لدخولها غرف نوم المشاهدين، وإظهار المجتمع أمام ذاته من خلال معايشة المشاهد لأحداث العمل.

 
 
لقاء الخميسي في دور قمر
لقاء الخميسي في دور قمر

 

 وأثنى عبدالمجيد، على مسلسل "حتة من القمر"، لجرأته وشجاعته في تناول قضية "التنمر"، وجرأة المنتجة مها سالم، وإبداع السيناريست ميرنا الفقي، في الغوص في أعماق النفس البشرية بتناقضاتها، حتى من أقرب المقربين للحالة والتي جسدتها عمتها، وأثر الانهزام النفسي للوالدة الناتج عن تعرض سابق لتنمر من نوع آخر، مشيدًا بالأداء المتميز لفريق العمل الذي قدم مواهب شابة أثبتت تميزها، بأداء رشيق وراقٍ، أثمر عملًا يُلقي الضوء على مشكلات مجتمعية برؤية إصلاحية دون تهويل أو مُتاجرة.

 

المنتجة مها سليم: أنا معنية بتقديم أعمال تنال إعجاب الجمهور وأيضًا تحقيق هامش ربح معقولالفنان محمد العمروسي: المسلسل كان مغامرة كبيرة بالنسبة لي وردود أفعال الجمهور طمأنتني جدًا

 

 
 
مها سليم
مها سليم

 

فيما افتتح جلسة النقاش بسؤال وجهه إلى المنتجة مها سليم:

كثيرًا ما يبحث الإنتاج عن الربحية على حساب المضمون والرسالة، رغم أن الفترة الأخيرة شهدت إنتاج أعمال ناجحة تحقق الهدفين معًا مثل الاختيار والقاهرة كابول، والنموذج الذي قدمتموه في "حتة من القمر"..

 أيهما كان أسبق لديكِ خلال التفكير في هذا العمل، وهل النماذج الدرامية الهادفة الناجحة في السنوات الأخيرة ستحقق تحولًا في فكر الإنتاج لتحتل الرسالة اهتمامًا أكبر؟

 

بدأت رحلتي بالتصدي لإنتاج الأعمال الدرامية قبل 14 عامًا مضت، التي بدأتها بمسلسل "امرأة في ورطة" للفنانة إلهام شاهين، والذي حقق نجاحًا جماهيريًا مُرضيًا وقت عرضه، ليتكرر التعاون بيننا مرة أخرى في مسلسل "نعم مازلت آنسة"، والذي كان يتناول مشكلة التأخر في الزواج.

 

كنت من أوائل المُنتجين الذين اتجهوا لتجربة الدراما القصيرة، ولكن تغير متطلبات السوق دفعني صوب تقديم الأعمال الطويلة ذات الـ30 و45 حلقة.

 

نعم رأس المال "جبان" بطبعه، ما يستدعي انتقاء الأعمال التي سأتصدى لإنتاجها، فأنا لن أُغامر بالخسارة، وعندما عُرض عليّ فكرة مشروع يتحدث عن "قضايا المرأة"، تحمست للفكرة بشكل كبير، كوني أنتمي لهذا العالم، وأشعر بكل تفاصيله التي تعُج بالكثير من الملفات الشائكة، وأثبتت التجربة أن الرسالة لا تتناقض مع الربح طالما العمل ممتع وجيد.

 

رئيس التحرير: هل كان تحقيق الربح هو المحرك الأول والأقوى بالنسبة لكِ كمنتجة أم أن حداثة الفكرة ووجاهتها هي الأهم؟

بالنسبة لي كمنتجة، أنا معنية بالبحث عن الأمرين معًا، ولهذا كان التحدي الأبرز الذي واجهني، هو أن أطرح أفكارًا جيدة تنال إعجاب الجمهور، وفي الوقت عينه تحقق هامش ربح مقبولًا.

 

وهو الرهان الذي بدأناه بالموسم الأول من مسلسل "زي القمر"، والذي شمل ثلاث حكايات للنجمات إلهام شاهين، ليلى علوي، جومانا مراد، والتي تم عرضها قبل الموسم الرمضاني الماضي 2021، ولكن ورغم ثقل الأسماء التي تصدت للعمل، فإن الموسم الأول لم ينل حظه من النجاح بسبب توقيت العرض.

 

وهنا فأنا أعترف بأنني مدينة بالفضل في نجاح هذه السلسلة للنجمة القديرة إلهام شاهين، التي تحمست لقبول دور البطولة في عمل درامي من 5 حلقات، علاوة على عرضه خارج سباق الموسم الرمضاني، وهي مجازفة ومغامرة تُحسب لها بكل تأكيد، كونها قبلت أن تضيف نجوميتها للفكرة، وهو أمر في غاية الصعوبة، ولولاها لم يُكتب لمسلسل "زي القمر" النجاح الذي أقر به الجمهور والنقاد.

 

رئيس التحرير: ما هي الرسالة التي عمدتِ كمنتجة إلى تقديمها لجمهور اعتاد على لون معين من الدراما؟

قدمنا في أولى حكايات مسلسل "زي القمر"، التي تدور أحداثها حول مرض "سرطان الثدي" و"الخيانة الإلكترونية"، عبر حكاية "حتة مني" للنجمة إلهام شاهين، ما مثّل جرعة درامية مكثفة قد تكون بدايتها مُحبطة وحزينة، بيد أن النهاية دومًا كانت تترك الباب على مصراعيه مفتوحًا للأمل في بداية جديدة، وهو النهج الذي اخترناه، والرسالة التي عمدنا لتوجيهها إلى الجمهور، بأن المشاكل التي يُعانيها على أرض الواقع ليست نهاية المطاف، فالقادم دومًا أفضل شريطة أن نتمسك بتلابيب الأمل. 

 

"بوابة روز اليوسف": هل انخفض سقف طموحاتك كمنتجة بعد الجزء الأول؟ وكيف تجددت لديك الدوافع لإنتاج الموسم التالي؟

بالعكس، فالمغامرة منذ البداية كانت تمثل تحديًا خاصًا لديّ كمنتجة ولباقي عناصر العمل، فالكل يريد أن يترك بصمته الخاصة، وبالفعل حقق الموسم الثاني نجاحًا أكبر من توقعاتنا، وبشكل فاق الجزء الأول، ما زاد من تصميمي على تسليط الضوء على مشاكل المرأة، بالتوازي مع الالتزام بذات النهج الذي يرمي لتقديم فكر مُختلف وجديد عن قضاياها.

 

"بوابة روز اليوسف": بعد نجاح الموسم الثاني هل تغيرت قناعاتك كمنتجة حيال أبطال حكاياتك؟

لا أنكر أن نجاح الموسم الثاني منحني مزيدًا من الجرأة، تجاه إتاحة الفرصة لجيل الشباب، وأستطيع الجزم بأنه كان سببًا لعدم الاهتمام بتواجد نجوم من العيار الثقيل، مع كامل احترامي لهم جميعًا، لأن النجم هنا أصبح هو العمل ذاته، الذي نجح في أن يكون "براند" له شخصيته الخاصة، ما يدفع أبطاله أيًا كان اسمهم أو جماهيريتهم لبذل أقصى جهد لإيصال رسالته.

 

"بوابة روز اليوسف": كيف تعاملت مع معضلة إيصال الفكرة وتحقيق الربح؟ وهي الإشكالية الأكبر التي تواجه جهات الإنتاج؟

مُسلسل "زي القمر" ليس فيه الربح المادي الكبير، خاصة أن الربح يختلف من حكاية لأخرى، بسبب عوامل كثيرة ليست مجالًا للحديث هنا، ولكن في النهاية أستطيع القول إنني حققت ربحًا معقولًا كمنتجة، وعلى صعيد الفكرة نجحت في تقديم رسالة هادفة أعتز بها، ولا تقل في أهميتها ووجاهتها عن مسلسلات وأعمال درامية لها ثقلها، وستظل نقطة مضيئة في سيرتي الذاتية، فيما لا تزال الإشكالية الأكبر أمامي هي مدى قدرتي على تحقيق المزيد من النجاح، والتفوق على نفسي في كل مشروع جديد أتصدى لإنتاجه.

 

السيناريست ميرنا الفقي: ركزت على النفس البشرية وتحولاتها وكيف تُسهم التربية السوية في احتواء وتجاوز أذى "التنمر" خارج المنزل

 

السيناريست ميرنا الفقي
السيناريست ميرنا الفقي

 

رئيس التحرير: السؤال للسيناريست ميرنا الفقي.. بداية حدثينا عن فلسفة اختيارك لقضية "التنمر" تحديدًا؟ والهدف من تناولها دراميًا عبر نموذج وحمة بالوجه لشخصية قمر؟

 

كان الهدف بالنسبة لي كسيناريست، واضحًا ومحددًا منذ البداية، فحكاية "حتة من القمر" عبرت فيها عن الألم والدمار النفسي الذي يسببه التنمر لأي إنسان، وعمدت على إلقاء الضوء على تلك القضية التي لم تأخذ قدرها الكافي من الاهتمام لدى صُناع الدراما والسينما على حد سواء، فمن منا لم يكن ضحية لهذا السلوك الذميم ولو من باب المزاح، وأختصكم هنا باعتراف بأن تلك الحكاية تمثل تجسيدًا حياتيًا لما مررت به شخصيًا في وقت ما من حياتي.

 

بدأت خيوط شخصية "قمر"، التي تدور حولها الأحداث عندما شاهدت طفلة جميلة جدًا، إلا أن وجهها كان به "وحمة" كبيرة، غطت على الكثير من ملامحها الرقيقة، وبرغم اختلافها إلا أن ابتسامتها كانت قادرة على انتزاع إعجابي بها بسبب ثقتها بنفسها، والتي قد لا تتوافر بنفس القدر والقوة لدى غيرها من الأشخاص الذين نعتبرهم "كاملين" من حيث الصفات الشكلية والجسمانية، عندها بدأت التفكير في تناول الموضوع برؤية مُختلفة.

 

وبالنسبة لفلسفتي الخاصة في طرح قضية "التنمر"، فكانت هي تسليط الضوء على الإيذاء النفسي، الذي يتعرض له الأطفال، والذي يظل حبيسًا داخل أعماقهم دون أن يلتفت له أحد، وهنا تكمن المُعضلة الأكبر، والتي قد تؤدي لتحول شخصيته بالكامل من النقيض للنقيض.

 

"بوابة روز اليوسف": شهدت شخصية البطلة تحولًا، كيف يمكن للتنمر أن يؤدي لتغيرات في  شخصية الإنسان؟

"التنمر" يُعتبر هو الشرارة الأولى ونقطة التحول الرئيسية في حياة الضحية، بسبب إحساسه بالعجز والنقص والحط من قدره من قِبل أشخاص ليس لديهم وازع من دين أو أخلاق، ما يجعله في بعض الأحيان يخلق استراتيجياته الدفاعية الخاصة، والتي قد تكون منحرفة أو متطرفة، ولهذا كان تركيزي الأكبر في حكاية "حتة من القمر" على "النفس البشرية"، وتحولاتها وكيف تُسهم التربية السوية في احتواء وتجاوز الأذى النفسي الذي قد تتعرض له الضحية خارج حدود المنزل.

 

النفس أمارة دومًا بالسوء وولدنا ولدينا جميعًا ذات الصراع الدائر على أشُده بين الخير والشر، وفي النهاية وكما يقول المثل الدارج "الطبع يغلب التطبع"، أي أن التربية والطبيعة الأساسية للشخص هي التي ستغلب على تصرفاته بالأخير، وفي حكايتنا انتصرت "قمر"؛ لأن طبعها الطيب هو الذي غلب، ولا ننسى "الحُب" كقيمة سامية تُحدث الفارق، وهنا كانت شخصية "سيف" لها دور محوري في استعادة بطلة القصة لطبيعتها الخيرة والمسالمة، بعد فترة من الشطط الفكري والسلوكي التي أصابتها، جراء ما تعرضت له من اضطهاد وتنمر. 

 

"بوابة روز اليوسف": "القُبح" رسالة العمل كانت أن الناس تحبك عندما تحب شكلك بما خلقك الله عليه، هل القبح والجمال يكمن في نفوسنا أكثر من كونه في رؤية الآخر لنا؟

بالطبع وهذا ما قصدته تحديدًا في واحد من أكثر المشاهد العزيزة على قلبي، وهو الذي قام فيه "سيف" بعمل معرض للصور التي التقطها لحبيبته "قمر"، وهنا لا أنسى الإشادة بأداء الفنان محمد العمروسي، الذي أضفى بأدائه المزيد من المصداقية على قصة الحب "غير النمطية"، التي جاءت ضمن أحداث حكاية "حتة من القمر"، ما ساعد على وصولها لقلب المشاهدين.

 

وزاد بهاء الصورة الكاملة للعمل الذي تناول قضية التنمر في إطار رومانسي، بلمسات محمد عبدالرحمن حماقي المخرج الواعي، صاحب الحس الفني المُتميز والراقي، ما أسهم بخروج المسلسل بأفضل مما كنت أتوقع.

 

"بوابة روز اليوسف": ما سر تعمدك اختيار "الوحمة" بالوجه وهل لشخصية  المطرب الراحل حسن الأسمر الذي أشار إليه المسلسل علاقة بفكرة شخصية قمر؟

نعم تعمدت الإشارة إليه أكثر من مرة في سياق الأحداث، سواء عن طريق ذكر اسمه صراحة، أو بالتلميح عبر بث مقاطع من أشهر أغنياته، وهو الأمر الذي يحمل عدة دلالات أولاها التعبير عن مدى حبي واعتزازي بهذا الفنان المصري المعجون بطمي النيل، ورائحة أحيائنا الشعبية، فأنا واحدة من أشد مُعجبينه. 

 

أما عن المغزى الدرامي، فوجه الفنان حسن الأسمر كان هو أول ما تبادر إلى ذهني، عند رؤيتي للفتاة الصغيرة صاحبة "الوحمة". فالاختلاف قد يكون في بعض الأحيان سببًا للنجاح، وهو السر الذي كشفته تصريحات المطرب الراحل حسن الأسمر، التي دللت على أن الوحمة كانت تميمة حظه، حيث جاءت محاولاته لإخفائها بعد الشهرة بنتائج عكسية، ليتأكد أنها هبة من الله، لتُصبح فيما بعد سببًا في شهرته بين أقرانه ونظرائه من المطربين الشعبيين، الذين كانوا متواجدين على الساحة وقت ظهوره، فهو كان معروفًا باسم "أبو وحمة" والناس أحبّته بهذا الشكل، فالله يخلقنا جميعًا في أحسن صورة، فيما تكون اختلافاتنا سواء على صعيد الشكل أو اللون أو أيًا ما كان لعلة إلهية.

 

وعندما تناولت موضوع "الوحمة"، من خلال بطلة العمل، وما ترتب عليها من تنمر، فأنا لم أقصد هنا "الوحمة" في حد ذاتها، بقدر ما كان يعنيني مغزى الطرح، وهو التعبير عما يتعرض له الأشخاص المختلفون عنا في الشكل أو تركيبة الجسم أو العرق أو الدين، والتي غالبًا ما تٌقابل باستهجان وسخرية واستهزاء من قِبل بعض "المارقين"، الذين يحاسبون الشخص على ما لا دخل له فيه.

 

المخرج محمد عبدالرحمن حماقي: عندما وصلني السيناريو وجدت أن فرص نجاحه ستكون كبيرة لأن فكرته مختلفة عن السائد وغير مستهلكة

 

المخرج محمد عبد الرحمن حماقي
المخرج محمد عبد الرحمن حماقي

 

رئيس التحرير: المخرج محمد عبدالرحمن حماقي.. ما الذي دفعك للموافقة على تقديم هذا العمل الذي يناقش للمرة الأولى دراميًا وبشكل صريح قضية "التنمر"؟

 

حينما وصلني سيناريو العمل، وجدت أن فرصة نجاحه ستكون كبيرة، نظرًا لأن فكرة العمل كانت مختلفة عن السائد، وغير مستهلكة على الإطلاق، فيما كان لُب القصة يقدم طرحًا عصريًا لقضية "التنمر"، وهي القضية التي تتيح لمخرج العمل التعبير عن قدراته برؤية درامية جديدة ومختلفة.

 

"روز اليوسف": ما هي الرسالة التي كنت تقصد إرسالها لجمهور ومشاهدي حكاية "حتة من القمر" كمخرج؟

كان هدفي الأساسي والنقطة الفاصلة في تحمسي للعمل منذ البداية هو توصيل رسالة مهمة جدًا للجمهور، وهي أن الإنسان لا يوجد لديه ما يُعيبه سوى أخلاقه، أما ما دون ذلك من صفات على صعيد الشكل أو اللون أو غيرها من مقاييس التمييز بين البشر، فهي لا تعنينا من الأساس لأنها ليست من صُنعنا، وإنما هي "هبة من الخالق" إذا أحسنا التعامل معها. 

 

وأذكر هنا أنني أحببت شخصية "قمر"، حتى إنني وفريق العمل تعودنا على شكل "لقاء الخميسي" بطلة الحكاية بـ"الوحمة"، وهو الأمر الذي انعكس على مصداقية القصة، لتصل لقلوب المُشاهدين، الذين تعاطفوا معها، وشجبوا واستنكروا كل الظلم الواقع عليها، والتنمر الذي مورس ضدها، ليخرجوا بنتيجة واحدة، هي رسالة العمل بأكمله، ما أعطى لهم الدافع لحب ذواتهم، وبرهن على أهمية تقبل الآخر مهما كان "مُختلفًا". 

 

محمد العمروسي: يجب أن نضع نصب أعيننا فكرة أننا سنحاسب على أعمالنا الدرامية فالرسالة والمضمون أولًا  

محمد العمروسي
محمد العمروسي

 

رئيس التحرير: الفنان محمد العمروسي.. قدمت دور الداعم والمُحب لـ"قمر" تلك الفتاة التي مورس ضدها كل أشكال التمييز والتنمر.. كيف كانت رؤيتك لهذا الدور الذي يُعد جديدًا عليك، وهل تتطلب إعدادًا نفسيًا لتظهر المشاعر بما ظهرت عليه؟ 

 

لا أنكر أنه كان لديّ تخوف كبير من قبول الترشيح لهذا الدور، بسبب ظهوري بشخصيتين مُختلفتين في نفس التوقيت، وهي مغامرة كبيرة قد لا تؤتي ثمارها، حيث أظهر بدور شاب صعيدي ضمن أحداث مسلسل "إجازة مفتوحة"، وهي تختلف كل الاختلاف عن "سيف" الفنان الرومانسي الراقي الذي يظهر في "حتة من القمر".

 

لكن ما شجعني هو أن دور "سيف" أنصف الرجال، الذين ظلمتهم الدراما وحبستهم في دائرة ونطاق ضيق، لا يهتم إلا بالمظاهر، فهو إما خائن أو أناني أو قاسٍ غليظ القلب، وحاولنا في هذا العمل توجيه رسالة إيجابية، تؤكد أن لدينا القدرة على رؤية الشخصية من الداخل، فالروح دومًا هي الأبقى، وهي الرسالة التي نجحنا بالفعل في إيصالها إلى الجمهور. 

 

"بوابة روزاليوسف" هل تبحث عن احتواء العمل الفني لرساله هادفة عند عرضه عليك أم البحث عن دور وتواجد يغلب على اختياراتك؟

 

بالفعل، رغم الحرص على العمل والتواجد، إلا أن الاهتمام بالرسالة والمضمون هي المعيار الأساسي لقبول أداء الدور، فنحن نعمل من أجل أداء رسالة، ويجب أن نضع نصب أعيننا أننا سنحاسب على ما نقدم، من الجمهور الذي يتذوق الفن الهادف، ومن التاريخ والأجيال القادمة التي ستشاهد بعد رحيلنا ماذا قدمنا من رسائل في أعمالنا الفنية، فالأجيال التالية تتأثر بالسابقة، وفي النهاية سيحاسبنا الله سبحانة وتعالى، لذلك لا بد أن نضع في اعتبارنا أهمية الرسالة والمضمون ومسألة الحساب.

 

الفنان الصاعد محمد ناصر: شخصية "آدم" أسهمت في استقراري النفسي ومنحتني قدرة على تقديمها بشكل أكثر قوة وإقناعًا

 

محمد ناصر
محمد ناصر

 

رئيس التحرير: الفنان الصاعد محمد ناصر.. حدثنا عن كواليس شخصية "آدم".. وكيف استطعت تجسيدها بكل هذا القدر من المصداقية؟

 

في البداية، لا بد أن أعترف أن شخصية "آدم" أسهمت في استقراري النفسي وأعطتني أريحية لتقديمها بشكل أكثر قوة وإقناعًا، وذلك بسبب بقائي لفترة طويلة بعيدًا عن عائلتي، ما جعلني أتلمس دفء الأسرة في "اللوكيشن"، واستحضار روح عائلتي وأشقائي في وجوه أبطال العمل، بالإضافة للابتعاد عن "التصنع والتكلف" قدر الإمكان، وهو ما ساعد على أن تُحقق الشخصية كل هذا الصدى وتمس شغاف قلوب المشاهدين بشكل سريع ومريح.

 

"بوابة روز اليوسف": لماذا وجهت المنتجة مها سالم وجهها شطر دراما الخمس حلقات وهل ذلك لأسباب إنتاجية؟

دراما الخمس حلقات ليست بدعة جديدة، بل إنها قديمة قِدم التليفزيون، والذي قدم الثلاثيات والخماسيات والسباعيات، ما يعني أنني لم ابتدع منهجًا جديدًا، لكن هذه الميزة أتاحت الفُرصة لعشرات المواهب الشابة للتعبير عن قدراتها، فيما فتحت الباب أمام نجوم الصف الأول والثاني لتغيير جلدهم وتقديم أنماط جديدة بدلًا من تلك التي تم حصرهم فيها لسنوات.

 

وفيما يخص الدوافع الإنتاجية، فالذي لا يعرفه الكثيرون أن دراما الخمس حلقات مُكلفة إنتاجيًا أكثر من المسلسلات الطويلة، نظرًا لكثرة مواقع التصوير والتعاقد مع أكثر من فريق عمل لكل حكاية، وغيرها من التفاصيل التي لا يدركها الكثيرون من العاملين خارج الوسط الفني.

 

"بوابة روز اليوسف": في واحد من أقوى المشاهد كانت هناك مواجهة تجمع بين "قمر" ووالدتها "الفنانة عايدة رياض"، اتهمتها فيه البطلة بأنها كسرتها بسبب تهاونها في الدفاع عنها.. هل الدعم النفسي الذي يُقدمه المنزل كافٍ لتجاوز أشكال التنمر التي تتم خارجه؟

الفنانه عايدة رياض من مسلسل حته من القمر
الفنانه عايدة رياض من مسلسل حته من القمر

 

السيناريست ميرنا الفقي: بالتأكيد فالبيت هو حصن الدفاع الأول الذي بإمكانه علاج الخلل الناجم عن أشكال التمييز والعنصرية، التي تُمارس ضد ضحايا "التنمر"، إن اضطلع بمسؤولياته على النحو الأمثل، فالشخص الذي يلقى الرعاية والعناية والتربية السليمة، يمكنه مُجابهة العالم بأسره.

 

"بوابة روز اليوسف": هل الهدف الأسمى للمخرج هو تحقيق نجاحه الشخصي والوصول للعالمية؟

المخرج محمد حماقي: بالنسبة لي الهدف الأسمى هو وصول رسالتي للجمهور، بعيدًا عن أي حسابات شخصية، وهو النجاح الذي سيسجله التاريخ في سيرتي الذاتية كمخرج، ويمهد لاحقًا للوصول للنقطة الأبعد في مسيرتي الفنية.

 

"بوابة روز اليوسف": في السياق ذاته ما هي المعادلة التي يسعى لتحقيقها الفنان محمد العمروسي؟

رسالتي كفنان هي تقديم عمل هادف، من خلال مناقشة قضايا المجتمع وإلقاء الضوء على همومه وأوجاعه، ومن بينها قضية "التنمر"، لما لها من تداعيات سلبية خطيرة على الصحة النفسية لأفراد المجتمع، وهذا المبدأ هو المحرك والباعث الأساسي لي كفنان فيما أقبله من أدوار، لأنني سأُحاسب عما أقدمه للجمهور أمام الله، فهل سيضيف العمل إليّ أم يسحب من رصيدي، وهي المعادلة التي ينبغي أن يضعها الفنان نُصب عينيه في المقام الأول.

 

"بوابة روز اليوسف": كيف استفاد الفنان محمد ناصر من خبراته المسرحية في الدراما؟

 مما لا شك فيه أن المسرح هو المرجعية الأساسية والأب الروحي لكل الفنون، الذي يُصقل موهبة الممثل، ويمنحه المزيد من الثقة لتلبُس أي شخصية، مهما كانت صعوبتها ودقة تفاصيلها، وهو الأمر الذي ساعدني كثيرًا في أداء الأدوار التي أُسندت إليّ منذ بداية مشواري، وأفرد لي الحرية والمساحة التي تسمح لي بانتقاء الطريقة الأنسب لي، لأضيف بصمتي الخاصة دون تجاوز الإطار العام للشخصية.

 

"بوابة روز اليوسف": لماذا يلجأ المنتجون لدراما العنف.. وهل معيار الربح هو المحرك الرئيسي؟

المنتجة مها سليم: سأتحدث عن نفسي، فأنا لست من أنصار "العنف" أو من أصحاب وجهة النظر القائلة "الجمهور عايز كده"، ووجهة نظري كمنتجة لها باع طويل مع الدراما، أن التركيز على قضايا المجتمع أفضل من كل الوجوه، وهو الأبقى أثرًا والأطول عمرًا، كما أن المواطن البسيط لديه ما يكفيه من الأوجاع والهموم، لذا كانت رسالتنا هي إتاحة الفرصة له للتنفيس عن همومه، مع ترك وميض من الأمل لكل مشكلة.

 

"بوابة روز اليوسف": لماذا لا تتجه المنتجة مها سليم للسينما؟

أنا أعتبر الدراما هي بيتي الذي أحفظ أركانه عن ظهر قلب، بالإضافة إلى أن المغامرة في السينما أكبر بكثير، فهنا الرهان على مدى قدرتك على جذب جمهور تُعد مُغامرة غير مأمونة العواقب، بينما الأمر بالنسبة للدراما أيسر بشكل كبير، لأنك أنت الذي تذهب إلى الجمهور وتعرض أفضل بضائعك أمامه.

 

"بوابة روز اليوسف": فلسفة اختيار السيناريست لـ"الوحمة" بوصفها الأزمة التي تنغص على البطلة حياتها.. ولماذا لم يتم اختيار ضحايا الحروق مثلًا؟ أم أن الأمر يتعلق بمدى قبول المشاهدين وسهولة تجهيز الشخصية؟

 

الدافع وراء اختياري لـ"الوحمة" تحديدًا لتكون هي محور معاناة البطلة، هو المضاعفات الصحية المُدمرة التي يتعرض لها أصحاب "الوحمة"، والتي قد تصل في بعض الأحيان إلى الوفاة، ناهيك عن الشرخ النفسي الرهيب جراء "التنمر" على مظهرهم، والذي يتعرضون له في كل مكان، وأثناء التصوير وصلتني مئات الرسائل لحالات مُشابهة لبطلة "حتة من القمر"، عبرت عن سعادتها بتجسيد معاناتهم على الشاشة، وحررتهم من قيود الشعور بالنقص أو الاختلاف، ليصبحوا أكثر جرأة وثقة لمواجهة المجتمع.

 

"بوابة روز اليوسف": أشرتم إلى الآثار السلبية لـ"التنمر" فلماذا لم يتم إبراز الشق القانوني والتوعية بحقوق الضحايا؟

السيناريست مها الفقي: أولًا إثبات جُرم "التنمر" بعيدًا عن السوشيال ميديا مسألة في غاية الصعوبة، وبرغم التعديلات التشريعية والقانونية التي أجراها المُشرع لازالت القضية تحمل الكثير من التعقيدات.

 

شارك في الندوة أسرة تحرير بوابة روزاليوسف

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز