عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

لماذا يتم استهداف القطاعات الخدمية بالأكاذيب خلال الفترة الحالية؟ فتبينوا.. أن تهدموا وطنًا بـ«شائعة»

«الخطر الحقيقى هو تفجير الدول من الداخل.. الضغط والشائعات والأعمال الإرهابية وفقْد الأمل والإحساس بالإحباط.. كل الأمور دى بتشتغل بمنظومة رهيبة جدًا الهدف هنا حاجة واحدة بس هو تحريك الناس لتدمير بلدهم.. والتدمير لبلادنا مش هيكون غير من جُوّانا.. ولازم نخلى بالنا وننتبه تمامًا لما يُحاك بنا.. ومن ضمن التحديات التي تقابل الدولة نشر الشائعات وإساءة الأمر لبعض الأشياء التي تقوم بها الدولة».  



ما سبق هو اقتباسات من تحذيرات شديدة اللهجة وجّهها ويُشدد عليها الرئيس عبدالفتاح السيسي بشكل مستمر حول خطورة نشر الشائعات؛ خصوصًا فى ظل الحروب الحديثة التي لا تعتمد على «بارود البنادق»، ولكن سلاحها الأساسى هو «بارود التدليس والشائعات والأكاذيب».. وهى معارك ليست مصر ببعيدة عن أهدافها من قِبَل المتربصين باستقرارها ومحاولات تشويه نجاحاتها من الإفلات من مصير مجهول إلى بلد يبحث لنفسه عن مكان وسط «الكبار».. مكان يليق بتاريخها وأصالة شعبها وهو هدف الرئيس السيسي منذ اليوم الأول لتوليه مقاليد الحُكم.

 

محمد بديع
محمد بديع

 

 

 خطة جماعة الإخوان الإرهابية لنشر الشائعات

 

بسرد سريع.. وحتى نعى منهجية حرب الشائعات على وطننا مصر.. فمع الإطاحة وتخليص الشعب من حُكم جماعة الإخوان الإرهابية.. كان المستهدف الرئيسى من الشائعات ومحاولة بَلبَلة الشارع المصري هو الرئيس عبدالفتاح السيسي (الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع وقتها) ومعه الأجهزة السيادية الرئيسية وعلى رأسها قواتنا المسلحة.. ولكن ومع زيادة التفاف المواطنين حول «مُخَلصهم» من جماعة الشر.. بدأ الإخوان فى «النهيق» والكلام «الأجوف» حول الأوضاع الاقتصادية والأمنية وغير ذلك من الشائعات التي لم تجد أى صدى؛ خصوصًا مع تولى «السيسي» الرئاسة وقيادة سفينة البلاد نحو النمو والرخاء فى وقت غاية فى الصعوبة داخليًا وإقليميًا.

 

أكاذيب حول القطاعات الخدمية

 

سار الرئيس السيسي بسفينة الوطن نحو ترسيخ وإقامة «جمهورية جديدة» متكاملة الأركان بمعنى الكلمة.. ولم تجد «قوَى الشر» سبيلًا سوى تغيير تكتيكات حرب الشائعات، ويكون تركيزهم على نشر الأكاذيب حول كل ما هو «خدمى» ويهم المواطن فى حياته اليومية، مثل الصحة والتموين والتعليم والمعاشات والتأمينات وغيرها من أجل خَلق حالة من الاحتقان والسّخط.. وهو الأمر الذي تداركته الدولة سريعًا لتكون دومًا ردودها واقعية وبالأرقام.

 

تفصيليًا وحتى ندرك أبعاد ما نتحدث عنه.. وطبقًا لآخر إحصاء شامل من رئاسة الوزراء؛ فقد كان عام 2020 من أكثر السنوات استهدافًا بالشائعات على مدار الأعوام الستة الماضية، بنسبة بلغت 29.9 %، وذلك مقارنة بـ 26.1% فى 2019، و16.9 % فى 2018، و12.2 % فى 2017، و8.5 % فى 2016، و4.1 % فى 2015، و2.3 % فى 2014.

 

وبالنسبة لترتيب القطاعات طبقًا لنسبة استهداف الشائعات، جاء فى التقرير أن الصدارة كانت لقطاع الصحة بنسبة 24.1 %، تلاه التعليم بنسبة 18.4 %، والاقتصاد بنسبة 15 %، والتموين بـ 9.8 %، والزراعة بنسبة 9 %، والإسكان بنسبة 4.3 %، والسياحة والآثار بنسبة 4.1%، والتضامن الاجتماعى بنسبة 4 %، والوقود والكهرباء بنسبة 4 %، والإصلاح الإداري بنسبة 4 %، والقطاعات الأخرى بنسبة 3.3 %.

 

عبدالسلام عارف
عبدالسلام عارف

 

 

 محاولات تشويه الإنجازات

 

وشهد عام 2020 مجموعة من الشائعات التي استهدفت تشويه الإنجازات، ومن بينها توقف العمل بالمبادرة الرئاسية للقضاء على قوائم انتظار العمليات الجراحية الحرجة، وإقرار الحكومة قانونًا يُحصّن «صندوق مصر السيادى» ضد الرقابة والمساءلة، وتخفيض رواتب موظفى الجهاز الإداري للدولة غير المنتقلين للعاصمة الإدارية الجديدة، وتعديل خطة الموازنة العامة للدولة واستقطاع 100 مليار جنيه منها لمواجهة تداعيات انتشار فيروس كورونا.

 

وأيضًا تضمّنت هذه الشائعات تراجُع إيرادات قناة السويس بنسبة 20 % بالتزامن مع اتخاذ السفن مسارات بديلة، وتطوير المناطق التاريخية بالقاهرة بطرُق عشوائية، بالإضافة إلى التهجير القسرى لأهالى العشوائيات بمختلف المحافظات دون تعويضهم، وفشل منظومة التأمين الصحي الشامل ببورسعيد نتيجة لنقص الأطباء، وتقليص المخصصات المالية لبرامج الحماية الاجتماعية بموازنة العام المالى 2020/2021، فضلًا عن توقف العمل بمشروعات الهيئة القومية للأنفاق بسبب أزمة كورونا.

 

 أخطر شائعات عام 2020

وإلى جانب ذلك، رصد مركز معلومات مجلس الوزراء مجموعة من أخطر الشائعات التي تم تداولها خلال عام 2020، والتي تمثلت فى انتقال عدوَى الفيروسات أثناء عملية التبرع بالدم بالمستشفيات الحكومية، وإجراء جلسات الغسيل الكلوى لمصابى كورونا مع المرضى الآخرين بالمستشفيات الحكومية، وعجز فى أجهزة وحدات الرعاية المركزة أو مستلزماتها بالمستشفيات الحكومية، وتوزيع كمامات مصنعة من مواد غير طبية بمستشفيات العَزل الصحي، والتخلص من النفايات الطبية الخاصة بمستشفيات العَزل بطريقة غير آمنة.

 

ومن بين أخطر الشائعات كذلك نشر الحكومة لافتات إعلانية ببعض محافظات الجمهورية تحمل عبارة «الخطر يقترب» لإثارة الهلع بين المواطنين، واستيراد شحنة لحوم مصابة بفيروس كورونا، واستخدام وزارة الصحة لقاحَىْ «الدرن والحصبة» للوقاية من فيروس كورونا، وانتشار وباء «الالتهاب السحائى» بمختلف محافظات الجمهورية، وعدم صلاحية جميع طفايات الحريق المستخدمة فى مصر.

 

 الكلام غير المنطقى والمتكرّر

 

كما عرض التقرير بعض الشائعات غير المنطقية والتي تعد الأغرب على مدار العام، وفى مقدمتها حرق جثامين ضحايا فيروس كورونا، وإيقاف عقود الزواج لمدة عام بداية ًمن يوليو القادم، وتكليف الأطباء حديثى التخرج بمهام التمريض فى نظام التدريب الجديد، وصدور قرار بفرض رسوم على الطلاب عند الدخول للجامعات، وتداول منشور يزعم إقرار خصومات على رواتب المعلمين المتغيبين جراء إصابتهم بفيروس كورونا.

 

والغريب أنه كان هناك بعض الشائعات التي تكرّرت وتم نفيها أكثر من مرّة ومن بينها، فرض ضريبة 150 جنيهًا على تصاريح دفن الموتى، وبيع عدد من الآثار المصرية لصالح جهات أجنبية، وتعرُّض قناة السويس لخسائر فادحة نتيجة أزمة كورونا، واستخدام شحنات دقيق فاسدة فى إنتاج الخبز المدعم، وظهور سلالة جديدة من أنفلونزا الطيور فى مصر.

 

وشملت الشائعات المتكررة كذلك تأجيل صرف منحة العمالة غير المنتظمة، ووقف تداول العملات الورقية بالتزامن مع بدء إصدار العملات البلاستيكية، وفرض ضرائب على ودائع المصريين بالبنوك، وتسريح عدد كبير من موظفى الدولة بالتزامن مع تنفيذ خطة التأهيل الإداري تمهيدًا للانتقال للعاصمة الإدارية الجديدة، وانتشار أسراب من الجراد الأسْوَد بالمناطق الحدودية المصرية.

 

رشاد بيومي
رشاد بيومي

 

 

 40 شائعة خلال شهرين فقط

وبتدقيق بسيط لآخر الشائعات التي خرجت خلال الفترة الأخيرة وتم نفيها نهائيًا.. فقد شهد شهرا سبتمبر وأكتوبر 2021 فقط خروج 40 شائعة متنوعة، أبرزها (فى شهر سبتمبر) تطبيق زيادات جديدة على رسوم جمع القمامة المقررة بقانون المخلفات الجديد، تداول فيديو يزعم عدم قدرة مصنع إنتاج لقاحات فيروس كورونا بمجمع مصانع «فاكسيرا» بمدينة 6 أكتوبر على الوصول إلى الطاقة الإنتاجية المستهدفة، واعتزام وزارة المالية فرض ضرائب جديدة على المواطنين لزيادة الإيرادات العامة للدولة.

 

وشهد شهر سبتمبر أيضًا خروج شائعات حول انتشار مَلح طعام فاسد بمختلف الأسواق على مستوى الجمهورية، تأجيل بدء العام الدراسى الجديد 2021/ 2022 بالمدارس لعدم حصول أعضاء المنظومة التعليمية على لقاح فيروس كورونا.

 

 فبْركة معلومات عن الاقتصاد والصحة

 

أمّا شهر أكتوبر فكانت أبرز الشائعات التي انتشرت به هى استيراد مصر شحنات فاسدة من فاكهة الموز، ووجود عجز فى أسرَّة الرعاية المُركزة بمختلف المستشفيات الحكومية، وفرض قيود على الإعفاءات من المصروفات المدرسية للطلاب الأيتام وأبناء المرأة المطلقة خلال العام الدراسى الجديد.

 

وبنظرة شاملة لأكثر القطاعات التي طالتها الشائعات خلال شهرَىْ سبتمبر وأكتوبر هذا العام، فقد كان قطاع الصحة والاقتصاد والتموين الأكثر استهدافًا من مروجى الأكاذيب بهدف إرباك المجتمع وخَلق حالة من الإحباط قائمة على «مجرد كلام».

 

 صعوبة وقف الشائعات فى عصر الإنترنت

حديثًا.. وفى هذا الصدد يجدر بنا الإشارة إلى أن «كريج سيلفرمان» من مركز تاو للصحافة الرقمية فى جامعة كولومبيا الأمريكية قام بتطوير برنامج «إيمرچنت» لتتبع نشر الشائعات على الإنترنت.. وأظهر إيمرچنت أن الشائعات والمعلومات المضلّلة والادعاءات غير المتحقّق منها، تطغى على أى جهد لتصحيحها وتواصل انتشارها رُغم إثبات عدم صدقيتها على نطاق أوسع بكثير من التصحيحات اللاحقة.. ولنا هنا تعليق وتحذير هو ضرورة أن نتبين الحقيقة وهو أمرٌ أصبح متاحًا دون ترديدها أو نشرها دون جهد «البحث» ولو لدقيقة واحدة.

 

 حكمة سقراط قبل 25 قرنًا

 

قديمًا وقبل مئات السنين.. هناك قصة شهيرة عن «المصفاة الثلاثية» للأخبار التي كان يعتمدها سقراط. ومفادها أنه فى أحد الأيام صادف الفيلسوف اليونانى سقراط أحد معارفه مهرولًا نحوه قائلًا بتلهف: «سقراط؛ هل تعلم ماذا سمعت عن أحد طلابك؟».

 

أجابه سقراط: «انتظر لحظة، قبل أن تخبرنى أود منك أن تجتاز امتحانًا صغيرًا يدعى امتحان «المصفاة الثلاثية». والمصفاة الأولى هى الصدق، هل أنت متأكد أن ما ستخبرنى به صحيح؟».

 

- لا.. رد الرجل «فى الواقع سمعت الخبر».

 

قال سقراط: «حسنًا، لنجرب المصفاة الثانية، الطيبة. هل ما ستخبرنى به عن طالبى شىء طيب؟».

 

- رد الرجل:.. «لا على العكس».

 

فتابع سقراط: «ما زال بإمكانك أن تنجح فى الامتحان، فهناك مصفاة ثالثة، الفائدة. هل ما ستخبرنى به عن طالبى يفيدنى؟».

 

- «فى الواقع، لا».

 

فختم الفيلسوف الحديث بقوله: «إذا كنت ستخبرنى شيئًا ليس صحيحًا ولا طيبًا ولا فائدة منه، فلماذا تخبرنى به من البداية؟!».

 

كان ذلك قبل نحو خمسة وعشرين قرنًا. ومع ذلك لا تزال الحكمة فى مواجهة مع الشائعة، ولا تزال بعيدة جدًا عن التغلب عليها.. ولا تحتاج منا سوى الوعى حتى نضمن حماية وتحصين أنفسنا ووطننا الغالى.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز