عاجل
الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

الحياة في تباين "الأقنعة الإفريقية"

د. إبراهيم محمد مرجونة
د. إبراهيم محمد مرجونة

وجد الباحثون أن أكثر الطقوس المتعلقة بالأقنعة توجد في نيجيريا عند اليوروبا والإيدو، وتبدو في مهارة استعراضها وكأنها تحاكى المسرح الأوروبي. 



 

تتعدد الأقنعة بتعدد الأرواح التي تمثلها، أرواح الأسلاف والحيوانات وروح الغابة، وعلى حسب أهمية الروح التي يمثلها القناع تتفاوت درجة التعقيد للرموز الروحية، فهناك أقنعة بسيطة مثل قناع المرأة الصغيرة موانا بو Mwana pwo في قبيلة تشوكوي Chokwe بأنجولا، وهو وجه بيضاوي، عينان ناعستان، أنف صغير، وذقن صغيرة.

 

ومن أشهر الأقنعة التي كنت أشاهدها كثيرًا في تنزانيا، القناع الذي يمثل أرواح الفتيات الصغيرات ويسمونه kwere أو Doei، وهو وجه أنثى حزينة نصف مغمضة العينين، ومثل هذا القناع يستخدم في الطقوس المتعلقة بالخصوبة والإنجاب. 

 

وهناك أنواع أخرى شديدة التجريد والتعقيد، وبأشكال هندسية غامضة، مثل الأقنعة التي تمثل روح الغابة الهائمة، وعلى سبيل المثال نجد قناع قبيلة باولي Baule عبارة عن وجه كامل الاستدارة يرمز إلى الشمس التي هي في معتقداتهم واهبة الدفء والضوء والقوة الدافعة للحياة، يستخدمونه في احتفالات الحصاد ولاستقبال كبار الزوار، بعينين صغيرتين مستديرتين وفم بخطوط هندسية مستطيلة.

 

والباولي يتوزعون بين غانا وساحل العاج، أما أقنعة قبيلة بوا Bwa وهي التي تستوطن المنطقة بين مالي وبوركينافاسو فهي بمواصفات خاصة يعتقدون بقوة تأثيرها على من يرتدونها، أسفل القناع وجه مستدير، والجزء الممتد منه مزدان بخطوط هندسية ملونة، ويعتلي قمته شكل على هيئة هلال، ومن يرتديه لا يستطيع أن يرى إلا من خلال فتحة الفم، والعينان مرسومتان كعيني بومة، بينما الأنف عبارة عن منقار طائر، ومن خلال هذا القناع تمرر التعاليم الخاصة بالأخلاق التي ينبغي أن يلتزم بها الأطفال أثناء حفلات تأهيلهم تمهيدا للتخلص من طفولتهم، والدخول في مرحلة الرجولة.

 

وظلت الأقنعة الإفريقية محملة بوظيفتها الرمزية والروحية ومعبرة عن الفن والهوية الحضارية لشعوب إفريقيا، ولم تبق حبيسة موطنها الأصلي، وإنما حققت امتداداتها في الفن التشكيلي الغربي من خلال روحيتها وتجريديتها، ولا يزال أثرها قائمًا في الفن التشكيلي إلى اليوم. 

 

وأنتجت المجتمعات الإفريقية التقليدية ذخيرة غنية ومتنوّعة من الأقنعة المتباينة في أشكالها ورموزها، فهناك نمط من الأقنعة ينحو نحو الطبيعية والواقعية، وعادة ما يكون تصويرًا لوجه إنساني أو حيواني، حيث الوجه وبعض التفاصيل (العينان، الأنف، والفم) أي أن الوجه عبارة عن مساحة كاملة، في نمط آخر يوجد جنوحًا نحو التجريد بحيث يتم الاستغناء عن الزوائد السطحية مقابل تحقيق قيمة تجريدية، وتتحوّل تفاصيل الوجه إلى عناصر لكل منها علاقة بمساحته، ويربطه بالعناصر الأخرى الإيقاع العام للقناع، ويُوجد نمط ثالث يجمع بين الأسلوبين، وكما تنوعت أساليب التصوير في القناع تتنوّع كذلك أشكاله.

 

ويمكن تصنيف الأقنعة وفقا لطرق الارتداء كالتالي: أقنعة الوجه: وهي أكثر أنواع الأقنعة شيوعًا في جميع أنحاء إفريقيا، حيث تضمن تأمين الوجه من كل الجهات، ويتم تثبيتها من الخلف بسلسلة مربوطة بثقوب على جانبي القناع، كما قد يوضع شعر مستعار أو وشاح.

 

أقنعة غطاء الرأس: تستقر على قمة الرأس بقاعدة، ويستخدمها قبائل البامبارا، وهم أكبر مجموعة عرقية في مالي، ومشهورة بهذا النوع من الأقنعة.

 

أقنعة الكتف: عادة ما تكون كبيرة وثقيلة وتستقر على أكتاف مرتديها، وكذلك أقنعة الخوذ، والتي على هيئة خوذة تلبس فوق الرأس تنحت عادة من جزء من جذع الشجرة.

 

أقنعة الشارات: لا تغطي الرأس بأكمله بل تلبس مثل قبعة، ويترك الوجه ظاهرًا، وكذلك أقنعة الجبين وهي تعلق على الجبين وتترك الوجه مكشوفًا.

 

وتختلف ألوان الأقنعة حسب دلالاتها، فالأقنعة الملونة بالأبيض والأحمر تدل على القمر، بينما تدل الأقنعة الملونة بالأزرق والأسود والبني على الأرض.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز