عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

إلهام شاهين: السوشيال ميديا "مضيعة للوقت" ولا أخشى اقتحام "عش الدبابير"

الفنانة إلهام شاهين
الفنانة إلهام شاهين

نعيش أزمة كبيرة اسمها “الترند”.. و“السياسة” عالم كبير لا أجيد الالتزام بقواعده

 



واحدة من أيقونات السينما المصرية، اللائي خطفن الألباب وسحرن العقول، ونجمة حفرت اسمها وصنعت لنفسها "براند" خاص بها، على مدار رحلة فنية طويلة وحافلة بالنجاحات.

 

تلميذة مدرسة نوتردام "المتمردة"، التي بدأت انطلاقتها الفنية على خشبة المسرح قبل أربعة عقود، لتؤكد في الظهور الأول لها، أنها ليست من نبت هذه الأرض، وإنما هي "حورية من المريخ".

 

"نجمة الجماهير" التي أثبتت أن خيارات الممثل "مسألة مبدأ" تعكس "الرغبة" في مناقشة قضايا مجتمعه، بقصص تمت حياكة تفاصيلها، وصناعة شخوص أبطالها "على نار هادئة".

 

وفي رحلتها للبحث عن ذاتها، قدمت عدة نماذج تكشف طبيعة الصراع ما بين الرجل والمرأة، قابلت "الهلفوت" الذي يتقمص شخصية "الجنتل"، و"السيد قشطة" الذي يحلم بأن يكون "أبو زيد زمانه"، و"الحاوي" الذي عاشت معه "جنون الحياة"، وخاضت لأجله "سباق مع الزمن" بحثًا عن "الكنز".

 

سخرت حياتها للفن فقط، وهي ترفع شعار "لن أخضع لرجل"، مؤكدةً أن الحياة لا تتسع أبدًا لـ"الظالم والمظلوم".

 

"بنت أفندينا" التي عشنا معها دراما الحب وأوجاعه في "قصة الأمس" و "نصف ربيع الآخر" و"نعم ما زلت آنسة"، وصاحبة وجهة النظر الفريدة في عرض قضايا المرأة، وتسليط الضوء على أوجاع فئة لا تصل صرخاتها للسطح، بمجموعة أفلام حصدت بها العديد من الجوائز المحلية والدولية، منها "واحد صفر" و"خلطة فوزية" و"يوم للستات".

 

هي النجمة إلهام شاهين صاحبة الطلة المبهجة، والاختيارات المختلفة التي تنم عن ذكاء فطري، يجمع بين جرأة التناول وواقعية الأسلوب، طرقنا بابها وطرحنا عليها كافة التساؤلات الممكنة، في حوار لا يخلو من الصراحة والمفاجآت.. فإلى نص الحوار:  

 

 - بداية حدثينا عن تفاصيل التكريم الأخير الذي حصلتِ عليه في الولايات المتحدة الأمريكية؟

 

تم اختياري من قِبل اللجنة المُنظمة للمهرجان المصري الأمريكي في نسخته الأولى، لتكريمي عن مُجمل أعمالي، وهو مهرجان معنيِ بتقريب وربط الجاليات العربية المُقيمة هناك بثقافة الوطن الأم.

 

الهام شاهين أثناء تكريمها بالمهرجان المصري الأمريكي للسينما والفنون

الهام شاهين أثناء تكريمها بالمهرجان المصري الأمريكي للسينما والفنون

 

 

 

- هل سيتبنى المهرجان فكرة إنتاج أفلام تناقش أزمة الهوية الثقافية للمغتربين؟

 

لا فالمهرجان يهدف في المقام الأول لإتاحة الفرصة لأبناء الجاليات العربية للاحتكاك بثقافة بلدانهم، والاحتفاظ بهويتهم وعاداتهم، علاوة على التعرف على القضايا التي تشغل أذهان أقرانهم هناك.

 

- هل اقتصر التواجد في هذا المهرجان على الفنانين فقط؟

 

بالعكس، فالمهرجان شهد مُشاركة كبيرة لنُخبة مرموقة من الأطباء والمهندسين والسفراء، وغيرهم من أبناء مصر والجاليات العربية التي هاجرت للولايات المُتحدة منذ عقود طويلة. 

 

- ماذا يمثل التكريم في حياة الفنان؟ وأيهما أفضل بالنسبة له حب الجماهير أم الجوائز المادية؟

 

كلاهما مهم بالنسبة لأي فنان، لأنه يُعد بمثابة شهادة اعتراف وتقدير لعطائه، وصدقه في التعبير عن قضايا مجتمعه.

 

 

الفنانة إلهام شاهين أثناء تكريمها بالجامعة البريطانية

الفنانة إلهام شاهين أثناء تكريمها بالجامعة البريطانية

 

 

- المنتجة مها سالم صرحت بأنها مدينة لك بالفضل في نجاح مسلسل "زي القمر".. كيف كانت رؤيتك كفنانة لتجربة الخمس حلقات؟

 

تجربة مسلسل "زي القمر" أتاحت مساحة جيدة من الحرية لإبداع المؤلف، في تجسيد وخلق مُعالجة درامية، يمكن مناقشتها في حدود الخمس حلقات، بعيدًا عن التفاصيل الفرعية، التي تشوش ذهن المشاهد في المسلسلات الطويلة.

 

- هل معنى ذلك أن نموذج الخمس حلقات هو الأفضل من وجهة نظرك؟

 

القياس هنا ليس صحيحًا، ولا يمكن حصر الإبداع والأعمال الدرامية في قوالب بعينها، فهناك قضايا يمكن مناقشتها في خمس حلقات فقط، فيما لا يمكن طرح بعضها إلا من خلال المسلسلات الطويلة، نظرًا لتشابكات وتداخلات قصصها وشخوص أبطالها، وقديمًا كان عدد الحلقات يتحدد وفقًا لرؤية المؤلف، والطريقة التي تناسب طرح الفكرة التي يتبناها، فيما تم اللجوء لمسلسلات الثلاثون حلقة، كونها الأنسب للعرض بالموسم الرمضاني، بالإضافة لأنها أوفر من ناحية الكُلفة الإنتاجية.

- ما الذي يشغل ذهنك كفنانة عند قراءة أي سيناريو.. "مساحة الدور" أم "مضمون الفكرة"؟

 

مساحة الدور لا تشغلني مُطلقًا، فالأهم هو مضمون العمل، ومردود الشخصية التي أؤديها، ولدي الاستعداد لتقديم ما هو دون الخمس حلقات، إذا كانت الفكرة الجيدة متوفرة. 

 

- بعض الفنانين يتخوفون من خوض تجربة الخمس حلقات ويرون أن فيها تقليلا من تاريخهم الفني.. هل كان لديك هذا التخوف؟

 

لدي ثقة كبيرة في قدراتي ولا أخشى خوض أي تجربة، شريطة توافر النص الجيد، وعوامل نجاح العمل، وهي القاعدة التي أتمسك بها في كل أعمالي، بدليل أنني قبلت الظهور بسبعة مشاهد صامتة في فيلم "أيام الغضب" - في ذروة نجاحي وانتشاري الفني - وهو الدور الذي حصدت عنه ثلاثة جوائز دولية كأحسن ممثلة، وهو ما يؤكد صحة وجهة نظري بأن معيار النجاح الأهم هو القضية التي يناقشها العمل، بعيدًا عن حسابات مساحة الدور أو عدد حلقات المسلسل.  

 

- قبل مسلسل "زي القمر" ابتعدت عن الدراما لخمس سنوات ما هي أسباب هذا الاحتجاب؟

 

ابتعادي عن الدراما كان اختياريًا، نظرًا لعدم توافر النص والفكرة التي تُغريني بتقديمها.

 

- هل هناك لون فرع مُعين تميلين إليه كممثلة؟

 

أنا أحب الفن كفكرة، ولا يشغلني هنا الوسيلة التي سأعرضها من خلالها، ولكن لا أنكر ميلي للسينما.

 

- ما علاقة إلهام شاهين بالسوشيال ميديا؟ 

 

لا أميل للسوشيال ميديا ولا أحب أن أتعامل معها، وأراها "مضيعة للوقت"، علاوة على أنها أحد أهم أسباب تفسخ العلاقات الاجتماعية، التي اختزلناها في كلمات ومشاعر "مُعلبة" نبثها لبعضنا عبر الشاشات. 

 

- ما الذي أضافته السوشيال ميديا للفنان؟ ومتى تُمثل خصمًا من رصيده لدى الجماهير؟

 

بالنسبة لي لا تمثل إلا وسيلة لنقل الأخبار الخاصة بأعمالي للجمهور ووسائل الإعلام، ولا أنكر حرية الآخرين في استخدامها كيفما يتراءى لهم، وإن كان البعض يستخدمها بشكل سلبي.

 

- تعليقك على تناول مسرحية "المومس الفاضلة" من جمهور السوشيال ميديا؟ 

 

التعامل مع مسرحية "المومس الفاضلة" اتسم بالسطحية الشديدة وقصور الرؤية، دون أدنى محاولة للتعرف على مضمونها، أو القضية التي تناقشها، ما يؤكد وجهة نظري في السوشيال ميديا بوجه عام.

 

الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر ينحني للفنانة سميحة أيوب بعدما جسدت مسرحيته المومس الفاضلة

 

 

 

 

لا أعرف من هم رواد السوشيال ميديا حتى أعمم حكمي على الجميع، ولكن هناك بعض التيارات المتطرفة، التي تحاول قمع حرية الرأي، ولا تجابه الفكر بالفكر، وهؤلاء هم من يتحفزون ضدي، ولا يخفى على الجميع المعارك التي خضتها ضدهم في ذروة قوتهم، فيما ينفث البعض الآخر سمومه وعُقده النفسية ضد الشخصيات العامة والمشاهير، لتحقيق نوع من الرضا الذاتي والإحساس بالأهمية. 

 

 

- أعلنت تضامنك مع الباحث "أحمد عبده ماهر" الذي صدر ضده حُكم بالحبس بتهمة إزدراء الأديان.. ألا يُعد ذلك اقتحامًا لـ"عش الدبابير"؟

 

لا أعبر إلا عن قناعاتي ولا أهتم برأي الآخرين، ولا أخشى الهجوم الضاري الذي قد يُمارس ضدي، فأنا من أنصار "التنوير" وأتضامن مع كل من يسعى لمجابهة العقول المتطرفة بالفكر، ولا أقبل بأي تفسير ديني يتنافى مع العقل والمنطق، مثل "إرضاع الكبير" أو زواج "الطفلة غير البالغة".

 

- هذا يتطرق بنا لمفهوم الحرية من وجهة نظرك؟

 

الحرية عندي بمفهوها الشامل والأعم هي التعبير عن قناعاتي دون إلحاق الضرر بالآخرين.

 

- السياسة فيها سم قاتل؟ ما مدى صحة هذه العبارة بالنسبة لك؟

 

أنا لا أجيد السياسة ولا أفقه قوانينها، ولا ألون أرائي الشخصية بالصبغة السياسية، ولكني اكتشفت مؤخرًا، أن كل ما يحدث حولنا يمت للسياسة بصِلة ما.  

 

- هل معنى ذلك أن الفنان مجبور على خلع عباءة آرائه السياسية وتنحيتها جانبًا؟

 

الفنان لا ينفصل عن واقعه، ومن حقه التعبير عن حبه لبلاده، شريطة ألا يتعارض هذا الحُب مع الدستور والقانون، ولكن الإشكالية - وأنا هنا أتحدث عن نفسي -  أنه يتم قولبه هذه الأراء في قالب سياسي على خلاف الحقيقة، التي لا تعدو كونها تعبيرًا عن قناعاتي الشخصية، تجاه القضايا التي تخص المجتمع الذي أعيش فيه كمواطنة.

 

- ما الذي تفتقده إلهام شاهين للتعامل مع القضايا السياسية؟

 

السياسة عالم كبير يحكمه العديد من التوازنات والقوانين الدقيقة، التي لا استطيع الالتزام بها أو التحرك وفقًا لها، فأنا أعبر عن رأيي بصراحة شديدة، دون الاحتكام للقواعد "الدبلوماسية"، التي تفرض عليَ التفكير في مآلات وتوابع ما أقوله.

 

- ألا يتعارض ذلك التصريح مع صدامك السياسي إبان فترة حكم الجماعة المحظورة؟

 

 مواقفي ضدهم كانت للدفاع عن بلدي وفقًا لما يُمليه عليَ ضميري، وهو ما لا يتنافى مع تصريحي بعدم قدرتي على التعاطي مع القضايا السياسية، فهذه الجماعة المتطرفة لم يكن لها بأي حال من الأحوال البقاء على رأس السلطة في دولة بحجم مصر، وهو ما تبنأت به منذ الأسبوع الأول لهم في الحُكم.

 

- لو عاد بك الزمن إلى الوراء، ما هي القرارات التي ستودين التراجع عنها؟ 

 

لن أتراجع عن أي قرار اتخذته، فكل خطوة قمت بها وكل قرار اتخذته أفادتني بشكل ما، ولا استثني من الأخطاء التي وقعت فيها، وجميعها ساهم إلى حد كبير في بناء شخصيتي، واستثمرتها في تحقيق المزيد من النجاح.

 

- وعلى صعيد قراراتك واختياراتك الفنية ألا يوجد عمل ندمتِ على المشاركة فيه؟

 

حياة كل منا لا تخلو من التجارب والسقطات، وأنا أعتبر فيلم "موت سميرة" من أسوأ القرارات التي اتخذتها طوال مسيرتي الفنية - نتيجة صِغر سني وافتقادي للخبرة المطلوبة - وكان يتبنى وجهة نظر تحمل إدانة للفنان "بليغ حمدي" الذي أُكن له عظيم الاحترام والتقدير.  

 

- ماذا عن الأعمال التي رفضتِها وكان الندم هو الشعور الذي لازمك بعدها؟

 

كنت مُرشحة للقيام بدور البطولة أمام النجمة القديرة نجلاء فتحي والعملاق الراحل أحمد زكي في فيلم "أحلام هند وكاميليا"، وحدث خلاف في وجهات النظر بيني وبين المخرج محمد خان، أدى لانسحابي قبل بدء التصوير بأربعة أيام، وترشيح الفنانة عايدة رياض بدلًا مني، والتي قدمت الدور بشكل رائع جدًا، ولا أنكر ندمي على هذا القرار، الذي أضاع عليَ فُرصة العمل مع مخرج عملاق، فيما كان حزني الأكبر بسبب وفاته قبل تصحيح هذا الخطأ، والتعاون معه في أي عمل آخر، وكان ينبغي عليَ أن أتحلى بشيء من المرونة، وهي الميزة التي أفتقدها في كل قرارتي.  

 

 

- ما مفهوم الفن من وجهة نظرك؟

 

لا يمكن اختزال الفن في سؤال، الإجابة عنه تستدعي عشرات الكتب، فهو أحد الأدوات التي تبني الشعوب، وعنوان تقدم الأمم وتحضرها ورُقيها، وهو قيمة كبيرة يطول شرحها والحديث عنها.

 

- أزمة مطربو المهرجانات باتت حديث الساعة.. ماذا لو كنتِ نقيبًا للموسيقيين؟

 

أنا مع كافة القرارات التي اتخذها الاستاذ هاني شاكر لوقف ومحاربة الإسفاف، والمحتوى الفني الهابط، وأعتقد أنه تم توجيه هؤلاء الشباب أكثر من مرة دون جدوى، ما أوجب اللجوء لتطبيق القانون، بمنع من لا تنطبق عليه الشروط.  

 

- البعض ينادي بإفساح المجال لحرية الإبداع والبعض الآخر يستنجد بتدخل النقابات والجهات المعنية.. هل أنت مع حرية الإبداع والتعبير أم مع مقص الرقيب؟

 

الإبداع له قواعد معروفة، وحرية التعبير مكفولة للجميع بشروط، وهو ما لم يتحقق في تلك الظاهرة، التي تروج لمصطلحات ومفردات خارجة عن السياق، ولا يُمكن قبولها واستساغتها إلا لدى فئات بعينها، ولكن الأزمة الأكبر باتت تكمن في انتشار هذه الأغنيات بين الشباب، بغض النظر عن الطبقة أو البيئة التي ينتمون إليها، وهو ما لمسته بنفسي في أبناء أصدقائي ومُحيط عائلتي وهي كارثة بكل المقاييس. 

 

- هل الفن فاعل أم مفعول به؟

 

الفن فاعل وله دور مؤثر في حياة الشعوب، وهنا يكمن دور "ضمير" الفنان، في اختيار نوع الرسالة التي يسعى لتقديمها، فنموذج "البلطجي" الذي يتم الترويج له في صورة براقة ومُحببة "رسالة سلبية"، في المقابل هناك نماذج أخرى يتم تقديمها وتسعى لترسيخ قيم سامية، أو تبنى وجهة النظر التوعوية، تجاه مخاطر بعض السلوكيات الضارة كالإدمان "رسالة إيجابية". 

 

- هل القيم السلبية التي تتبناها بعض الجهات الإنتاجية هي رسائل موجهة أم طريقة سهلة لربح مضمون؟

 

من وجهة نظري هي الطريقة الأسهل لتحقيق ربح مضمون، بالخلطة الكلاسيكية المعروفة، وهذا الأمر ليس بجديد على عالم الدراما والسينما، ومعروف منذ سبعينيات القرن الماضي، في حقبة قدمت عددًا كبيرًا من الأفلام التجارية الخالية من أي مضمون.

 

- ولكن الإجابة هنا تنطوي على مغالطة خطيرة بدليل وجود أفلام ومسلسلات جادة مثل "الممر" و"الاختيار" حققت هامش الربح المطلوب؟

 

دعنا نعترف أن الأفلام والأعمال الجادة تحقق الصدى الجماهيري المطلوب، ولكنها ليست على نفس القدر من حيث تحقيق الربحية المُستهدفة لبعض المنتجين، ونجاح "الممر" و"الاختيار"، ليس هو المقياس الوحيد الذي نؤكد عليه صحة القاعدة، فهذه الأعمال تُعد وكما نصفها باللغة العامية "فَلّتَة"، لكن نجاحها الأكبر هو أنها فتحت المجال لتشجيع الآخرين على تقديم النماذج الجادة، التي تُعزز من قيم الانتماء للبلد وتصحيح صورة القدوة في عيون الشباب، بعيدًا عن التطرف أو الإسفاف. 

 

- مع ارتفاع عدد منصات عرض الأعمال الدرامية القصيرة.. ألم تراودك فكرة خوض تجربة الانتاج مرة أخرى؟

 

خوض تجربة الإنتاج بشكل مُنفرد باتت عبئًا كبيرًا، ما يُصعب من فكرة تحقيقها في الوقت الحالي، فيما لا يزال الباب مفتوحًا أمام فكرة "الشريك"، ولدي بالفعل مشروع سينمائي قارب على الانتهاء، ويحمل اسم "بنات صبره"، أناقش من خلاله عددًا من قضايا المرأة مثل "الختان" و"زواج القاصرات".

 

- كمنتجة كيف يمكنك الموازنة بين عُمق الفكرة ووجاهة المضمون والربحية؟

 

طوال تجاربي التي خُضتها من موقع المسؤولية كمنتج، لم أكن أحتكم لقواعد السوق التي تفترض استهداف سقف مُعين للأرباح، بقدر اهتمامي بالرسالة والقضية التي سيناقشها العمل، فيما تكون أقصى طموحاتي هي استعادة رقم مُقارب لما تم إنفاقه.

 

- متى تنتقل عدوى الدراما الجادة إلى السينما؟

 

لدينا بالفعل أفلام جيدة وتناقش قضايا جادة، ورؤيتي هنا مبنية على حضوري للعديد من المهرجانات الفنية، ما يمكنني من رؤية أغلب المُشاركات السينمائية المصرية، وأخرها فيلم "قابل للكسر"، الذي حصدت عنه الفنانة حنان مطاوع جائزة أفضل ممثلة، من مهرجان الأمل السينمائي الدولي بالسويد، مطلع شهر سبتمبر الماضي، ما يعني أننا نمضي على الطريق الصحيح.  

- هل هناك تقصير في تسليط الضوء على هذه النماذج؟ وهل نعيش أزمة "الترند"؟

 

لدينا أزمة حقيقية تتمثل في السباق الذي تخوضه بعض المنابر الإعلامية، تجاه كل ما هو غريب، وهو ما أفقد الرسالة الإعلامية التي تقدمها تلك المنافذ من مضمونها، والدليل ما حدث في مهرجان مسرح الشباب الدولي الأخير بشرم الشيخ، الذي شهد عشرات الندوات الثقافية، التي تناولت بالنقد والتحليل عدد كبير من روائع الكتب والنصوص المسرحية، بمشاركة مؤثرة وفاعلة لمخرجين عالميين، ورغم ذلك لم تحظى بالقدر الكافي من الاهتمام، في الوقت الذي تسابقت فيه مئات الكاميرات والعدسات، لتغطية فساتين "الجونة" وسهراتها، وهو الأمر الذي يكشف فارق التناول وأزمة "الترند" التي نعيشها.  

 

- بالحديث عن مهرجان الجونة والضجة المثار ة حوله.. ما الذي مثلته هذه الفعاليات للسينما المصرية سلبًا وإيجابًا؟ 

 

دعنا نتفق أن كل شيء من حولنا له جوانب سلبية وأخرى إيجابية، والعبرة في النهاية تكون بكيفية التناول، فهذا المهرجان يمثل إضافة للسينما المصرية، وهناك أفلام ومخرجين كِبار يسعون لتواجد العرض الأول لأفلامهم عبر بوابته، ما يعني نجاحه في فرض هويته على الساحة الدولية، علاوة على المعارض المحترمة التي يشهدها، وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، المعرض الذي تم تنظيمه خلال العام الماضي، لأعمال مهندس الديكور العبقري أُنسي أبو سيف، والتي كشفت عن الجواهر الفنية التي يزخر بها تاريخ السينما المصرية، ومعرض آخر تم تخصيصه لأعمال إحسان عبدالقدوس، الأديب النابه الذي سبق عصره بعشرات السنوات، وكلها فعاليات شهدتها أروقه مهرجان الجونة، ولكنها لم تحظى بالتغطية المطلوبة. 

 

- ألا تتفقين أن بعض الفنانين ساهموا بمظهرهم في صنع تلك الأزمة؟

 

جرى العُرف والعادة في مثل هذه المهرجانات على الظهور بشكل مختلف، وأرى أن ملابس النجوم ومظهرهم يدخل ضمن نطاق الحرية الشخصية، وكان ينبغي على الوسائل الإعلامية التي تواجدت لتغطية الحدث الاهتمام بالرسالة والمضمون وتناول الإيجابيات والأمور الثقافية التي تعود بالنفع أكثر من المظاهر والقشور الشكلية التي لا تفيد.  

 

- ولكن الحرية الشخصية لها حدود ترتبط بثقافتنا ومعتقداتنا.. ألا يشكل هذا الفارق قيدًا يفرض علينا الاختلاف؟ 

 

لو كان الأمر كذلك فالأمر مآله لللعرف والعادة، والتي تُعطي الدول الساحلية مساحة من الاختلاف والحرية، وهو الأمر الذي عايشه جيلنا بارتداء "المايوه" الذي كان معروفًا ومنتشرًا على شواطئنا.

 

- من حديثك فهذا يعني أن لكل مقام مقال.. وهنا فالمايوه مكانه الطبيعي على الشاطىء وليس قاعات العرض والمهرجانات؟ 

 

مهرجان الجونة اُقيم في مدينة موجودة على الشاطىء، ونجومه يقضون قسطًا كبيرًا من وقتهم هناك بـ"المايوه"، فما المشكلة في الملابس "المفتوحة"، الأزمة من وجهة نظري تعود لتغير المفاهيم ووجهات النظر، علاوة على الدور السلبي الذي تلعبه السوشيال ميديا.

 

- "الزمن هو الصخرة التي تتحطم عليها أحلام النجوم".. كيف يتخطى الفنان أزمة التقدم في العمر وانحسار الأضواء؟

 

هذه هي سُنة الحياة، والأمر ليس مقصورًا هنا على الفن وحده، فالأمر عينه يسري وينطبق على باقي الأشياء من حولنا، بدءًا من المعلم ومرورًا بالطبيب والمهندس والسياسي، وهو الحقيقة التي لا يمكن تجاوزها شئنا ذلك أم أبينا، ورد الفعل تجاه التعامل مع معادلة الزمن والعمر يختلف من فنان لآخر وفقًا لقناعته الشخصية، فهناك عباقرة قرروا الاعتزال وهم في أوج صحتهم وعطائهم الفني مثل شادية، وهناك نجوم كبار حافظوا على مكانتهم، وواصلوا العمل حتى الرمق الأخير ولنا في القديرة "فاتن حمامة" الأسوة والعبرة، فيما قدم آخرون الكثير من التنازلات، وقَبِلوا بالظهور في أدوار لا تتناسب مع تاريخهم الفني، في النهاية هي قرارات وقناعات لا يمكن تعميمها، ولا يتحمل نتائجها سوى صاحبها فقط.

 

- وماذا عن قناعة إلهام شاهين الشخصية حول هذه الإشكالية؟

 

الأزمة تكمن دومًا في مدى توافر النص الجيد، والتوازن بينه وبين عُمق الفكرة التي يناقشها العمل، والتي تدفعني لمواصلة العطاء بغض النظر عن مساحة الدور، وهو الأمر الذي لا يتوفر حاليًا بذات السهولة التي تطرح بها السؤال. 

 

- لك عدة تجارب مع عالم الغناء فلماذا لم يتم تنميتها واستثمارها؟

 

الأمر مرهون بظروف السوق والصناعة ككل، والتي قضت بانتهاء ظاهرة المسرحيات والأفلام الاستعراضية، نظرًا لكلفتها العالية والتي تمثل عبئًا مُضاعفًا على من يتصدر لعملية الإنتاج.

 

- بعد رحلة فنية طويلة هل ما زال لدى الفنانة إلهام شاهين ما لم تقدمه بعد؟

 

ما زالت داخلي طاقة فنية، وطموحات تجاه تقديم وطرح عشرات القضايا التي تشغل ذهني، وتعبر عن قضايا المرأة ومشاكلها ومعاركها مع الحياة.

 

- وماذا عن مشاريعك الفنية التي لم تتحقق أو ترى النور؟

 

كان لدي حلم ورغبة بتجسيد شخصية "الملكة حتشبسوت" في عمل سينمائي، وكان لدي سيناريو جاهز بالفعل، عرضته على المخرج العالمي الراحل يوسف شاهين، والذي طلب إجراء بعد التعديلات على النص، وأعطاني وعدًا بالشروع في تنفيذه، عقب الانتهاء من فيلم "هي فوضى"، ولكن القدر لم يمهلنا الفرصة لتنفيذه، بسبب تدهور حالته الصحية، ليلقى ربه بعدها بفترة قصيرة، ونفس الأمر تكرر مع شخصية تاريخية أخرى، وهي الملكة "شجر الدُر"، والتي عرض عليَ الاستاذ يسري الجندي، فكرة تجسيدها في عمل درامي، قبل أن تتعثر التجربة لظروف إنتاجية، وهو اللون الوحيد الذي لم أقدمه طوال مسيرتي الفنية.  

 

- هل أحبط الفن تحقيق أحد أحلامك المشروعة كإنسانة؟

 

لم يكن لدي أي أحلام سوى تحقيق طموحي الفني فقط، ولم يكن لدي أي أحلام أخرى سواه.

 

- أخيرًا.. نصيحة توجهينها لجيل شباب الفنانين الذين ما زالو يتلمسون طريق الأضواء والشهرة؟

 

عدم التسرع وحُسن اختيار ما يقدمونه للجمهور، فدور صغير "ناجح"، أفضل من عشرات الأدوار ذات المساحة الكبيرة، في أعمال فارغة من المعنى والمضمون، وهذا هو مبدأي الشخصي الذي حرصت على الالتزام به طوال مشواري.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز