عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
الكتاب الذهبي
البنك الاهلي

رسّخت مبدأ الوحدة الوطنية بالفن الحضارة المصرية لا تــعرف الطائفية

الفنان طه القرنى
الفنان طه القرنى

خريطة المصريين الجينية بعيدة تمامًا عن الطائفية أو العنصرية، والتاريخ خير شاهد على أنهم كانوا دائمًا شعبًا واحدًا، وحققوا المواطنة وقبول الآخر قبل كتابة الدساتير، وانتصر المصريون على مؤامرات الفتنة الطائفية مستخدمين سلاح "الوحدة الوطنية"، وهو الأقوى؛ لأنه ليس شعارًا يخص مرحلة أو فترة؛ إنما مبدأ راسخ فى ثقافة وفى الذاكرة الجمعية للمصريين.



والحضارات بما تركته من إرث ثقافى موروث رسّخت لمبدأ الوحدة بالفن، فنجد التأثير المتبادل بين  الفن القبطى والفن الإسلامى مثلًا فى وحدات الزخرفة.

 

بعض الرموز التي تمت إعادة صياغتها لتتفق مع هوية المعتقد الإسلامى، وفى مسجد الرفاعى ومسجد ابن طولون نقوش لطيور وأسماك ترجع للمصري القديم وللفن القبطى، كرمز ودلالة، وكأنه حوار فنى بين الأديان يشير للتسامح والصفاء والوئام، كما أن النصوص القبطية تستخدم اللغة العربية؛ ولهذا فإن الحضارات الإنسانية لا تعرف الطائفية.

 

الفنانة نادية يسرى

الفنانة نادية يسرى

 

يحيا الهلال مع الصليب

الرمز هو شكل أو علامة أو إشارة، منها مثلًا رموز هندسية أو نباتية أو خطية وغيرها، وكل رمز يخص حضارة وله دلالة وفلسفة، ويجمع الفن بين الرموز ويمنحها صفة التوافق والتلاحم والتواصل؛ لينتج رمزًا مُعبرًا عن لغة بصرية مشتركة يعتمد عليها الفنانون فى لوحاتهم، وهذه الرموز هى جزء من تراث التسامح الراسخ فى الثقافة المصرية، وفى وجدان الشعب المصري.

وإيمانًا من التشكيليين أن "الوحدة" تشكل رموزها دون تمييز، وأن "الوطنية" تتجسد فى أرض مصر بقيم الانتماء والولاء، قاموا باستلهام الرموز القبطية والإسلامية معًا فى أعمالهم الفنية.

من أشهَر هذه الرموز (الهلال مع الصليب)، الذي تصدَر المشهد المصري منذ ثورة 1919، ورافق هذا الرمز رمزٌ من المصري القديم مثل "مفتاح الحياة" ليصبحا رموز الحضارات الثلاثة (المصري القديم والقبطى والإسلامى)؛ تجسيدًا لمعنى وطن واحد.. هذه الوحدة الفنية غرست التناغم والانسجام بين مفردات الدين ومفردات الفن.

وفى إحدى لوحات الفنان الدكتور "أحمد عبدالكريم"، عاشق الحضارات الثلاث "المصرية القديمة" و"القبطى" و"الإسلامى"، جمع بين رموز الحضارات فى تواصُل وتحاوُر فى شكل وجه امرأة من المصرية القديمة رمزًا لمصر، ترتدى قلادة مكتوبًا عليها "بحبك يا مصر"، ومرسومًا بداخلها الهلال مع الصليب.

والفنان القدير "حلمى التونى" لا تخلو معارضه من وجود لوحات تعبّر عن الوحدة الوطنية، ويرسمها بأسلوبه البسيط والبليغ والمختزل فى استخدامه للرمز؛ ليسهل بذلك توصيل رسالته إلى الشعب المصري.

فى السياق الوطني نفسه؛ الفنانة "نادية سرى"، التي تختص معارضها بجزء عن الوحدة الوطنية من خلال الرموز القبطية والإسلامية والمصرية القديمة، وفى إحدى اللوحات جعلت الأرض الزراعية مقسّمة على شكل الهلال مع الصليب، وأطفال يلهون، أحدهم يحمل صليبًا والآخر هلالًا فى حالة تآخ ومَحبة.

والفنان د."أشرف عبدالقادر"، جمع فى لوحاته بين الكتابات بالأحرف العربية والزخاف الإسلامية النباتية، وبين "وجوه الفيوم" الرمز الأيقونى القبطى؛ لتأتى اللوحة برسالة للعالم بأن مصر عرفت المواطنة منذ بداية التاريخ.

أمّا الفنان المميز "عمر على الفيومى"؛ فقد اتخذ من "وجوه الفيوم" مشروعًا لمسيرته الفنية، ودائمًا ما يقدمها بشكل مبدع إلى حد أنها اقتربت فى لوحاته من الملامح المصرية الأصيلة، تعبيرًا عن امتداد الجينات.

والفنانة "كاريل حمصى"، ترتكز فى لوحاتها على وجود الحضارات برموزها؛ فجمعت فى إحدى لوحاتها بين الرمز القبطى لشكل المَلاك والكتابات الإسلامية، ويتوسط اللوحة امرأة مصرية حولها إضاءة ونور "النجمة الذهبية" رمز المصري القديم، وعلى جانبى اللوحة جنود الجيش المصري دفاعًا عن الأرض.

الفنان حلمى التونى

الفنان حلمى التونى

 

المصريون شعب واحد  

لأن قناعات الفنان ترفض الإرهاب والتطرّف الفكرى، ودائمًا ما تكون دعوته للسلام؛ فإنه لا يقف متفرجًا عند وقوع أحداث العنف والتطرف؛ وإنما يُعبر عن موقفه من خلال أدواته الفنية، وهو ما يُعبر عنه الفنان "طه القرنى"، الذي رسم الشيخ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبجواره البابا شنودة الثالث، ويبدو على كليهما حالة حزن، وخلفهما عَلم مصر وشعب مصر، وورقة مكتوب عليها (مسلم مسيحى إيد واحدة)، وذلك فى جداريته الكبيرة، وكتب "القرنى" على هذه اللوحة: "سيظل الهم واحدًا والألم واحدًا، ويظل الوطن فى قلوبنا جميعًا، نعزى أنفسنا، ولن يهزمنا إرهاب، وستبقى مصر أقوى من الجميع".

والفنان د. "رضا عبدالرحمن"، قدّم أعمالًا فنية مختلفة ومتميزة، تُعبر عن رفضه للعنصرية، منها لوحة رسم بورتيريه شخصى لنفسه مرتين، مرة يرتدى ملابس شيخ أزهرى، والثانية يرتدى ملابس قسيس؛ لإيصال رسالة أننا شعب واحد، وفى لوحة أخرى رسم نفسه أيضًا وهو يضع على وجهه علامة الصليب تعبيرًا عن تضامنه مع شهداء الكنائس.

على جانب آخر ومن خلال مشاركة مبهجة تدعو إلى روح المحبة بين عنصرَى الأمّة، عَبّر الفنان د. "محمد عبلة"، فى أكثر من لوحة عن الوحدة الوطنية، ففى أحد أعماله رسم "شيخ وقسيس" وبينهما مجموعة من الزهور، وقدّمها إهداءً للشعب المصري فى أحد الأعياد الدينية، وكتب عليها "عيد سعيد على الكل".

رحلة العائلة المقدسة فنيّا 

جاءت العذراء مريم ويوسف النجار والطفل يسوع باحثين عن الأمان فى مصر، وقد ذكر فى القرآن الكريم: " ادخلوها بسلام آمنين"، وذكر فى الإنجيل: "مبارك شعبى مصر".. نعم مصر المحروسة بأهلها أقباطًا ومسلمين.

ومن وحى هذه القيمة عام 2009  قرر الفنان د."شادى أديب"، إتمام معرض خاص عن رحلة العائلة المقدسة، استكمالا لتكريم والده صاحب إصدار عن مسار الرحلة، وحرص التشكيليون مسلمين وأقباطًا على المشاركة منذ انطلاق الدورة الأولى للمعرض، كون الرحلة حدثًا مُلهمًا ومُهمّا. 

واستمر انعقاد المعرض بفضل الفنان "شادى أديب"، وفى كل دورة يزداد إقبالًا من الفنانين، وتتنوع المجالات الفنية (الرسم، والتصوير، والنحت، والخزف)، لكن الفعالية توقفت عام 2012 نظرًا للظروف التي مرت بها مصر، وبعد سبع سنوات عاد المعرض عام 2019، وانعقدت دورته الخامسة مؤخرًا فى 2020 "أون لاين" بسبب وباء "كورونا"، بمشاركة 64 فنانًا من 17 دولة، من بينها مصر، وإيطاليا، وألمانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، وبنجلاديش، والهند، وأرمينيا، وكندا، والفلبين، والدنمارك، ومن الفنانين الذين شاركوا فى بعض الدورات مصطفى الرزاز، وشادى أديب، وأشرف عبدالقادر، وعمرو سلامة، ومحمد العسيوى، وأحمد بركات، وهشام نوار، ومرفت الشاذلى، وشادى أديب، وعماد عبدالوهاب، وخالد حافظ، وخالد سراج، وأيمن السمرى، ودينا محمود، وسارة بدير، وآخرون.

 

الفنان أشرف عبدالقادر

الفنان أشرف عبدالقادر

 

المشروع القومى لرحلة العائلة المقدسة 

   واستكمالًا لوجود رحلة العائلة المقدسة فى المعارض الفنية، منحت القيادة السياسية اهتمامًا كبيرًا بملف "إحياء مسار رحلة العائلة المقدسة" كمشروع قومى يؤكد للعالم أن مصر ستظل بلد السلام والمحبة والتآخى، وبتوجيهات تم ترميم وصيانة بعض أماكن مسار الرحلة، وتوثيق مسارها فى 25 موقعًا، وهى مجموعة من الكنائس والأديرة وآبار المياه من ساحل سيناء شرقًا إلى دلتا النيل حتى أقصى صعيد مصر، وفقًا لما أقرته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ووضعت هذه الأماكن ضمن الخريطة السياحية الدولية بوزارة السياحة والآثار، وفى أكتوبر 2017 وبموجب بروتوكول تعاون بين مصر وبابا الفاتيكان، تم اعتماد مسار الرحلة، وإدراجها ضمن الحج الفاتيكانى.

 

من الكتاب الذهبى

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز