عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
ثورة 30 يونيو منتدى شباب العالم
البنك الاهلي
كُن حكيم اليوم لا ذكي الأمس.. كُن بذرة شجرة المُستقبل.. منتدى شباب العالم  "2-3"

كُن حكيم اليوم لا ذكي الأمس.. كُن بذرة شجرة المُستقبل.. منتدى شباب العالم "2-3"

في الحلقة الأولى من سلسلة مقالاتي تلك عن مُنتدى شباب العالم، لخصت عظمته في كونه فكرة مصرية، صناعة وطنية خالصة، باتت مؤسسة تأثير عالمية، تعرف بها الأمم المتحدة، وتضع توصياتها موضع التقدير والاعتبار.



كما تجلت عظمة ذلك الإنجاز، الذي سجلته صفحات التاريخ، في قدرة الدولة المصرية،  على تحويل محنة الأمس إلى منحة اليوم والغد المقبل.

 

المحنة تمثلت في سخط شباب الوطن رفضًا لمجريات الحياة السياسية، التي بلغت ذروتها في 25 يناير 2011، وما تلاها من محاولات تحريض لقطاعات واسعة من الشباب، ضد استراتيجيات دولة 30 يونيو الإصلاحية.

 

بينما المنحة: في ذلك الإنجاز التاريخي، في غزل نسيج الوطن بكل مكوناته، وفي القلب منه الشباب الأكثر قدرة ونشاطًا وحماسًا، على العمل والعطاء، ليتحول معوق مستهدف تزييف وعيه، لإنتاج سلوك هدام، إلى قوة بناء وتنمية محليًا، وأحد الأعمدة القوية في قدرة مصر الناعمة في سياساتها الخارجية.

 

ليتحقق الهدف الأسمى، من استراتيجية دولة 30 يونيو بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، تعظيم القدرة الشاملة للدولة، وفي القلب منها القوة البشرية، وفي صدارة قوة البشر، شباب الوطن، فهو القوة الدافعة، البذور التي تنبت منها أشجار المستقبل وثمار الأمل والبناء والنماء.

 

نجحت دولة 30 يونيو، في انتزاع شبابها، من مخالب المتآمرين، لأنها لم تكتفِ بالشكوى من مخاطر المخططات المعادية، بل عملت على بناء وعي تراكمي، يتضاعف يومًا بعد يوم، بإنجازات حقيقية يراها الشباب رؤية العين على الأرض ويلمسون أثرها.

 

الشباب لمن يُجيد التحليل، ويعشق سبر أغوار القضايا، للوقوف على تشخيص دقيق يتجاوز العَرض إلى حقيقة المرض، ليسوا قطعة واحدة متطابقة المشكلات والتحديات والمطالب، بل هم محيط من ملايين البشر متلاطم الحاجات، والنفسيات، والقدرات، والاهتمامات.

 

شباب يحلم بتغيير العالم، وشباب يحلم بتغيير واقع الوطن، وآخر ينحصر تفكيره في البحث عن فرصة عمل أو سكن، يُحسّن من أوضاعه المعيشية، وآخرون تتخطفهم مخالب الضلالات المذهبية والطائفية، ليحقق محرضوهم مآربهم السياسية.

 

شاب تغازله شعارات الديمقراطية والحرية المدعومة، وشباب تغويه أوهام الدولة الدينية، وشباب يعزف المُحرضين على أوتاره الطائفية، فيعيش في شرنقة الاضطهاد، ووهم الأقلية، وشباب تؤرقه أوضاعه الاقتصادية وتحدياته الاجتماعية، وشباب يملك القدرات والاستعدادات، بيد أنه لا يجد بيئة صحية تعظم إمكاناته وتحولها إلى طاقة إنتاجية.

 

خليط من التحديات، وإن شئنا الدقة الثغرات التي تهدد نسيج الوطن، وقوة دفع قدرته الشاملة، قبل أن تكون ثقوبًا ينفث من خلالها المتربصون والمتآمرون سمومهم لجسد الوطن.

 

هذا الخليط، رغم خصوصية القضايا الشبابية، فهو جزء أصيل من قضايا الوطن، يتأثرون سلبًا وإيجابًا بما يطرأ عليها من معالجات علمية، وقضايا الأوطان ليست بعيدة كل البعد عن القضايا العالمية، في ظل عولمة التحديات والمواجهات، والتغيرات المناخية، جائحة كوفيد 19، الإرهاب، التضخم الاقتصادي، التطور التكنولوجي وأثره على سوق العمل، انقراض وظائف وميلاد أخرى، جميعًا دليل على عولمة التحديات.

 

سأعطيك مثالًا: الإصلاحات الجذرية التي شهدتها مصر دستوريًا، وتشريعيًا، وسياسيًا، وتنمويًا، انعكست بنسب متفاوتة على الشعب كافة، والشباب خاصة، التمكين، والتأهيل، القضاء على العشوائيات، والتوسع في العمران، خلق فرص عمل، الانفتاح السياسي والحوار المُباشر بين القيادة السياسية بأعلى قمة لها، خلق حالة من الوعي والرضاء المجتمعي.

 

استراتيجية 2030، واستراتيجية حقوق الإنسان، تتداخل فيها الحقوق الصحية بالحق في السكن، بحياة كريمة، بحقوق السجناء المدانين قضائيًا، بالممارسة السياسية والمشاركة الواسعة للأحزاب داخل المجالس النيابية، ببناء دور العبادة الإسلامية والمسيحية جنبًا إلى جنب في كل مجتمع عمراني جديد، حرص الرئيس على زيارة الكاتدرائية لتهنئة أبناء مصر في عيد الميلاد المجيد، جميعها ممارسات واقعية فعلية تعكس إرادة سياسية لتقوية نسيج الوطن، عالجت الدولة التحديات، وأغلقت الثغرات، والمنغصات. 

 

معالجة شاملة لقضايا أرّقت الوطن سنوات، فشعر الشباب حقيقة بإرادة سياسية مصحوبة بقدرة حقيقية على الإنجاز والإصلاح، وتهيئة المناخ لاكتشاف المواهب وإعداد القيادات الشابة، وتوفير بيئة الترقي لمن يرغب في تطوير ذاته، والمشاركة في البناء.

 

ليأتي دور الدولة القائدة، الرائدة لتخلق لأبنائها منصة حوار وتفاعل مع شباب العالم، عبر آلية مؤسسية، في نسخها المتوالية، فتزيد من الخبرات، وتناقش برؤية عالمية التحديات التي تواجه العالم والشباب، وفي القلب منهم شباب مصر، سعيًا للسلام.

 

يحقق منتدى شباب العالم جملة من المُكتسبات، الأول يقدم مصر في صورتها الحقيقية، مصر الأمن والأمان، ففي سيناء تُعقد النسخ المتوالية، ويعود المشاركون بما لمسوه على أرض الواقع، ليكونوا رسل الحقيقة في مواجهة أي افتراء.

 

يقدم شباب العالم ثمرة فكرهم عبر مناقشات وتوصيات ترفع للأمم المتحدة، فتحول المنتدى إلى قناة تواصل فعال بين شباب العالم وقادته، ليس بين شباب مصر وقادتهم فقط.

 

باتت مصر دولة ملهمة، تقدم نماذج غير مسبوقة، في توظيف طاقة الشباب ودمجهم في معترك المشاركة في مواجهة تحديات العالم، كما قدمت بالأمس القريب نموذجًا يحتذى في مواجهة الإرهاب دون أن تتوقف التنمية دقيقة واحدة، واليوم عرض الرئيس كيف واجهت مصر جائحة كورونا بهدوء وحرفية، وهي تعمر وتبني.

 

في الجلسة الافتتاحية، كانت أولى الرسائل المصرية قوية، مصر تستضيف شبابًا من 196 دولة من جميع قارات العالم، بلا خوف من جائحة ولا متحورات، يقف إنسان آلي متحدثًا للحضور، عن نفسه وزملائه من الروبوت، المكلفين بتنفيذ خطة الوقاية الصحية والتعقيم، دون أن يغفل ذكر أن أغلبهم صناعة محلية.

 

لمن يدقق، ويعي، هي رسالة، وعين يقين، يراه رواد المنتدى، مفادها أن مصر دخلت ببدء جمهوريتها الجديدة، عصر التكنولوجيا من حيث انتهى الآخرون، التنظيم ذاته في ظل جائحة عالمية جزء من قدرة شاملة لدولة في ظل جائحة أربكت دولًا عظمى، بل وإصرار على مواصلة ما بدأه منتدى شباب العالم لتعزيز السلام وبلوغ عالم أفضل.

 

ذلك العالم المنشود، عالم يعمه السلام، يتعاون فيه البشر للتنمية، لا الحرب والتدمير، تلك رسالة أخرى وجدتها واضحة جلية في الجلسة الافتتاحية، التي وقف فيها ثلاثة شباب على مسرح القاعة، يتحدثون، فهم مندوبون عن العصر الحالي، وعلماء يمثلون حكمة الماضي، بتقنية الهولوجرام يقدمون خبرًا للتاريخ.

 

هؤلاء الذين تم استدعاؤهم لتصل الرسائل لشباب العالم وقياداته على ألسنتهم، يمثلون العالم، ألبرت أينْشتاين عالم فيزياء ألماني المولد، سويسري وأمريكي الجنسية، يمثل الغرب، والعلامة ابن رشد، ممثلًا لحكمة وحضارة الشرق، والفهم الصحيح للإسلام، والأم تريزا القديسة الراهبة الهندية الحاصلة على جائزة "نوبل" للسلام 1979، ممثلة لقارة آسيا والفهم الصحيح للمسيحية.

 

ذلك الإبداع في استخدام أحدث تكنولوجيا العصر، في استدعاء حكمة وخبرات الماضي، ورسائله شهادة نجاح وعبقرية لمنتدى شباب العالم لا يمكن أن تخطئها عين مُنصف خبير.

 

الوباء.. فاصل ونواصل الحروب والتاريخ

 

رسائل الماضي جاءت قاطعة، أملًا في أن يستفيد منها العالم المعاصر، فقد نبذت الحروب، التي تتوقف فقط عندما يواجه العالم أزمات، مثل جائحة كورونا وقبلها الطاعون والأنفلونزا الإسبانية، لكن التاريخ يقول: إن مواجهة "الوباء فاصل ونواصل الحروب".

 

لماذا؟ 

 

لأننا نحن البشر نتكاتف في الأزمات ثم سرعان ما نعود للصراعات.

 

هل التاريخ يُعيد نفسه؟ 

 

التاريخ لا يعيد نفسه، بل الإنسان هو الذي يكرر أخطاءه، فقراراته هي ما تصنع التاريخ.

 

يقول شباب العالم: قراراتنا اليوم هي التي ستصنع ما سيكون في قادم الأيام تاريخًا.

 

يقول: أينْشتاين: التفكير الصحيح يكون من خلال تحطيم القوالب.

 

وتوصي الأم تريزا: الحياة ثمينة لا تهدروها. 

 

ويتساءل شباب العالم: لماذا نحارب بعض، طالما نستطيع أن نعيش مع بعض. 

 

تؤكد الأم تريزا: الحرب كتير دمرت عمرها ما عمرت. 

 

يقدم ابن رشد خلاصة الحكمة: 

 

بالأمس كنت ذكيًا أردت أن أغير العالم. 

 

اليوم أنا حكيم سأغير نفسي. 

 

فلتكن حكيم اليوم لا ذكي الأمس وابدأ بنفسك.

 

وما أخطرها الصراعات التي دمرت العالم والأوطان بتشخيص خاطئ للتحديات والقدرات، فالحكمة تقتضي لمن يريد إصلاح العالم أن يبدأ بتغيير نفسه، إذا غيّر الشباب أنفسهم إلى الأفضل سيتغير العالم.

 

يختم شباب مصر منظمو المنتدى رسالتهم لأشقائهم في مصر والعالم: "بذرة اليوم شجرة مثمرة في المُستقبل، أنتم البداية.. بداية ما سينعم به أبناؤكم وأحفادكم، بكرة بيبدأ من النهارده، البداية كانت من هنا، من مصر مهد الحضارة، من منتدى الشباب".  

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز